- يسري على تركيا ما يسري على الدول العربية والإسلامية التي تقيم علاقات دبلوماسية وتجارية وتعاون عسكري مع كيان الاحتلال، حيث لا قيمة لكل الكلام والمواقف السياسية التي لا تصل إلى الحد الذي بلغته دول غير عربية وغير إسلامية، مثل كولومبيا وبوليفيا وتشيلي التي قطعت علاقتها بكيان الاحتلال، تعبيراً عن الاحتجاج على الجرائم المتمادية التي واصل كيان الاحتلال ارتكابها منذ إعلان الحرب على غزة والمقاومة بعد طوفان الأقصى.
- لا يمكن لأي ذريعة أن تمثل عذراً لأي دولة تدّعي الوقوف الى جانب فلسطين وغزة، مثلما تفعل الحكومة التركية، كي تستمر بعلاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع كيان الاحتلال، ذلك أن أضعف الإيمان هو أن تلاقي هذه الحكومات بخطوات عملية، العزلة التي فرضتها الشعوب عبر العالم على كيان الاحتلال، سواء عبر التظاهرات أو حملات المقاطعة للبضائع والجامعات والمؤسسات الإسرائيلية، أو عبر مطالبة الحكومات باتخاذ مواقف واضحة في إنزال العقاب بكيان الاحتلال على جرائمه المتمادية بحق شعب فلسطين.
- على ضفة موازية تجب مساءلة روسيا والصين بعيداً عن منطق التحالف والشراكة في المواجهة مع مشروع الهيمنة الأميركية الذي تخاض إحدى أهم معاركه هنا في منطقتنا، وتشكل معركة غزة وما تفرّع عنها من حروب في العراق والبحر الأحمر خصوصاً، حروب استنزاف عسكرية ومعنوية لأميركا العدو المشترك، بما يوجب اتخاذ مواقف مساندة تعبّر عن مفهوم الشراكة في مواجهة تترتب عليها مكاسب لكل مَن يُعتبر أنه في جبهة مواجهة مع مشروع الهيمنة.
- بعيداً عن هذا الحساب، ثمّة سؤال يتصل بالنظرة لروسيا والصين كقوتين صاعدتين تحت شعار الدعوة لنظام عالميّ جديد يقوم على معايير القانون الدوليّ ولا مكان فيه للمحاباة واللعبة المصلحية الضيقة، ذلك أن روسيا والصين دولتان لكل منهما مكانة عالمية مهمة، وهما معنيتان بإظهار نموذج النظام العالمي الجديد الذي تدعوان إليه بمواقف تقول إنه إذا كان الفيتو الأميركي قد عطّل فرص تفعيل النظام الذي يقوم عليه مجلس الأمن الدولي، فإن كلاً منهما قد اتخذت إجراءات عقابية بحق كيان الاحتلال تتناسب مع جرائمه. وأقل العقاب هنا هو تعليق العلاقات الدبلوماسية والعقود التجارية حتى يتوقف العدوان على غزة. فهذا هو جوهر المفهوم الأخلاقي لنظام عالمي جديد نتطلّع لأن تكون روسيا والصين نموذجاً له في سياسات كل منهما.
(جريدة البناء – التعليق السياسيّ)