وفاء علي الكردي
كاتبة ومدربة من الأردن
ط وف ا ن ا ل أق ص ى.. وأنا.
لا زالت غزة والطوفان الكبير حديثنا بين الفينة والأخرى، لعجب العجاب ما حدث في الأشهر الأربعة الأخيرة. تحدثنا عن معجزة تغيير العالم وفكره والتغلغل إلى الروح الإنسانية فيه تلك اليقظة الصدمة التي استيقظت فيها شعوب العالم أجمع، رغم كل تلك الأموال الطائلة والجهود من إعلام وأفلام ودعايات لتشويه الإسلام والشعب الفلسطيني لأنه على الجبهة الأولى الملاصقة للاحتلال الصهيوني، حتى بعض الأفراد من ضمن هؤلاء هم يهود. في الأصل 7 سبعة أكتوبر هي صيحة.. ايقظت العالم وأصمت أذنيه لم يعد من الممكن النكران أو الإدعاء بأنهم لم يسمعوا ولم يعوا.. صرخة حررت شعوب الأرض..
تساءلت صديقتي ولكن موقف الأعراب أستهجنه ولم أكن أتوقعه؟!
أخبرتها: يا صديقتي نحن العرب ننسى التاريخ ننسى أن نقرأ في طياته أو لا نرغب.. نسينا أن الخيانة كانت فينا وهي أبداً لم تغادرنا بل تغازلت وتوحدت وتزاوجت مع الخذلان والتخلي من أجل المصالح والمكاسب الدنيوية..
قلت لها من سلّم بغداد للتتر المغول عربي مسلم..
من سلم الأندلس وانسحب أيضاً عربي مسلم..
مَن ساهم في إنهاء الخلافة العثمانية؟! نحن من سلم بغداد للأميركان الخيانة والخذلان العربي.. من ضيّق اتساع القضية الفلسطينية من قضية إسلامية وعروبية، وجعلها قضية فلسطينية فقط لا تخصّ عربياً او مسلماً هي شأن داخلي..
عند سقوط بغداد للمرة الأخيرة سقطت الأقنعة عن وجه العروبة لتظهر وجهيْ الخيانة والخذلان عن المنظمات وعن الحكومات التي كانت تدّعي الحشد والرباط والتحرير، وكانت أوسلو سيئة الذكر.. كانت تحركهم المصالح ومكاسب الدنيا ومطامعهم الشخصية.
وهكذا نحن ننسى كم قتل هولاكو وتيمورلنك من المسلمين. ننسى الإبادة الجماعية لشعوب الأرض ولا نذكر الأ أنه أدعى الإسلام وحسن إسلامه بكل سذاجة نغتبط ونفتخر به..
وننسى الأعداد المهولة التي قتلتها يد الغدر للكنيسة وفرسان الهيكل في الحروب الصليبية، ولكننا نفتخر ونعجب، لرأيهم وإعجابهم بخلق قائد حطين.. الذي انتصر عليهم، وجعلهم يخرجون بأمان مع كامل ذهبهم وأموالهم وأولادهم، وتلك الأموال في الأصل مال المسلمين وحقهم.. لقد نسينا تلك الدماء الزكية التي أغرقت أرض بلدنا وأزهقت أرواح الألوف المؤلفة من شعوب هذه البلاد ولم تأخذ بثأرهم تلك القوة عند نصرها، بل سمحت لهم بتسامح المسلم المنتصر أن يغادروا بثروات شعوبها. نفتخر بالماضي والتاريخ المزيف لشعبنا!!
لماذا طوفان الأقصى أسقط الأقنعة عن العربان وأصحاب الأموال والطول والقرار من دول كانت تدّعي الإسلام ببساطة أذهب وأقرأ سورة التوبة..
لتعرف ما حصل بالفعل وكيف الله أراد فضحهم وتعريتهم..
ففي سورة التوبة عندما أخبرنا الله عز وجل عن المخلفين.. نقرأ هذه الآية الكريمة {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين}.
هنا يتبين لنا أول مظاهر الكشف عن المنافقين وبيان أحوالهم مع المؤمنين من استثقالهم للجهاد واستئذانهم في التخلف عنه، وظهور أمارات نفاقهم في الأقوال والأفعال وفضيحتهم فيها، ووعيدهم عليها، وعلى نفاقهم الصادرة عنه. وعن تمنيهم أن يهزم المسلمون ويعودوا إلى المدينة في خزي وانكسار..
سورة التوبة
انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) ۞ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47).
وهنا بين لنا الله أنهم لو خرجوا مع المسلمين لأثاروا البلبلة والثُغَر التي تسمح للعدو بالدخول بين صفوف المقاتلين وكشف عوراتهم والإجهاز عليهم ولثبطوا همم المقاتل المسلم لأن منهم مَن يسمع لهم ويعجبهم قولهم، لأنهم كمنافقين لم يكونوا قد فضحوا من قبل ولم يكن هذا التصنيف لسكان المدينة قد ظهر فهنا المهاجرون والأنصار والأعراب واليهود.. ولكن أحبّ الله أن يكشف للرسول وللمؤمنين الذين معهم صنفاً آخر من شعب المدينة مخفياً يظهرون ما لا يبطنون وهم المنافقون. الله صنفهم الله ووصفهم، والله سماهم منافقين، ولا زالوا إلى يومنا هذا لا يزيدوننا إلا خبالاً..
فظهرت دول وشعوب من الأعراب الذين مردوا على النفاق.. فلا تحتاج لهم بأي صورة أو زمن ليكونوا على جبهات التحرير مع عباد الرحمن أولو البأس الذين يجوسون خلال الديار..
لا زال أحفاد المنافقين بيننا يحاولون بكل السبل والطرق إسقاط أحفاد الصحابة المؤمنين حقاً.
وهذا ما قال الله فيهم: {سورة التوبة }
{وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)}.
هؤلاء الأعراب لم ينتهوا ولم يتوبوا يوما لا زالوا يتناسلون وينتشرون بيننا بكل خسة وخذلانهم وخيانتهم مستمرة فلا تعجبوا.
فرق الله بين من تخلفوا من المؤمنين حقاً ولكنهم تخلفوا لتفضيلهم أموالهم وأبناءهم وتراخيهم لظنهم أن من خرج منهم يسدّ عنهم وأنهم خرجوا أو لم يخرجوا سواء..
فقال الله فيهم:
{1) وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)}.
كل أولئك اعتذروا للرسول عن تخلفهم عن الجهاد في سبيل الله وقبل الرسول عذرهم ودعا لهم الله بالمغفرة والرحمة، فغفر الله عنهم وعفا الرسول عنهم وكفارتهم هي صدقات أموالهم لتزكية نفوسهم.. إلا المخلفون الثلاثة الذين ليس لهم عذر،
لذلك عندما يستنفر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين للجهاد يخرج كل مسلم صادق، ولا يتخلف إلا أهل الأعذار الشرعية أو أهل النفاق، ولكن في غزوة تبوك تخلف ثلاثة رجال كعب بن مالك ومرارة بن ربيع وهلال بن أبي أمية عن الغزو مع الرسول صلى الله عليه وسلم من غير عذر شرعي ولا نفاق.
تخلف الثلاثة عن الغزو الذي كان في زمان الحر والشدة، ولكن رغم فداحة الذنب وعظمته تجاوز الله عنهم وغفر لهم صنيعهم، لأنهم كانوا صادقين مع أنفسهم ومع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لم يخادعوه ولم يأتوا بأعذار كاذبة، بل صدقوا واعترفوا بتخلفهم، ولجأوا إلى الله تائبين مستغفرين فتاب الله عليهم.
والآيات التي نزلت في توبتهم هي قوله تعالى:
{وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم * يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} (التوبة: 118، 119).
وهكذا نرى أن آيات القرآن الكريم عندما تنزل في أي من أحوال المسلمين أو تنزل في تشريع أو قانون فهو ليس لزمن معين ولا وقت محصور في مكان أو زمان..
لا زال فينا المنافقون ممن بيننا الخونة الطابور الخامس،
والصنف الثاني المنافقون من الأعراب الذين مردوا على النفاق.
والصنف الثالث، المؤمنون الذين لا يكذبون ويظنون أن جهادهم فقط الدعاء لله بنصر اخوتنا المجاهدين. ونحن هم هؤلاء والسواد الأعظم في كل الدول العربية عسى الله أن يغفر لنا ويتوب علينا.
والنصف الرابع المخلفون من الرجال العجزة القعدة والأطفال والنساء هؤلاء الذين سقط الجهاد عنهم لضعفهم وعجزهم والأصل هم غير مكلفين.
نحن بكل أصنافنا نتجلى بوضوح ونتعرّى أمام أنفسنا وأمام الآخرين.. والعالم أجمع سقطت الأقنعة وتجلت الإنسانية والأخلاق مع بعضهم. وبعضهم بوضوح يفخرون بالمعايير المزدوجة وحقوق الإنسان التي هي فقط لجنسهم وتجلت عنصريتهم وتعصبهم للجنس الأبيض الأوروبي وعدم اعترافهم بحقوق الشعوب الأخرى وخاصة الشعوب المسلمة وخصوصاً الشعب الفلسطيني.. فهم بنظرهم حيوانات بشرية تجب إبادتها والتخلص منها دون وازع من ضمير أو أخلاق ولا حتى القانون الدولي، كما يدعون بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي هي بعيدة كل البعد عن الإنسان المسلم وخاصة الفلسطيني.
أما الموالون لهم من الأعراب الذين مردوا على النفاق ما هم إلا كلاب لهم يستخدمونهم في حربهم ضد الإنسانية في غزة العزة..
هذه قراءتي في ما ترسله غزة كل يوم من عبر وصيحة حق..
لله اطلب المغفرة والتوبة لتخلفنا عن الركب في الجهاد لتحرير الأرض التي سلبت وسلمت لشتات أقل ما يُقال عنه أنه الاكثر بعداً عن الإنسانية والديمقراطية، أيقونة الغرب الممسوخة..
ليفغر الله لي ولكم.. نحن مخلفو هذا العصر، وفي الختام اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
حيث هو صاحب القدرة على الصبر والمغفرة والتسامح حتى مع الذين هم أعداء هذا الدين.. والسلام.
لإعلاناتكم في منصة حرمون يرجى الاتصال واتس:
0096176920208
وللانضمام:
مجموعة حرمون للتعليم والإعلام والتدريب:
https://chat. whatsapp. com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية:
https://chat. whatsapp. com/HFNrMOLD5TKDxmZTTjYZi3
مجموعة حرمون بالتلغرام:
راديو حرمون:
https://onlineradiobox. com/lb/haramoon/?cs=lb. haramoon&played=1