أفاد تقرير حديث بأن الأداء الاقتصادي في الكويت كان ضعيفاً على مدى السنوات القليلة الماضية، بعد أن تقيَّد النمو بتخفيضات إنتاج النفط المرتبطة بمنظمة أوبك، بالتزامن مع عودة الإنفاق الاستهلاكي إلى مستوياته الطبيعية بعد ارتفاع ما بعد كوفيد – 19.
يرى تقرير مجلة «ميد» أن الجمع بين عملية صنع القرار الأكثر تبسيطاً والدعم التنفيذي القوي والحكومة الأكثر استقراراً والاتفاق الواسع النطاق حول مجالات الإصلاح الرئيسية يمنح الكويت أفضل فرصة لها لتحقيق تقدم جدي منذ سنوات، وهو ما قد يدفعها للعودة إلى دوري النمو في دول الخليج.
وأضاف أن متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بلغ %0.4 فقط على أساس سنوي في الفترة 2021 – 2023، وهو أقل بكثير من متوسط ما قبل الجائحة البالغ حوالي %3.
ومع ذلك، مع الانتقال إلى عام 2024، هناك دلائل تشير إلى أن النشاط قد تحوَّل إلى الاتجاه الصحيح. ففي الربع الأول من عام 2024، ساعدت المكاسب في التصنيع في دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى %4.7 على أساس سنوي من -%2.3 في الربع السابق. وتشير مبيعات العقارات ونمو الائتمان للأسر والشركات وكذلك نشاط المشاريع إلى الاتجاه الصحيح، في وقت انخفض التضخم إلى أدنى مستوى له بعد الوباء عند %2.8 في يونيو.
وعلاوة على ذلك، في الأشهر المقبلة، يمكن للأسر والشركات الاستفادة من خفض أسعار الفائدة. وعلى الرغم من أن التقلبات في بيانات الناتج المحلي الإجمالي تجعل التوقعات صعبة، فإن النمو القوي غير النفطي في الربع الأول يمثل مخاطر إيجابية لتوقعات العام بأكمله البالغة %2.5.
قطاع النفط
وأشار تقرير «ميد» إلى توقعات بارتفاع الناتج في قطاع النفط بعد قرار «أوبك+» بالبدء في تفكيك تخفيضات إنتاج النفط الخام الطوعية للأعضاء لعام 2024 اعتباراً من أكتوبر، ومن المرجَّح أن يشهد هذا عودة تدريجية لـ 135 ألف برميل يومياً من الخام الكويتي، مما يرفع الإنتاج إلى 2.55 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام المقبل ويرفع نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي إلى %4 في عام 2025.
وفي السنة المالية 2023 – 2024، وسط ارتفاع النفقات (بعضها يتعلق ببنود الإنفاق لمرة واحدة) وانخفاض أسعار النفط، انقلبت المالية العامة إلى عجز، عند 1.6 مليار دينار أو %3.2 من الناتج المحلي الإجمالي، من فائض قدره 6.4 مليارات دينار في العام السابق.
ومن المرجَّح أن يكون هناك المزيد من العجز في الأمد المتوسط - حيث تتوقع الميزانية المعتمدة مؤخراً لعام 2024 – 2025 عجزاً قدره 5.6 مليارات دينار.
أولويات الحكومة
وبيَّن التقرير أن التحديات الطويلة الأجل التي تواجه اقتصاد الكويت معروفة جيداً ولا تحتاج الحكومة إلى إعادة اختراع العجلة عند تحديد أولوياتها للمستقبل.
وتوقعت «ميد» أن ينصب تركيز الحكومة على تعزيز الاستثمار والنمو الاقتصادي بقيادة القطاع الخاص، مع معالجة الوضع المالي الأساسي الضعيف في نفس الوقت.
خطط الاستثمار
وأوضح التقرير أن الاستثمار كان نقطة ضعف رئيسية على مدى عقود من الزمان، حيث بلغ متوسط الاستثمار الثابت كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي %19 فقط بين عامي 2000 و2019، وهو أدنى مستوى في الخليج.
وعلاوة على ذلك، كان هناك فشل بشكل روتيني في تلبية أهداف الإنفاق الرأسمالي الخاصة، حيث بلغ متوسط الإنفاق السنوي %77 من المبالغ المدرجة في الميزانية على مدى العقد الماضي.
وذكر أن ضعف الاستثمار أدى إلى نتائج نمو إجمالية دون المستوى المطلوب ونموذج نمو منحرف بشكل كبير نحو الاستهلاك. ومع ذلك، فإن معالجة العقبات البيروقراطية والإجرائية سوف تستغرق وقتاً طويلاً حتماً.
وتوقع «التقرير» أن تضع الحكومة خططاً طموحة لتطوير قطاعات رئيسية مثل الإسكان والنقل والمرافق والسياحة، فضلاً عن النفط والغاز.
مشاريع جديدة
ولفت التقرير الى أن الهدف السابق المتمثل في تطوير القدرة على إطلاق ستة مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص سنوياً هو هدف متفائل، ولكن مثل هذه الأنواع من المشاريع من المرجَّح أن تكون جزءًا أساسياً من عملية التنفيذ، وسوف يساعد البدء الناجح في بناء المصداقية في السوق المحلية بين المستثمرين المحليين والأجانب.
وفي رأي التقرير، فإن التحرك نحو أهداف الميزانية متعددة السنوات أو حتى نوع ما من القواعد المالية (مع المرونة المضمنة) من شأنه أن يساعد في هذه العملية.
إعادة بناء الاحتياطيات وتمويل الخزانة
نوَّه تقرير «ميد» أن هناك حاجة إلى إعادة بناء الاحتياطيات قصيرة الأجل من خلال إعادة تمويل حساب الخزانة العامة للدولة، الذي استنفد في السنوات الأخيرة، والموافقة على قانون جديد للديون لتسهيل الاقتراض الحكومي.
وبيَّن أن السؤال الرئيسي: مدى واقعية ومصداقية التغييرات، بعد سنوات من البدايات الخاطئة وخيبة الأمل، مشيراً إلى أن مستوى الإلحاح أعلى الآن مع اتساع فجوة الأداء مقارنة بنظرائها في دول الخليج والإدارة المحفزة على تحقيق الإنجازات في ظل مشهد سياسي متغير.
3 تغييرات لمعالجة العجز البنيوي
على الصعيد المالي، أفاد التقرير بأن التحديات ربما تكون أعظم وأكثر إلحاحاً، حيث إن معالجة العجز البنيوي تتطلب تغييرات على مستويات متعددة:
1 – السيطرة على النمو في فاتورة الأجور.
2 – إعادة تركيز الإنفاق نحو الاستثمار الذي لم يشكل سوى %7 من إجمالي النفقات في العام الماضي.
3 – تطوير مصادر جديدة للإيرادات للحد من الاعتماد على النفط.
القبس