مأمون ملاعب
اليهود بحاجة ضرورية إلى التمييز والتفرقة بين اليهودية والصهيونية. الأولى ديانة تستطيع العمل والتغلغل في كل الأوساط، أما الثانية فحركة سياسية استعمارية قد لا تكون مقبولة في كل الأوساط فيما الغاية هي نفسها، إقامة “الوطن” الموعود على “أرض “إسرائيل” التاريخية”. وكانت الأحزاب الشيوعية أيضاً بحاجة إلى التمييز لكون ماركس ومن ثم معظم قادة الثورة البلشفية من اليهود. ركزت الأحزاب الشيوعيّة على عنصرية الفاشية والنازية وألبستهما كل الموبقات قافزة عن حقيقة تاريخية هي أن اتفاقاً قد تمّ بين هتلر وستالين على اجتياح بولندا واقتسامها بين ألمانيا والاتحاد السوفياتي العام 1939 وهي كانت السبب المباشر لاندلاع الحرب. هل كانت في تلك الفترة النازية مقبولة؟ ثم دخل الاتحاد السوفياتي الحرب ضد ألمانيا متحالفاً مع الرأسمالية العالمية. الأيديولوجيات المختلفة لا تسبب حروباً حتى لو استعملت مبررات أو غايات، فقط المصالح تسبب الحروب. لم يقف الاتحاد السوفياتي “عدو الاستعمار” ضد تقسيم فلسطين وكان أولى الدول التي اعترفت بدولة (إسرائيل) رغم عدم مشروعيتها الأخلاقية والطبيعية ورغم قيامها على الاغتصاب والسلب. كان لليهودية نفوذ كبير في الدولة السوفياتية. غورباتشوف آخر رؤساء الاتحاد السوفياتي أي قائد الشيوعية في العالم ومن المفترض أن يكون ملحداً لكنه بعد سقوط الاتحاد زار القدس ووقف على حائط البراق معتمراً قلنسوة اليهود!! كان افضل للاحزاب الشيوعية في بلادنا واليسارية المحلية الاكتفاء بصفة الإلحاد. الشيوعية فلسفة مادية لا تتوافق مع الأديان كافة، وبالتالي اتخذت صفة الإلحاد في وجه المسيحية والمحمدية وطبعاً اليهودية فلم تكن بحاجة إلى التمييز بين الصهيونية واليهودية.
عدد من حكام الدول العربية السابقين والحاليين يهود تحت غطاء الإسلام يقدمون الخدمات من مواقعهم للعدو. وهي الحالة ذاتها في الولايات المتحدة وأوروبا إنما هناك لا يحتاجون إلى غطاء.
منذ أيام فاز حزب العمال في بريطانيا بالانتخابات بعد غياب طال 14 عاماً ثم يتبين لنا وبحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن رئيس الحزب كير ستارمر متزوج من يهودية وهي متمسكة بالتعاليم والثقافة اليهودية وتربي أولادها عليها! يذكرنا ذلك بأن تبادل السلطة بين العمال والمحافظين لم يغير من سياسة المملكة تجاه قضيتنا تماماً مثل تبادل السلطة بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة.. الحقيقة أن النفوذ اليهودي متغلغل في كلتا الحالتين ليؤمّن مصالح دولة (إسرائيل) قبل أي شيء آخر..
كل دعاة التمييز يعتمدون على ظاهرة واحدة أن يهوداً ضد الحركة الصهيونية، فيما أن النقاش هو فكري وثقافي، حيث لا يمكن الاعتماد على الشخص بل على الفكر. والأشخاص قد يكونون مخادعين أو يملكون ديناميكية تسمح لهم بالتكيف أو التغيير. كان وايزمن علمانياً وربما ملحداً وكذلك بن غوريون لكنهما كانا يشكلان الرابط بين بريطانيا الاستعمارية، خصوصاً، والحلفاء عموماً وبين أتباع الديانة اليهودية من أجل تحقيق دولية يهودية في فلسطين.
وبعد وصول الليكود إلى الحكم كان واضحاً أن بيغن كان متديناً واليوم نسمع نتنياهو يتحدّث بمرجعية توراتية. بالنسبة لنا كلهم مجرمون إرهابيون.