أصدر اللقاء القومي النهضوي بياناً حث فيه السوريون القومين الاجتماعيين على تعميق روح الوحدة واستعادة المؤسسات الواحدة الموحدة من الحالات الانقسامية التي تمعن في تكريس الفئوية والشرذمة والانقسام وتقصي الحزب عن وجدان المجتمع..
وجاء في البيان:
“أيها السوريون القوميون الاجتماعيون
تتوالى الأزمة الحزبية فصولاً، وتتعمق أكثر فأكثر مشهدية أقل ما يُقال فيها إنها غير لائقة بحزب له مسيرة تاريخية في الصراع من أجل قضية تساوي الوجود، فإذ بنا نتنقل من مأزق إلى آخر، حيث تسود ممارسات غريبة عن كل تراثنا المؤسساتي رغم كل الثغرات التي اعترته على مدى عقود من الزمن. والأدهى من كل هذا أنه رغم عدم دستورية الأصل والأساس في قيام هذه السلطات الحزبية، ورغم طبيعتها اللاشرعية نشوءاً واستمراراً، تراها تمعن في ممارسات لا تمتّ الى قواعد المنطق بصلة، ولا تلتزم بمنطوق الدستور والنظام والمؤسسات في إدارتها لبنيتها التنظيمية (الانقسامية) مما بات يطرح أسئلة عميقة وخطيرة في آن حول الأهداف والغايات من هذا الانتهاك الصارخ لأبسط القواعد الدستورية والإدارية في العمل الحزبي.
مرة جديدة تُمعن إدارات الانقسام في تماديها في خرق الاصول الدستورية في ظل التراجع على مستوى الدور والوظيفة، خدمة للنهج السلطوي الفئوي. مما يؤكد مرة جديدة على ضرورة استعادة المؤسسات الحزبية الشرعية الواحدة المنسجمة مع الفكر والنهج القومي الاجتماعي الصحيح. وما جملة الإجراءات والخطوات التي تتخذها هذه الإدارات إلا تعميق وترسيخ للانقسام ولا ترتكز على أي مرتكزات فكرية أو سياسية أو عقائدية أو نضالية ولا سيما خطوة إجراء انتخابات مجالس قومية فئوية أو تأجيلها دون إعطاء أي اعتبار لأهمية وحدة السوريين القوميين الاجتماعيين، ودون أن تقوم هذه الإدارات بمبادرات حقيقية وجدية مسؤولة تُعيد تفعيل الدور في المؤسسة الحزبية الواحدة الموحّدة، فنراها تُمعن في التشتيت والتفرقة وضرب وحدة القوميين الاجتماعيين في متحداتهم على مساحات الوطن وامتداداته في المغتربات. وما عقدها تارة لورش عمل فئوية لدرس آليات الوحدة من جهة ولمؤتمرات فرعية أقصت المئات من أمناء الحزب وكوادره عنها إلا خير مثال على ذلك.
أما الخطوة الأخيرة والتي قام بها المجلس الأعلى في (تنظيم الروشة) لجهة تأجيل ما كان قد دعا إليه من مؤتمر عام وانتخابات لقيادة التنظيم، فهو موضوعنا اليوم.
بتاريخ 25/4/2024 أصدر المجلس الأعلى (تنظيم الروشة) القرار رقم 16/92 والقاضي بإرجاء العمل بقرار المجلس الأعلى رقم /10/92/ تاريخ 23/2/2024 والقاضي بتحديد موعد انعقاد المؤتمر العام بتاريخ 2 و3 آب 2024 وموعد انعقاد المجلس القومي بتاريخ 4 آب 2024 على أن يحدد المجلس الأعلى المواعيد لاحقاً يبلغ هذا القرار لمن يلزم ويحفظ.
وعليه،
شكّل القرار رقم /16/92/ الصادر عن المجلس الأعلى خروجاً واضحاً على مبادئ الدستور الواجب احترامها والالتزام بها ولا سيّما لجهة التقيّد بالمهل الدستورية من أجل تداول السلطة في قيادة الحزب وتحديداً السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ولهذا نصت المادة الأولى من القانون الدستوري عدد /9/2001/ الناظم للأحكام التي تسود عمل المجلس على ما يلي:
- المادة الأولى: “للحزب السوري القومي الاجتماعي مجلس أعلى يتولى السلطة التشريعية وينتخب بالاقتراع السري مرة كل أربع سنوات”.
ينهض من النص الوارد أعلاه أن مدة ولاية المجلس الأعلى في إدارة الحزب هي أربع سنوات تبتدئ من تاريخ انتخابه وتنتهي بمرور أربع سنوات على تاريخ هذا الانتخاب حتى إذا ما انصرمت هذه المهلة الدستورية دون انتخاب مجلس أعلى جديد الأمر المؤدي إلى فراغ دستوري.
إن قرار المجلس الأعلى رقم /16/92/ هو قرار إداري بحت يقع في صلاحية المجلس الأعلى في تحديد موعد انعقاد المؤتمر القومي العام وتعيين مكانه ويكون الحد الأقصى لهذا الموعد قبل تاريخ 20/9/2024 أي تاريخ حلول انتهاء الأربع سنوات المنصوص عنها في المادة الأولى من القانون الدستوري عدد/9/2001/ حتى إذا ما انصرمت هذه المهلة دون عقد المؤتمر القومي وإجراء الانتخابات أصبح المجلس الأعلى بحكم المنتهي.
هذا في المبدأ أما في الممارسة فإن الأسباب الموجبة التي وردت في القرار /16/92/ تعليل إرجاء موعد انعقاد المؤتمر حيث ورد التالي:
” وعلى ضوء واقع الأعمال الحربية ومشاركة الحزب في العمل الحربي المقاوم في مواجهة العدو واحتمال تعرّض المشاركين في عمل المؤتمر والمجلس القومي لأي اعتداء، وبناءً على حرص المجلس على حياة القوميين الاجتماعيين”.
هذه الأسباب الموجبة التي يبرر بها المجلس الأعلى لتأجيل موعد انعقاد المؤتمر العام وبالتالي انعقاد المجلس القومي هذه الاسباب ذاتها كانت موجودة عند صدور القرار رقم/10/92/ الداعي الى عقد المؤتمر العام في 2 و3 آب والمجلس القومي في 4 آب، علماً أن الظروف الداعية للتأجيل لم تستجدّ بعد صدور القرار رقم /10/92/ بل كانت موجودة بكامل تفاصيلها ووقائعها.
يستفاد مما تقدّم أن تأجيل المؤتمر القومي العام وبالتالي تأجيل انعقاد المجلس القومي لأجل غير مسمّى “يحدد لاحقاً” يؤدي حكماً الى تمديد ولاية المجلس الأعلى بقرار غير دستوري، مما يستوجب للحؤول دون هذا الخلل الدستوري السعي الى تعديل الدستور وفق الآلية والإجراءات والمهل المنصوص عنها في المادة /13/ من الدستور.
هذا بالإضافة الى ان البعض من القوميين يعرض للخروج من مأزق التأجيل الذاهب الى إعلان حالة الطوارئ مع الاشارة الى ان حكم الطوارئ يطبّق في وضع استثنائي خاص يحكم حركة المجلس الأعلى كأن يتعذّر عقد اجتماع هذا المجلس بسبب الاعتقال أو الملاحقات لأعضائه أو الاغتيالات بما ينبئ بانعدام الاتصال والاجتماع بين أعضاء المجلس الأعلى، وبالتالي انعدام الاتصال بين القيادة الحزبية والمسؤولين في المركز.
أما القول إن حالة استهداف الحزب في أمنه وسلامته تؤدي الى إقرار حالة الطوارئ فإن هذا القول يحمل اعلان الطوارئ ما لم تهدف الى ذلك، أن الحزب منذ نشوئه مستهدف في أمنه وسلامته بحكم طبيعته الصراعية الهادفة الى التغيير.
وفي المحصلة النهائية، تتراكم الأزمات، ويتعمّق الشرخ، وتترسخ الفئوية، ويخرج الحزب أكثر من وجدان المجتمع بعد أن كان المعبّر الحقيقي عن توقه للتحرر والوحدة والنهوض.
إنها المأساة الكبرى أن نتحول الى مؤسسات الشكل بعد أن تم تجويف وتسطيح بناها، وفك الارتباط بينها وبين أهدافها وغاياتها الكبرى النبيلة.
تاريخ : 7/6/2024 اللقاء القومي النهضوي”.