هاني سليمان الحلبي*
لم تُعِقْه سنواته الحادية والستون عن خوض الميدان مقاتلاً مشتبكاً في المتراس الأول من مخيم جبا!ليا، بين أقرانه القادة والفدا1ئيين.
ولم تمنعه مهامه القيادية الكثيرة وأثقالها الهائلة على جناحيه من أن يكون نسراً يقود النسور في حرب التحرير الفاصلة بين عهد الاحتلال وعهد الحرية بطوفانها الأقصى حتى الأقصى وما بعده..
ولم يمنعه الأسر الذي تحرّر منه بصفقة التبادل العام 2011 عن أن يعود إلى الميدان قائداً ومسؤولاً ومنافساً بالانتخابات على المسؤوليّات العليا وصولاً إلى أن يكون المثلث الأعلى للقيادة بواحد فيستعيد الحركة من انزلاقها أداة بيد العدو والرجعية العربية والإسلام السياسي، إلى محور المقا1ومة لتكون حربته في ظهر العدو وفي صدره معاً ولتخوض حربها الهجومية لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني.
ارتقى يحيى ا1لسنوار، الرمح الفلسطيني الأسمر، الرشيق القوام، الحاد النظرات، الصارم الوجه، شهيداً ملثماً بالبطولة، مقاتلاً ملفعاً بغبار المعارك ودخان القصف، غير هيّاب ولا متردّد، واثقاً أن فل(سطين ولادة الأبطال والقادة لا تخذل ناسها ولا حماسها ولا رجالها ولا أبطالها، ولا تسمح لطوفانها أن يجفّ بعدما بلغ سيله زباه طيلة أكثر من سنة على الامتداد والعصف.
ارتقى ا1لسنوار هازئاً بعشرات الأجهزة الأمنية، الأجنبية الغربية والعربية العبرية المتواطئة، الإسرائيلي والأميركي والبريطاني والفرنسي والإيطالي والقطري والسعودي والمصري والإماراتي والأردني والفلسطيني المأجور وغيرها، لأنها عجزت عن كشف موقعه وحركته ورصده طيلة أكثر من سنة من البحث كمن يبحث عن إبرة في بيادر الغلال، وقد اتهموه أنه في أعماق الأنفاق الحصينة محاطاً بأسرى العد.و دروعاً بشرية، وأنه ربما قتل لأنه في صمت مطبق منذ فترة طويلة، ووصل بهم الأمر إلى تلفيق مطلب غريب وغير عاديّ، منذ يومين، زاعمين أنه طلب من العدو ضمانات لحياته الشخصية!!!
لتأتي المفاجأة صفعة مدوّية على الوجوه والجبهات أنهم كاذبون منافقون وصغار جداً أمام مهابة البطل المقاتل وعظمة القائد الشهيد. أن مَن كان في مقامه ومكانته ومهابته لا يمكنه أن يحفل بحياته الشخصية ولا يمكن أن يميّز نفسه عن أصغر مقاتل مشتبك من رجال القسام وغيرهم، بل هو في غمار الميدان يخوض لهيبه وغباره ودخانه وناره وما همّه أن يخرج حياً أو يتطاير أشلاء، في كل حال تبقى عينه على فل(سطين حرة عزيزة منتصرة.
عجزت الأجهزة وخابت الدول، وانتصرت حماس وارتقى سنوارها شهيداً ملء التاريخ والحضور.. تاركاً لرجاله وشعبه الراية خفاقة ونصراً مخضباً بدماء أكثر من 50 ألفاً من الشهداء الميامين و100 ألف من الجرحى.
ارتقى ا1لسنوار بطلاً وفرض حقيقته على هذا الوجود لتقوم فل(سطين قضية وتنتصر، ولتبقى الثو.رة لاهبة ووقّادة.. والبقاء للأمة.
*اعلامي – ناشر ومدرب.