إيلي خوري
إليكم هذه المقتطفات من كلمة للرئيس سليم الحص، بعنوان: ”هل يكون مشروع أنطون سعاده هو الحل لمشروع التفتيت الأميركي للشرق الأوسط؟“، ألقاها في قصر الأونيسكو، في 15 تموز 2007.
“كان أنطون سعاده في حياته الخصبة الخلاقة يدعو إلى الوحدة الإقليمية، ولو كان بيننا اليوم لأيقن أن مشروعه يواجَه بمشروع تجزئة للمنطقة تحت هيمنة الدولة العظمى، الولايات المتحدة الأميركية، ومعها “إسرائيل”…
أين هو أنطون سعاده يمثل بيننا اليوم ليبشّر بوحدة الواقع والمصير؟
أين أنطون سعاده ليردّ على مشاريع الشرذمة والتفتيت بمشروع توحيد خلاق؟
أين أنطون سعاده ليصرخ بيننا أن الفوضى لن تكون خلاقة بل، كما هي دومًا، هدّامة ماحقة. فالوحدة، والوحدة دون سواها، هي الخلاقة…
تألق نجم أنطون سعاده في الأربعينيات من القرن الماضي، والمنطقة اليوم أشدّ ما تكون حاجة إلى مثله فيواجِه بمشروعه التوحيدي مشاريع التفتيت والشرذمة التي يحيكها الغرب للمنطقة العربية.
كان مشروع أنطون سعاده تحديًا مباشرًا لمخطط سايكس – بيكو. ومشروعه يجب أن يكون اليوم هو الردّ على المشروع التفتيتي الأميركي الإسرائيلي المسمّى شرق أوسط، كبيرًا أو جديدًا، ويكون مشروعه هو المعطّل لنهج جهنّمي يرافق مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد وهو نهج الفوضى البناءة أو الخلاقة…
في ذكرى أنطون سعاده ننحني إكبارًا ونزهو إعجابًا، متمنين على محازبيه الكثر ومعتنقي أفكاره ومبادئه أن يشنوا حملة منظمة هادفة تدعو إلى الاعتصام بحبل الوحدة الوطنية في لبنان، كما تبشّر بضرورة أن تنضوي أقطار المنطقة العربية تحت لواء اتحاد جامع على غرار الاتحاد الأوروبي ولو على مراحل أسوة بما كان في أوروبا، ونحن بلا أدنى ريب أَولى بالاتحاد من الأوروبيين بالنظر إلى ما يجمعنا من لغة واحدة، وثقافة مشتركة، ومصالح متبادلة، وإحساس بالمصير الواحد. مشروع الاتحاد هو الردّ الطبيعي على مشاريع الشرذمة والتفتيت التي نتعرض لها خدمة لمآرب صهيونية معروفة ومألوفة…
أخيرًا، إننا إذ نحيي ههنا ذكرى الرجل العظيم إنما نستذكر ما كان له من فضل بما جاد في حياته من فكر مبدع خلاق في خدمة أمته جعله من الخالدين في التاريخ ومصدر إلهام لأجيال من شعبنا الواعد.
إنني أتساءل متحسرًا: لقد قضى هذا الرجل في ريعان العمر وقد جاد بما جاد به من إبداع وعطاء، فماذا عساه أن يكون نتاج فكره الخلّاق وحيويته الفائقة لو قُيّضت له حياة مديدة؟…”. (انتهى الاقتباس)
في رحيل الرئيس سليم الحص الذي عُرف بنزاهته كرجلٍ سياسي، ولم يرضَ أن يكون متزّعمًا طائفيًّا يلعب بغرائز بعض الناس، نقول: يجب أن لا يتلهّى البعض بالصغائر، حاملين في قلوبهم أحقادًا نتجت عن أخطاء وإساءات شخصية، سواء أكانت واقعية أو متوهّمة، غافلين عن تنّين قتّال مريض يريد ابتلاع أمّة بأسرها.
في 28 آب 2024