خاب ظن اللبنانيين في خريف 2023، وقد جاءهم الخبر الصادم من شركة “توتال إينرجي” بأنها لم تعثر على غاز في البلوك رقم 9، معلنة عن تفكيك الحفارة ونقلها إلى قبرص، تاركةً سيلاً من التساؤلات حول حقيقة ما حصل وعن مصير قطاع البترول في لبنان. فماذا ينتظرنا في العام 2024؟
فنّدت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الخبيرة لوري هايتيان واقع قطاع النفط في لبنان، معتبرة أن العام 2023 لم يكن سيئاً لا بل كان جيداً، وأن ترسيم الحدود البحرية في العام ٢٠٢٢ أعطى ثماره في العام ٢٠٢٣ وحصل الحفر الاستكشافي في البلوك رقم ٩، مضيفة “النتيجة جاءت سلبية وهذا أمر طبيعي، فالحفر لا يؤدي دائماً الى اكتشافات تجارية وبالتالي توقعاتنا يجب أن تكون واقعية. ولذلك كنا نقول منذ البداية بأن هناك احتمالات بألا يتم العثور على غاز أو العثور على كميات قليلة أو كميات تجارية ومن بعدها يكون الانتقال الى مرحلة إنتاج النفط والغاز المكتشَف. وبالتالي اعتبر أن ٢٠٢٣ كانت جيدة فبالنتيجة حصل الحفر الاستكشافي الثاني بعد الحفر الأول في البلوك رقم ٤ في العام ٢٠٢٠”.
لكن هايتيان تضيف، في حديث لموقع mtv: “صحيح أن النتائج طبيعية لكن كان المطلوب وتيرة أسرع لعمليات الحفر والاستكشاف وتلزيم البلوكات، الأمر الذي كان يحصل ببطء بين عامي ٢٠٢٠ و٢٠٢٣”، مستطردة “لا يجب أن ننسى أنه في تشرين الأول ٢٠٢٣ انتهت دورة التراخيص الثانية بعدما كانت مفتوحة منذ العام ٢٠١٩، مع الكونسورتيوم نفسه الذي يضم شركات توتال إنيرجي وإيني وقطر للطاقة، والتي قدّمت عرضين على البلوك ٨ و١٠، والحكومة اللبنانية تقوم بدرس هذين الملفين لاتخاذ القرار المناسب من خلال هيئة إدارة قطاع البترول”.
وعمّا إذا أقفل البلوك رقم 9 نهائياً، قالت هايتيان: “لم يُقفل طالما لا يزال هناك عقد موقّع بين الشركات الثلاث والحكومة اللبنانية. وبالتالي لا تزال الاحتمالات كلها مفتوحة. وشركة توتال بإمكانها أن تقرّر مع شركائها استكمال عمليات حفر أخرى اذا وجدوا أن هناك إمكانية لاكتشافات بناء على عمليات الحفر التي حصلت والعينات التي أُخذت والدراسات الجيولوجية التي حصلت”.
ولكن ما الخطوات التي يجب أن يشهدها القطاع، توضح هايتيان أن “على الدولة أن ترد على الطلبين المقدّمَين بخصوص البلوكين ٨ و١٠، وأن تفتح مجدداً دورة التراخيص الاضافية، لعرض البلوكات الأخرى”. إلا انها لفتت إلى ان الدولة بحالة انهيار منذ العام ٢٠١٩ ولا توجد أية خطة نهوض وتعمل بالترقيع، في حين تحوّل البلد الى اقتصاد “الكاش” ولم تحصل تعديلات في القطاع المصرفي لإعادة نهوض المصارف فيما المصرف المركزي بلا رئيس أصيل وهناك فشل كبير في الدولة. وأضافت “أمام هذا الفشل المؤسساتي، حيث لا رئيس للجمهورية والحكومة تصريف أعمال والمصارف منهارة والوضع غير مستقر في المصرف المركزي، فمن الصعب استقطاب الشركات للاستثمار بملايين الدولارات في ظل ظروف لبنان الحالية”.
ولكن ماذا عن البلوك رقم ٨؟ ومتى تبدأ عمليات المسح فيه؟ أجابت “لا نعرف اذا كانت الشركات بدأت بالمسوحات في البلوكين ٨ و١٠ ومتى ستنتهي. هذه الاسئلة حول مصير المسوحات يجب ان تُسأل للحكومة خصوصاً في البلوك ٨”.
وعمّا إذا هناك عملية تنقيب جديدة يمكن أن تحصل في المدى القريب، قالت هايتيان: “طالما شركة توتال لم تعلن عن أي أعمال تنقيب جديدة في البلوك ٩ فهذا يعني أن لا أعمال تنقيب قريبة”.
وبالتالي ماذا يمكن أن تحمل سنة ٢٠٢٤ على مستوى ملف النفط؟
تكشف هايتيان انه “في العام ٢٠٢٤ علينا أن ننتظر نتائج العرضين المقدمَين على البلوكين ٨ و١٠، واستناداً اليها نعلم ما الخطة التقنية والعملية المقدّمة من الشركات في حال قبلت الدولة بها. وحينها يمكن أن نعلم ما الأنشطة البترولية خلال العام ٢٠٢٤”. لكنها استبعدت أن يكون هناك أعمال تنقيب لأن الشركات ستكون أمام تحضيرات تقنية إذا ما وقّعت مع الحكومة اللبنانية. وبالتالي هناك عمل تقني أكثر قد يحصل في العام ٢٠٢٤. واستطردت بالقول: “أما اذا لم توافق الحكومة على العرضَين فلن يحصل أي جديد على صعيد قطاع النفط والغاز”.