الشاعر يوسف المسمار
البرازيل
التفسير الصحيح لتعاليم القرآن هو أن المؤمن برسالة النبيّ محمد لا يمكن له أبداً أن يكون مسلماً مؤمناً اذا لم يؤمن بيسوع ورسالته. وهذا يعني أن المسلم المؤمن الحقيقي هو مسيحي لأن النبيّ محمد كان مؤمناً بإخلاص مطلق وتابعاً لتعاليم يسوع مدة الأربعين سنة التي سبقت إعلان رسالته.
والنبيّ محمد المولود في السادس من نيسان هو ابن أبوين مسيحيين من أتباع يسوع. وحتى سن الأربعين من عمره كان يشرب من نبع رسالة يسوع المسيحية، ولكن ليس “مسيحية الباعة المعاصرين القدامى أو التلفزيونيين” بل من الرسالة المسيحية الحقيقية الأصيلة التي كانت تعلّم تعاليم السلام والمحبة التي أتى بها السيد المسيح.
ولذك فإن القرآن الذي هو الكتاب الرئيسي الديني للمسلمين ينص على الحفاظ على حياة المسيحيين، وعلى مكانة مريم العذراء الطاهرة، وينص أيضاً على واجب احترام شعائر المسيحيين من قبل المسلمين.
وقد ترك النبيّ محمد هذه العبارة ذات المغزى الكبير التي تقول “كل مولود إنساني لحظة ولادته يمسّه الشيطان إلا اثنان: يسوع وأمه الطاهرة مريم العذراء”.
وقال أيضاً عندما سُئل عن السيد المسيح: “فإني رسول الله بالحق، أؤمن بالله وكتبه ورسله، وبالمسيح ابن مريم أنه كلمة الله، وأني أؤمن به أنه رسول الله”.
وعلى نهج النبيّ محمد قال تلميذه المؤمن الأول والمسلّم برسالته الحكيم الكبير علي بن أبي طالب (صهر النبيّ) بحق يسوع السوري هذا الكلام الذي يدل على أهمية التعاليم المسيحية التي لم تحد عنها تعاليم الاسلام المحمدي، وهذا ما قاله عليّ عن يسوع :
“كان سراجه في الليل القمر، وظلاله في مشارق الأرض ومغاربها.
ولم تكن له زوجةٌ تفتنه، ولا ولدٌ يحزنه، ولا مالٌ يلفته، ولا طمعٌ يُذلّه.
دابته رجلاه، وخادمه يداه، إنه ابن الطهر البتول مريم.
من اهتدى به أنار له الله الطريق مدى الحياة”.
بالاضافة الى ما ورد آنفاً، فإن النبيّ محمد عندما هاجر وتوجّه الى المدينة المنورة للتخلص من ملاحقة الذين يريدون القضاء عليه وعلى اهل بيته واتباعه، فإنه استقبل في مدينة يثرب من قبل المسيحيين بالترحاب هو وأهل بيته، وأصحابه التابعين (والأنصار هم أنفسهم النصارى المسيحيون) الذين تقاسموا أراضيهم وممتلكاتهم مع أخوتهم الذين جاؤوا إلى المدينة مهاجرين فارين من اضطهاد زعماء القبائل الذين كانوا يخافون من نشوء رسالة الإسلام المحمدي.
وبحسب ما وصل الينا من اتباع محمد أنه كان في الأربعين من عمره في كهف جبل حراء يقوم ببعض التأملات والصلوات الروحية عندما زاره الملاك جبرائيل وأمره أن يقرأ بعض الآيات المُرسلة من الله، وأخبره بأن الله اختاره ليكون خاتم الأنبياء الى البشرية.
والحقيقة أن كلمة “خاتم” هنا لا تعني أن الله الخالق توقف عن خلق الناس المتنوّرين كالأنبياء لهداية البشر، بل ان كلمة “خاتم” تعني أن محمد هو المعتمد وله صلاحيات مطلقة كما هو الحال مع كاتب العدل. ومحمد خاتم الأنبياء يعني أن الأمين الذي يُصدّق شرعية الرسالات السماوية السابقة ويُؤكد ويُصدّق أيضاً على رُسل الله السابقين، وخصوصاً على يسوع ورسالته المسيحية.
استمع محمد إلى رسالة الملاك وعمل بها، وبعد موته جُمعت آيات رسالته، كما نزلت على الرسول (ونزلت كلمة آرامية تعني ظهرت بالعربية) في كتاب القرآن للحفاظ على التعاليم الدينية لكى لا يدخل عليها وإليها الفساد والتشويه ولكي لا تُنسى مع الأيام.
إن التدين الحقيقيّ لا يكون عنصرياً ولا يتعنصر في تمييز الناس على أساس أديانهم. وتعاليم المسيح ومحمد تبشّر بالسلام والوئام والمحبة بين جميع الناس نساءً ورجالاً، بغض النظر عن العقيدة أو الجنسية أو الجنس أو اللون أو العرق.
ففي القرآن نقرأ أن :
” لا إكراه في الدين. وخلق الخالق الناس جميعاً ووهبهم العقل ليميّزوا بين الحقيقة والباطل. وأعطاهم الحرية ليؤمنوا بالله أو لا يؤمنوا. وأن لا أحد أعطي الحق ليجبر أي شخص على الإيمان او عدم الإيمان “.
أما بالنسبة للصراع المختلق بين المسيحيين والمسلمين، فيمكننا ان نقرر بكل اطمئنان أن النزاع مفتعل من قبل القوى الاستعمارية، خصوصاً عندما قامت انكلترا وفرنسا بتقسيم سورية بعد الحرب العالمية الأولى في معاهدة سايكس بيكو، وأسست المملكة العربية السعودية تحت رئاسة العائلة السعودية الوهابية لتنفيذ مشروع مصطنع يقضي بتقسيم العالم العربي والسيطرة عليه.
وبناء على هذا المشروع التقسيمي أصبحت المملكة العربية السعودية هي الحليف الأساسي لـ”اسرائيل” في تمويل المجرمين الارهابيين والمرتزقة الذين يعملون اليوم وينشطون على تدمير سورية. إن الوهابيين الذين يدّعون أنهم مسلمون هم في الحقيقة خونة للإسلام والمسلمين، ويعملون في خدمة المطامع اليهودية الصهيونية والقوى الطغيانية ضد الإنسانية.
إن المسيحيين والمسلمين هم في الحقيقة أخوة منذ فجر التاريخ قبل أن يعتنقوا المسيحية والإسلام، ولأن كلتاا الرسالتين: رسالة انجيل يسوع، ورسالة قرآن محمد نشأتا ونمتا في مهد الحضارة الانسانية الذي يحمل اسم: “سورية الجغرافية التاريخية التي عاصمتها دمشق”. والمسيحيون والمسلمون الأوائل هم أخوة سوريون حملوا تعاليم يسوع ومحمد الى جميع أركان العالم، وبإمكاننا أن نؤكد أن القرآن الذي دوّن باللغة العربية لم يكن في الحقيقة الا الإنجيل الذي كُتب باللغة الآرامية. لأنه من المستحيل أن يرسل الله الواحد تعاليم متناقضة ورسلاً متحاربين، واللغة العربية ليست إلا اللغة الآرامية المطورة.
فجميع الناس في العالم يعرفون تمام المعرفة أن اختراع الحروف الأبجدية كان اختراع السوريين الحضاريين في سورية وليس اختراع القبائل البدوية الجاهلة المتخلفة في الصحراء التي لا تزال حتى عصرنا هذا جاهلة متخلفة.
إن السوريين المسيحيين والمسلمين المتنورين المهتدين الفضائليين دائماً كانت علاقاتهم مع بعضهم علاقات احترام، ودائماً نشروا تعاليمهم وعملوا ويعملون معاً من أجل بناء عالم أفضل لجميع البشر. وهؤلاء هم المسيحيون والمسلمون الحقيقيون الأصحاء وليس الأميركيين المسيحيين الرهائن لصناعة أسلحة الدمار واستعباد الشعوب، ولا المسلمين الوهابيين المجرمين الإرهابيين.
إن يسوع ومحمد هما من الأصل الواحد نفسه: الكنعاني – الآرامي – السوري، البلاد التي عرفت قديماً “ببلاد السومريين والكنعانيين” الذين هم مؤسسو الحضارة الانسانية. وهذه البلاد بعد نشوء الحضارة فيها أطلق عليها اسم “آرام” الذي يعني المركز الذي تبرعمت فيه جذور الحضارة. وكلمة “آرام” كلمة مشتقة من “الأرومة” ومن “آرمة” والكلمة تعني “الأصل” أو “المؤشر” على اعتبار ان تلك المنطقة الجغرافية التي تقع ويحتل مركزها وسط العالم هي مهد الحضارة الإنسانية التي شعت على العالم.
ولأن الموقع الطبيعي لتلك المنطقة يوجد في وسط العالم فقد جذبت اليها جميع الشعوب من كل أركان الأرض ولم تزل حتى أيامنا تدل على الطريق الصحيح الى جميع نواحي كوكب الأرض لجميع الأمم التي تتكون منها الإنسانية. و”آرام” نفسها أطلق عليها في ما بعد الاسم الذي تحمله اليوم أي “سورية”، وذلك بعد ظهور السيد المسيح وهي الكلمة التي تعني “النور” و”الآراميون” يعنون “السوريون ” أي “المتنورون أو المستنيرون” أي الناس الذين استرشدوا ويسترشدون بتعاليم المسيح السوري أي “النوراني” الذي جاء برسالة سورية نورانية فضائلية ليرسّخ في العالم المحبة والسلام وكل فضائل الحق والخير والجمال.
إن رسالة يسوع سُمّىت بـ (الرسالة السورية) التي تعني: رسالة النور والفضيلة ومن لا يريد أن يعمل بالنور والفضيلة لا يمكن أبداً أن يعتبر من معتنقي رسالة يسوع.
والحقيقة ان المسيح ومحمد لم يكن همّهم الدعاية لأنفسهم وخلق تيارين من المسيحيين والمحمديين، بل كانت الرسالتان من أجل نشوء مواكب من “سوريين أي مهتدين” في دين واحد قوامه النور ومكارم الأخلاق.
فمنذ بداية التاريخ الجلي، وقبل أن يظهر السيد المسيح والنبي محمد بآلاف السنين كان السوريون القدماء يقولون:
“أنه لا يوجد سوى خالق واحد للوجود والكون والحياة، وكانوا يعتبرون أن الحياة هي أم جميع الكائنات الحيّة بما في ذلك البشر ولم يقولوا أبداً بوجود أكثر من خالق، ولم يقبلوا مطلقاً بالهٍ خاصٍ بشعبٍ من الشعوب بل آمنوا وقالوا بالخالق الواحد الذي هو إله الكل والجميع ومحبّ رحيم لجميع مخلوقاته”.
فيسوع ومحمد الذي اتبعه هما من أصل واحد: الكنعاني – الآرامي – السوري. والرسالتان: المسيحية والمحمدية انبثقتا من المصدر نفسه الذي هو دين الحضارة السورية والذي يهدف الى خير وتحسين حال الناس جميعاً، وغايته في رسالتيهما أيضاً خير جميع الشعوب. وكلمة “إسلام” العربية التي تعود الى الأصل الآرامي لا يمكن ترجمتها بكلمة واحدة بل يجب تعريفها وترجمتها وتفسيرها بتعبير أي بعبارة أو جملة لإعطائها معناها الحقيقي لتصبح “الإسلام لرب العالمين”.
فكلمة “الاسلام لرب العالمين” هي تعبير يقوم على ركيزتين: الأولى هي حياة روحية مجازية، والثانية عملية حياتية. والإسلام بهذا المفهوم يعني الايمان بخالقٍ واحد أحد روحياً من ناحية. ويعني من الناحية الأخرى ممارسة حياة الفضائل في هذا العالم من الناحية الثانية. فإذا كان الانسان يؤمن بالخالق الواحد ولا يمارس الفضائل الانسانية العليا فلا يمكنه أن يكون بالفعل مسلماً مؤمناً حقاً لرب العالمين.
ومن تفاعل الإيمان مع الفضائل، وحصول وحدة العقيدة والممارسة، تقل المسافة وتضيق بين الخالق والانسان. وهذه هي رسالة المسيح ورسالة محمد. رسالة إسلامٍ واحد يقوم على النور والأخلاق.
ولكن للأسف، فإن الرومان رومنوا رسالة السيد المسيح مهدد امبراطورية روما فأصبحت المسيحية بعد يسوع رسالة إسلامية مسيحية رومانية، وليست رسالة اسلامية مسيحية يسوعية منيرة فضائلية.
ومثلما حصل لرسالة يسوع حصل لرسالة محمد فقامت القبائل الجاهلية البدوية المتخلفة في شبه جزيرة الأعراب وطبعتها بطابعها الأعرابي المتخلف فانحجبت حقيقتها وأصبحت رسالة إسلامية أعرابية متخلفة وليست رسالة إسلامية محمدية فضائلية.
وبدلاً من نشر وتعميم رسالة المحبة والرحمة الحضارية السورية التي هي رسالة المسيح ورسالة محمد في جميع أنحاء العالم لخير البشرية، فقد انتشرت أفكار الحقد والانتقام والعدوان والطغيان والتكفير في غالبية اتباع الرسالتين. وأفكار الحقد والعدوان والتكفير لا تقود البشرية إلا في طريق الدمار والتلاشي.
المصدر:
ترجمة المقال الذي نشر في صحيفة أغوا فيردي البرازيلية بتارخ 11 شباط 2021 في:
https://jornalaguaverde.blogspot.com/2024/02/as-mensagens-de-jesus-e-muhamad-crista.html
لإعلاناتكم في منصة حرمون يرجى الاتصال واتس:
0096176920208
وللانضمام:
محاضرات حرمون – DXN
https://chat.whatsapp.com/JbVdC6tDtFa3Os7TKYOaIm
مجموعة حرمون للتعليم والإعلام والتدريب:
https://chat. whatsapp. com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية:
https://chat. whatsapp. com/HFNrMOLD5TKDxmZTTjYZi3
مجموعة حرمون بالتلغرام:
راديو حرمون:
https://onlineradiobox. com/lb/haramoon/?cs=lb. haramoon&played=1