عفاف البعداني
كاتبة من اليمن
هكذا كانت صدفة الأيادي أن ألتمس شيئًا مجهولاً يشبه قلبي قبل أن أعرفه، أستشفي به حنينًا، وأهرب من وجعٍ يعجُّ في رأسي بقوة شرسة بعناد مستتب تفوح رائحته من كل خلية.
أنتقل بين أسئلة الحياة باحثة عن أجوبة تشبه حياداً واقعياً، وعن شخص بمقدوره أن يعيق الألم بمزيد من التأقلم، علّ مرضي هذه المرة ينضج ويتحوّل لشيء مبهج يتراقص بداخلي فيخفف حدة الألم بألم معاند. وحيال ذلك كانَ “وحيد” متمماً لبعض الأجوبة التي اختزلتها عن الجميع؛ ليكشف بعضها، في تمكنه الجازم من ترويض صفعات ألمه ومرضه، كفاءته ومقاومته وارتياعه من الجميع، حبّه للشاي وللقهوة وكأنهما المصدر الوحيد لتدفئة جسده، اختلاقه لحياة فارقة مع نفسه ليكون وحيداً بكل التفاصيل الحياتية، كل هذه الأُحجيات، حلت نصف أجوبتي بهالات من ملكة التفكير.
هو فعلاً غريبٌ ويعاني ما أعانيه من وحدته مع أنه محاط بالجميع؛ لكنه لا يحبّ سوى مكتبته وغرفته وساعته الرمادية، وأخيراً لجوئه للغياب عند حضور الجميع، يكاد يفقد قواه من ألم يفتك برأسه، يتوسل للحياة أن تبقيه كل صباح. وهي في نفسها تقرّر أن تنهي صبره عند كل مساء. لا أدري أهي صدفة القدر مجدداً أن آخذ كتاباً لنعيش المرارة نفسها، أم هي مواساة الكتب لي بطريقة روحية.
غلبتني رغبتي هذه المرة أن أعيش المرارة مضاعفة، مرة معي ومرة مع إنسانٍ سقيم يقطن في منتصف الكتب وله ياسمينة تذبل بهجره كل يوم، والحمدلله صحيح لم أكتوِ بذلك المرض السيئ الذي أصيب به وحيد؛ لكنّي شعرت بمرارته ومصاحبته للألم، فأنا قد دفعني تعبي لأتأقلم مع استدرار الغصص عندما أقرأ وأكتب وأتحرّك أعيش بصعوبة، وأتنفّس عبر تناهيد موسيقيّة، وكأني حارس أترقب دمويّة المتألمين جداً، ولكن من خارج الكُتب.
ألوذ بحسّي الفضيع في التفهم لأعيش وأفند حياة أدبية بداخلي في ضاحية تطلّ نحو السماء، أصرُّ على أن ألمي ليس عادياً، وهزائمي ليست عادية، ونظرتي للكون ليست أبداً سطحية، حتى شعوري وضحكتي، حبي، عصبيتي، وضعفي لا يستحقّ إلا أن أتشاركه مع أشخاص قضوا معظم حياتهم مع الكتب، اصطفتهم الحياة واللغة والفطانة ليكونوا رفقاءها بالرقة والطيب والسّعة والوفاء، أشخاص وحيدين مجرّدين من الأصدقاء والأعزاء وكل ما ينتمي للحب إلا ما ندر.
قائلها كان محقاً:
”لقد عوّضتني القراءة
عن الأصدقاء الذين لم يبقوا
عن المدن التي لم أزُر
عن الطرقات التي لم أقطع
لقد أنرتُ زوايا وحدتي بالكتب”.
يتبع..
لإعلاناتكم في منصة حرمون يرجى الاتصال واتس:
0096176920208
وللانضمام:
محاضرات حرمون – DXN
https://chat.whatsapp.com/JbVdC6tDtFa3Os7TKYOaIm
مجموعة حرمون للتعليم والإعلام والتدريب:
https://chat. whatsapp. com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية:
https://chat. whatsapp. com/HFNrMOLD5TKDxmZTTjYZi3
مجموعة حرمون بالتلغرام:
راديو حرمون:
https://onlineradiobox. com/lb/haramoon/?cs=lb. haramoon&played=1