هاشم حسن التميمي
قبل خمسين عاما كنا نجلس بخشوع ورهبة لنتلقى درسنا الاول في قسم الإعلام وكان عنوانه رسالة الصحافة.
وقف أمامنا أستاذنا القدير الراحل الدكتور سنان سعيد، وقال لنا بعد الترحيب والتعارف إن الصحافة مهارات في فن التعبير والتأثير سينجح من يجيدها ويتعلم أسرارها، ولكن لا ينتصر فيها الا من تعلم درسها الاول المتمثل بأخلاقيات المهنة بوصفها رسالة إنسانية نبيلة في نقل الحقيقة في سياقات أنيقة ومشوقة ومهذبة بدون تجريح حتى لو كان بالإشارة والتلميح… ومرّت السنوات بل العقود وتدرجنا في عملنا الصحافي من مندوبين ومراسلين نركض وراء الاخبار ثم محررين وبعدها محاورين وكتاب تحقيقات وأعمدة ومقالات ورؤساء تحرير…
التقينا رؤساء وكباراً ومسؤولين وأدباء ونجوماً ومشاهير في مختلف الحقول وحتى متسوّلين ومجرمين وكل فئات المجتمع. في الحرب والسلام مارسنا كل اشكال وفنون الصحافة في الحرب والسلام، وعلى الرغم من كل ذلك وتحت وطأة وقسوة كل الظروف لم ننس درسنا الاول ( الصحافة فن ورسالة واخلاق)…
وحين اشتد عودنا وقادتنا الأقدار للدراسات العليا ووجدنا انفسنا أساتذة نقف امام طلبتنا وقادنا ذلك لاستذكار استاذنا الاول ودرسه الاول عن رسالة وأخلاق الصحافة فلم تغيرنا الايام وتقلبات وتطورات وسائل الإعلام…
لم نحوّلها لسلم نتسلقه لانتزاع مناصب او مكاسب ولم نجعل منها وسيلة للتملق او للابتزاز للحصول على سكن رئاسي وسيارات حديثة في سنوات قليلة ونعيش برفاهية لا يحققها الراتب المشروع في ألف سنة… ابتعدنا عن الغرور والتنمر ونحن نوجه الاسئلة للمجتهد او المقصر. تعلمنا اصول الحوار والسؤال في المؤتمر الصحافي او الحوار التلفزيوني… ويتم ذلك عبر حراس بوابات في كل صحيفة وإذاعة وقناة تدقق صحة المعلومة وصياغتها ومصدرها وطريقة وأسلوب عرضها بدون اتهام او تجريح ومن خلال مهارات في عرض الأسئلة الذكية التي تقود للاجوبة المطلوبة بدون استفزاز أو ابتزاز نيابة عن لوبيات لها أجندات وتجنّد للأسف اعلاميين للقيام بهذه المهام القذرة…
وهي على كل حال مكشوفة عند زملاء المهنة ولا تمرر على الجمهور الذي يمتلك حساً نقدياً يميز ما بين النقد الموضوعي الصادق عن الغرض المبيت واعتماد التهريج والتلفيق والتزييف وسيلة للإشهار.. وابتلاع المليارات مثل المنشار يأكل وهو صاعد بالمديح ويقبض وهو نازل ثمن السكوت عن ملفات وصفقات .
وللأسف تجاوز البعض أخلاقيات المهنة وأصولها وأمعن في استغلال صفته الصحافية لارهاب الآخرين والاعتقاد بان الصحفي في القرن الحادي والعشرين فوق القانون. وفعلاً بعضهم ارتكب جرائم جنائية خطيرة مستثمرين علاقاتهم مع عدد غير قليل من كبار المسؤولين من الذين يحتاجونهم لتلميع صورهم او يخشون الصحافة الصفراء وقدراتها على التشهير. وبالتأكيد ان من يخاف هذه الاصوات المتنمرة فإما وضعه مريب او يفهم دور الصحافة بطريقة غير صحيحة أو غير مكترث… واتسعت هذه الظاهرة لغياب العقاب والإفلات من القانون بذريعة حرية التعبير وضعف الرقابة المهنية وسياقات انضباط الصحافيين… ولا حياة او حياء لهذه الظاهرة ورموزها النتة من المرتزقة… لأن درسنا الاول سيبقى في الضمير والذاكرة وسيكون هو الدرس الاول لكل صحافي شريف يعشق مهنته ويحب وطنه.
ويجب أن لا يفهم كلامنا بالمقلوب او انه تاييد لإجراءات تكميم الاقواه حكومياً وبرلمانياً ومليشياوياً او اي مصدر آخر يصادر تعدد الاصوات ويحول اجهزة الاعلام الى أبواق تتستر على الفساد وانتهاكات حقوق الوطن والمواطن. وابتزاز الناس لمصالح ضيقة. والمطلوب التوازن ما بين حرية التعبير ومواثيق الشرف .
لإعلاناتكم في منصة حرمون يرجى الاتصال واتس:
0096176920208
وللانضمام:
مجموعة حرمون للتعليم والإعلام والتدريب:
https://chat. whatsapp. com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية:
https://chat. whatsapp. com/HFNrMOLD5TKDxmZTTjYZi3
مجموعة حرمون بالتلغرام:
راديو حرمون:
https://onlineradiobox. com/lb/haramoon/?cs=lb. haramoon&played=1