فيما اعتبر تقرير «الشال» أن أهم قواعد التخطيط المالي ضمان استقرار حصيلة تمويل الموازنة العامة، ما يعني ضمان محدودية التذبذب الحصيلة على المدى القريب، واستدامة تلك الحصيلة على المدى المنظور، لفت إلى أن الكويت، التي تعتمد بنحو 90 في المئة من جملة إيرادات الموازنة على إيرادات النفط، لا تملك سيطرة على حدة تذبذب تلك الحصيلة على مدى سنة مالية واحدة، ولا الحد الأدنى من ضمان استدامة تلك الحصيلة على المدى المنظور.
وذكر «الشال» أن سعر برميل النفط الكويتي في ما مضى من عام 2024 راوح بين 91.4 دولار بتاريخ 5 أبريل في أعلى مستوى له، و70.9 دولار في أدنى مستوى له بتاريخ الأول من أكتوبر الجاري. الهامش ما بين أعلى وأدنى سعر بلغ 20.5 دولار، أي أن الموازنة العامة تحولت من فائض محتمل بحدود 462.3 مليون دينار عند أعلى سعر، إلى عجز محتمل بحدود 5.4 مليار دينار عند أدنى سعر، بينما بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي منذ بداية يناير حتى نهاية الأربعاء الفائت الموافق 23 أكتوبر الجاري نحو 82.3 دولار.
حدث ذلك إضافة إلى خسارة الكويت نحو 135 ألف برميل يومياً أو نحو 5.3 في المئة من حصتها الإنتاجية وفقاً لاتفاق أوبك+ بدءاً من شهر مايو من السنة الحالية. وباستثناء فترة قصيرة في أبريل، كان سعر برميل النفط الكويتي دون سعر التعادل الرسمي للموازنة العامة البالغ 89.8 دولار، وإدمان الاعتماد على النفط واستمرار هبوط إيراداته نتيجة هبوط الأسعار ومستوى الإنتاج، أدى بالكويت إلى أن تصبح الاقتصاد الوحيد ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي الذي يقدر له نمو بحدود – 2.7 في المئة لعام 2024.
واعتبر أن ما بين هذا المستوى من التذبذب الحاد في أسعار النفط، واستمرار المستوى غير المسبوق من اعتماد المالية العامة والاقتصاد عليه، يحتاج الأمر إلى ساحر لضبط التخطيط المالي، ومع غيابه، يصبح استقرار الكويت الاقتصادي والاجتماعي والسياسي مرتهن بما ليس لها قدرة على التأثير في حركته، وخياراتها تصبح محدودة ما بين تسييل متصل لمدخراتها، أو ولوج مصيدة الدين العالمي كما فعلت في عام 2017، وهو خيار بين السيئ والأسوأ.
وإذ لفت التقرير إلى أن الاهتمام بالطرق والنظافة والزراعة وغيرها، أمر طيب ومستحق وتدهورها في الأساس لم يكن من المفروض أن يحدث، ولكنها ليست قضية الكويت الرئيسية، وإنما مجرد مكملات لها، فالكويت بلا رؤية تضمن استقرارها، ولا بد من التوقف على ترديد شعار كويت 2035 أو كويت جديدة، فلا يزال مجرد شعار وكل مستهدفاته أصبحت أبعد عن التحقق الآن من بداية زمن إطلاقه.
أداء اقتصادات الإقليم
وفي تناوله لتقرير أكتوبر الجاري للصندوق، الذي توقع نمواً موجباً لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي 2024 و2025، مع استثناء وحيد في عام 2024 للكويت الذي يتوقع لاقتصادها انكماشاً بحدود – 2.7 في المئة يعاود بعدها النمو الموجب.
توقعات معدلات النمو 2024
حققت الإمارات أعلى توقعات لمعدلات النمو لعام 2024 وبحدود 4.0 في المئة، وكانت الاستثناء الوحيد التي حققت زيادة في التوقعات للعامين ما بين تقريري أبريل وأكتوبر وبنحو 0.5 في المئة و0.9 في المئة للعامين على التوالي.
ثاني أعلى توقعات النمو 2024 حققتها البحرين وبنحو 3.0 في المئة وإن بانخفاض بحدود -0.6 في المئة لتوقعات تقرير أكتوبر مقارنة بتوقعات تقرير أبريل.
ثالث أعلى التوقعات لأداء 2024 لكل من قطر والسعودية وبنحو 1.5 في المئة، ولكن بانخفاض عن توقعات تقرير أبريل بنحو -0.2 في المئة لقطر وبنحو – 1.1 في المئة للسعودية.
وتأتي عمان خامسة بتوقعات النمو 2024 بنحو 1.0 في المئة وبانخفاض بنحو -0.2 في المئة عن توقعات تقرير أبريل.
وحصلت الكويت على توقعات بأداء سالب وبحدود -2.7% وبانخفاض هو الأعلى مقارنة بتقرير أبريل الفائت وبنحو – 1.3 في المئة، عندما كانت توقعات نمو اقتصادها بالسالب أيضاً ولكن بنحو -1.4 في المئة.
توقعات معدلات النمو 2025
وتبدو توقعات أداء عام 2025 للدول الست أفضل، وكلها موجبة، أعلاها للإمارات وبنحو 5.1 في المئة، ثم للسعودية وبنحو 4.6 في المئة وإن بانخفاض بنحو -1.4 في المئة مقارنة لتوقعات تقرير أبريل الفائت، ثم الكويت بنحو 3.3% وإن بانخفاض عن توقعات تقرير أبريل بنحو -0.5%، ثم البحرين بنحو 3.2%، ثم عمان بنحو 3.1%، وأخيراً قطر بنحو 1.9% وبانخفاض بنحو -0.1% عن توقعات تقرير أبريل.
وتبدو نسب التغيير في التوقعات ما بين تقريري أبريل وأكتوبر لدول مجلس التعاون الخليجي هي الأعلى وبالاتجاه السالب، ومسببات التغيير هي تطورات كل من سوق النفط حيث لم ينجح خفض الإنتاج في دعم الأسعار التي هبطت أيضاً، وقربها من مواقع العنف الجيوسياسي واحتمالات توسعه. لذلك، قد يذهب التغيير في أي من الاتجاهين في تقرير قادم، لأن مساراً مسببا التغيير يصعب جداً التحكم بهما ما يجعل توقعات حركتهما أمراً قد يستحيل التنبؤ بها بقدر مقبول من الثقة.
أداء الاقتصاد العالمي:
ترجيح الهبوط الآمن
تناول تقرير «الشال» تقرير صندوق النقد الدولي حول الأداء المحتمل للاقتصاد العالمي، ومازال الصندوق يعتقد بأن الهبوط الآمن هو المرجح، ويتوقع لاقتصاد العالم أن يحقق معدلاً متساوياً للنمو لعامي 2024 و2025 وبحدود 3.2% بخفض طفيف بحدود -0.1% لعام 2025 عن تقديرات تقرير يوليو الفائت.
ويرجح الصندوق الهبوط الآمن لاقتصاد العالم وإن بتفاوت كبير بين المستفيدين والمتضررين، وبمعدلات نمو أدنى من معدلات النمو التاريخي ما قبل الجائحة، ولكنه هبوط آمن مهدد بمخاطر أكثر من أي وقت مضى.
توقعات ثابتة
للاقتصادات الناشئة
ظلت التوقعات لمجموعة الاقتصادات الناشئة والنامية وعلى رأسها الصين ثاني أكبر اقتصادات العالم والهند خامس أكبر الاقتصادات، ظلت ثابتة تقريباً عند 4.2 في المئة لعامي 2024 و2025، طالها فقط توقع بانخفاض طفيف في عام 2025 وبحدود -0.1 في المئة مقارنة بتقرير يوليو.
الثقل الاقتصادي
مستقبلاً… إلى الشرق
توقع التقرير أن يحقق الاقتصاد الصيني معدلاً للنمو بحدود 4.8% و4.5% للعامين على التوالي.
ورغم انخفاض مستوى النمو كثيراً عن معدلاته التاريخية، إلاّ أنه يظل نحو 2.6 ضعف معدلات النمو المتوقعة للاقتصادات المتقدمة، ونحو 1.7 ضعف توقعات أداء الاقتصاد الأميركي البالغة نحو 2.8% لعام 2024 و2.2% لعام 2025. بينما مازالت الهند خامس أكبر اقتصادات العالم متوقع لها أن تحقق معدلات نمو مرتفعة وبحدود 7.0% لعام 2024 و6.5% لعام 2025، ويبدو أنها في الطريق إلى تكرار ظاهرة النمو الصيني المرتفع والمتصل بدءاً من ثمانينات القرن الفائت، وتفوق معدلات نمو الاثنين، يعزز من حقيقة انتقال الثقل الاقتصادي في المستقبل إلى الشرق، بعد أن انتقل منه إلى الغرب منذ بداية القرن التاسع عشر.
مجموعة مخاطر
ترفع حالة عدم اليقين
يسرد تقرير الصندوق مجموعة من المخاطر بما يوحي بارتفاع كبير لحالة عدم اليقين، قد يقوض من فرص الهبوط الآمن الموعود، أولى المخاطر، احتمال تكرار حالة الفزع التي حدثت في بداية أغسطس الفائت في أسواق المال الرئيسية، ثاني المخاطر، توقف هبوط معدلات التضخم وبدء ارتفاعها إن توسعت الأحداث الجيوسياسية، ثالثها، تعرض القطاع العقاري الصيني لأزمة أكبر مما هو متوقع، ورابعها الآثار المحتملة للحجم القياسي لديون العالم.
معدلات النمو الخليجية 2024 – الإمارات الأعلى بـ 4 في المئة – البحرين الثاني بنحو 3 في المئة – قطر والسعودية الثالث بـ 1.5 في المئة – عمان خامسة بنحو 1 في المئة
الرأي الكويتية