عبير شروف
الحقيقة التّائهة برنامجٌ متواصل وينبوع حان وقتُ تفجّرِّه. هو الحقيقة المخبّأةُ التي ضاق بها باطنُ الأرض لتخرجَ مياهاً رقراقةً عذبة لا يستطيع أحدٌ ألّا أن يرى جمالَها، ليس فقط لأنّها جميلة، بل لأنّها الحقيقة.
الحلقة الأولى: الطّائفة الفزّاعة
الحقيقة تائهة منذ بداية الكون ولا بدّ من البدء في الإضاءة عليها من مكان ما وزمان ما، لأن البدءَ من نقطةِ الصّفر مستحيل، ولا من أحد باستطاعته الرّجوعَ إلى الوراء إلى نقطةِ الصّفر. لذا اخترت أن أبدأ من اللّحظةِ والزّمنِ الحاليّين. صادف كتابَتي للحلقةِ الأولى حدثُ التّمديد لقائد الجيش اللّبنانيّ العماد جوزيف عون. فوقع على هذا الحدث التّكليفُ في أن يكونَ موضوعَ الحلقةِ الأولى من برنامج الحقيقة التّائهة. ليس المقصودُ بالعُنوان طائفةً محدّدة أو طائفةً واحدة، بل المقصود بها كلُّ الطّوائف، وفي لبنان لدينا ثماني عشرَة طائفة. كلّ واحدة هي بمثابة فزّاعة للأخريات. لا تكاد تجرؤ واحدةٌ أن تطالَ الأخرى بأحد امتيازاتها، حتّى تهبّ غيرةُ دينِ الأخرى، وتقف على سلاحها وتكشّر عن أنيابها.
أنصعُ مثال على ما أتكلّم عنه هو ما قاله عبر نهاركم سعيد نائبُ اللّقاء الدّيمقراطي بلال عبدالله، عندما غمز ورمى بشبكتِه في البحر المتوسّط لمعمعة الطّوائف. فقال: “يجب في لحظة من اللّحظات، أن نتوافقَ جميعاً على أن يكونَ قائدُ الجيش غيَر مارونيّ ربّما”.
كلام خطير من مسؤول يدرس كلَّ كلمةٍ بعناية فائقة قبل أن يتلفّظَ بها. بمعنى أنّها ليست زلّةُ لسان، بل كما ذكرت في الأعلى، هو رمى شبكتَه ويرنو إلى مشروع سياسيّ مستقبليّ يلوح في الأفق ربّما. أو أنّه حذّر من التّلاعب بمنصب رئيس الأركان الدّرزيّ.
هذه التّعليلات لهذه القنبُلة الصّوتيّة التي رمى بها عبدالله، على وقع أصوات الصّواريخ التي يرسل بها حزبُ اللّه إلى الجليل الأعلى، ليست بباب القصيد هنا، بل العبرة في أنّ القنبلة كان صوتُها مدوّياً واستدعى المحاورة ندى إندراوس عزيز بأن تخرجَ عن موضوعيّتها كمحاورة و(تزعل)، معلنة على الهواء عن رفضها لطرح كهذا جملةً وتفصيلاً ولو بطريقة فكاهيّة.
الجدير بالذّكر أنّ عبدالله كان الأجدى به أو بندى أندراوس أو بضيف الحلقة الموجود في استديو الـLBC نائب تكتّل لبنان القويّ جيمي جبّورأن ينصح أحدهُم عبدالله نفسَه ويوافقَ على طرحه عبر البدء بمنصب رئيس الأركان، بما أنّ هذا المنصب هو المستحقّ الآن. لكن الصّدمة التي مُني بها الاثنان لم تسمح لفكرة كهذه أن تراودَهما.
كنت أتمنّى لو ووجه عبدالله بهذا النّسف للموقع الدّرزيّ الذي هو من حصّة كتلتِه النّيابيّة والدّرزيّة بامتياز، كيف كان لينصعقَ هو الآخر كما فعل وصعق كلّ المشاهدين من كلّ الطّوائف بطرحه.
جميعُ الأطرافِ السّياسيّة ِالتّقليديّة تتغنّى بإلغاء النّظام الطّائفيّ في لبنان ويدّعونَ أولويّةَ من طالبوا به. صحيح، كلُّهم يطالبون به ولكنّهم يدركون أنّه من سابع المستحيلات أن يأتي يومٌ ويتحقّق هذا الإلغاء، لذا فهم مطمئنّون لعدمِ جدوى المطالبة.
في النّهاية نتساءل لماذا لا يوجد لدينا رئيس جمهوريّة لدولتنا العزيزة بعد؟ أظنّ أنَّ الجوابَ واضحٌ عبر ما دار اليومَ من نقاشٍ عقيم بين ساسةٍ طائفيّين، يفتّشون عن رئيس يحمي طائفيَّتَهم برموش العين، كي يبقوا في مواقعهم وإلّا لن يبقى منهم سياسيٌّ واحد..
وللحديث تتمّة في حلقات تضيء على الحقيقة التي يتنكّرُ لها الجميع. وشكراً. عبير.
لإعلاناتكم في منصة حرمون يرجى الاتصال واتس:
0096176920208
وللانضمام:
مجموعة حرمون للتعليم والإعلام والتدريب:
https://chat.whatsapp.com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية:
https://chat.whatsapp.com/HFNrMOLD5TKDxmZTTjYZi3
مجموعة حرمون بالتلغرام:
راديو حرمون:
https://onlineradiobox.com/lb/haramoon/?cs=lb.haramoon&played=1