مع مطلع كل يوم تتوالى الأسئلة في ذهن سعيد يوسف وهو يستعد للتنقل إلى مكتبه في إحدى الجهات الحكومية بمدينة بورتسودان شرق السودان، أسئلة تخص تكاليف الحياة وكيف سيواجهها براتبه الذي اقتطعت نسبة منه منذ بداية الحرب في أبريل/نيسان من العام الماضي، ولم يعد يحصل سوى على نحو 50 دولارا بالكاد تكفي لتغطية حاجياته لأيام كشاب أعزب في الثلاثينيات من العمر.
لا يملك يوسف الكثير من الأجوبة لأنها مرتبطة بعوامل خارجة عن إرادته، ولكنه يتحرك في نطاق المتاح بحثا عن فرصة لتعزيز دخله الذي تهاوى بعد بداية الحرب.
لا يختلف الحال مع صديقه محمد علي الذي التقينا به وهو يعمل في خدمة نقل المواطنين بعربة صغيرة (ركشة) بحثا عن مدخول إضافي بعد تراجع قدرته الشرائية بسبب تقليص راتبه من وظيفته الحكومية.
يقول علي إن تكاليف الحياة تضاعفت بشكل مبالغ فيه، ولم يعد أمام أمثاله من الموظفين سوى البحث عن عمل إضافي يخفف أعباء الحياة والتزاماتها.
حال سعيد ومحمد علي انعكاس لواقع الأرقام الرسمية بشأن الوضع الاقتصادي للبلاد التي تأن تحت وطأة الحرب منذ ما يقارب 15 شهرا.
مؤشرات الانهيار
بدوره، يرصد الخبير الاقتصادي حسن أيوب أبرز تأثيرات الحرب في تدهور القدرة الشرائية للمواطنين مع ارتفاع نسبة التضخم بنحو 140% خلال العام الماضي وزيادة كبيرة في الأسعار بلغت 5 أضعاف في بعض الحالات، فمثلا كان من الممكن استئجار منزل مناسب في بورتسودان بـ100 ألف جنيه، واليوم قد تبلغ تكلفة استئجار أبسط بيت في أطراف المدينة 500 ألف جنيه (سعر الصرف الرسمي: نحو 600 جنيه للدولار، ويرتفع إلى 1900 جنيه في السوق السوداء).
وأوضح الخبير الاقتصادي أن الدخل الأدنى المضمون في السودان والمقدر بـ35 ألف جنيه لا يغطي سوى النزر القليل من الاحتياجات، مشيرا إلى أن الأسرة المكونة من 5 أفراد ستحتاج إلى نحو 20 ألف جنيه يوميا لتغطية الاحتياجات الأساسية، دون حديث عن الطوارئ مثل المرض.
وأشار إلى غياب تقديرات دقيقة لخسائر الحرب، وقال إن بعض التقارير العالمية تحدثت عن تكبد السودان خسائر بنحو 100 مليار دولار، والرقم قابل للارتفاع مع استمرار الحرب.
وفي قراءة للمؤشرات الكبرى للاقتصاد السوداني أكد وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم أن الوضع الاقتصادي سيئ، وقال إن إيرادات الدولة تراجعت بأكثر من 80% وانخفضت الصادرات بأكثر من 60%، وترافق ذلك مع ضغط كبير على العملة المحلية بسبب الطلب الكبير على السلع المستوردة لتعويض السلع التي كانت تنتجها المصانع التي توقفت عن العمل.
وأشار الوزير إلى أن تحويلات المغتربين توقفت، كما تأثر إنتاج البترول وتراجع من 55 ألف برميل يوميا قبل الحرب إلى 18 ألفا.
الجزيرة نت