أثبتت لقاءات الأعمال التونسية الإفريقية، في دورتها الثالثة، إلى جانب دورها كمنصة لقاءات مهنية، قدرتها على العمل كمحفز للتعاون الاقتصادي، واتسمت هذه اللقاءات بعقد اجتماعات مهمة وتوقيع خطط عمل عديدة في إطار تجسيم خطوات حاسمة وملموسة نحو التكامل الاقتصادي الإفريقي، مما يخلق الظروف الضرورية لتنمية مستدامة وشاملة على مستوى القارة، وجرى، اجمالا، عقد لقاءات مؤسسية جمعت 22 هيكلا ومؤسسة من إفريقيا جنوب الصّحراء ومن تونس.
في اليوم الأول، على هامش تظاهرة لقاءات الأعمال التونسية الإفريقية التي احتضنتها تونس يومي 2 و3 جويلية 2024، نظم مركز النهوض بالصادرات بالتنسيق مع وزارة التجارة وتنمية الصادرات، اجتماعا مؤسسيا ذو أهمية استراتيجية، جمع ممثلين عن غرف التجارة والصناعة التونسية، إلى جانب ممثلين عن هيئات دعم التجارة من تسع دول إفريقية، شكل نقطة هامة ضمن الجهود الرامية إلى تعزيز التبادلات التجارية داخل إفريقيا وتوظيف الوسائل الرقمية لتسهيل نفاذ السلع للسوق الافريقية من خلال مبادرات ومشاريع وبرامج مشتركة.
مشاركات مثمرة
شهد الاجتماع مشاركة 12 هيئة إفريقية من البنين والسينغال ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا والرأس الأخضر وموريتانيا وكينيا وغامبيا، إلى جانب ممثلين عن ثماني غرف تجارة وصناعة تونسية، مما أتاح خلق فضاء للحوار المثمر، وقد دارت المناقشات حول فرص التعاون والشراكة بهدف أساسي هو دفع نسق المبادلات التجارية داخل القارة الإفريقية.
تم خلال هذا الاجتماع، توقيع خطتي عمل، بما يعزّز الروابط بين الأطراف المختلفة ويأتي لوضع أسس للتعاون المشترك، الخطة الأولى، الموقعة بين مركز النهوض بالصادرات والوكالة السينغالية لتنمية الصادرات، تأتي في إطار مذكرة تفاهم موقعة في 18 ديسمبر 2018، وتركّز على تبادل الخبرات والمعرفة، وتنظيم بعثات اقتصادية متعددة القطاعات، وإجراء دراسات أسواق، وتحديد مجالات التكامل.
خطة العمل الثانية، تم توقيعها بين مركز النهوض بالصادرات ونظيرته الوكالة الوطنية للنهوض بالصادرات في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتأتي تنفيذاً لمذكرة تفاهم موقعة بين الطرفين في 17 فيفري من السنة الفارطة. وتهدف هذه الخطة، أيضاً، إلى تعزيز تبادل المعرفة وتنظيم بعثات أعمال، بما من شأنه تعميق العلاقات الاقتصادية الثنائية.
إرساء شراكات متينة
تعكس هذه المبادرات رغبة الهيئات المشاركة في إرساء شراكات متينة ودائمة لتحفيز التبادل التجاري البيني الإفريقية، وذلك من خلال دعم التعاون بين الفاعلين الاقتصاديين في القارة، لتسهِم في بناء اقتصاد إفريقي أكثر تكاملاً وتنافسية ومرونة.
هذا وبلغت المبادلات التجارية بين تونس ودول إفريقيا جنوب الصحراء سنة 2023 ما قدره 650 مليون دولار وهو ما يعادل ملياري دينار، في حين قدّرت الصادرات التونسيّة بـــ 490 مليون دولار (1.5 مليار دينار)، وهو ما مثّل 3.5 بالمائة من إجمالي الصادرات الوطنيّة علما أن الصناعات الكهربائيّة والميكانيكيّة والزراعيّة والغذائيّة وغيرها قد استحوذت على أكثر من 90 بالمائة من حجم هذه المبادلات.
وفي ظل هذه المعطيات، توجد إمكانات كبيرة غير مستغلّة في مجال التجارة بين البلدان الإفريقية فيما يتعلق بصناعة السيارات ومكوناتها والمنتجات الغذائية والمواد الطبية وشبه الطبية والصيدلانية مما يتطلب تضافر جهود مختلف الأطراف لتعزيز مستويات التجارة داخل مجموعة الدّول الإفريقيّة ولضمان مشاركة أكبر وأوسع لبلدان القارة في التجارة العالمية.
في نفس السياق، ارتفعت حصّة التجارة بين البلدان الإفريقية من إجمالي التجارة العالميّة إلى 14.9 بالمائة في عام 2023، مقارنة بــ 13.6 بالمائة في عام 2022 وذلك نظرا للدور الهام الذي تقوم به التجمعات الاقتصادية القارية الإفريقية فضلا عن تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية الزليكاف علما ان تونس ملتزمة، في هذا الصدد، بتعزيز علاقاتها السياسيّة والاقتصاديّة مع جميع بلدان القارة سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار الكوميسا والزليكاف وكذلك عبر الآليات المتاحة بالاتحاد الافريقي، والذي يمثّل الإطار الأمثل للتشاور والتنسيق، ويعكس تطلعات شعوبه إلى مزيد من التعاون والتكامل والرفاه لمستقبل أفضل لشعوب القارة.
الرقمية