ميخائيل عوض
أمور لافتة وغير مسبوقة في حرب إبادة غزة وقتل الطفولة فيها وتدمير العمران.
وغير المسبوق في هذا الزمن تتزاحم على نحو يدفع للتفكير بأن اشياء عظيمة ستنتج عن الأحداث الجارية، في الإقليم والعالم.
وهذا ظن منطق الأشياء وحاجات الأزمنة والجغرافية وآليات تطور البشرية.
فالإصرار الاسرائيلي على اعتبار حرب غزة حرب وجودية، اي حرب حياة او موت.
ورفع شعار يا نحن يا هم، أمر لافت جداً.
بالمقابل فإعلان المحور؛ انها حرب تحرير فلسطين منطقي ويتساوق مع التطورات واختلالات موازين القوى ونضج ظروف وبيئات التحرير الكامل.
ما يعني أننا حقاً في زمن أن فلسطين؛ اما لنا او لهم ولم يعد من إمكانية للمماطلة والتأخير وادارة الازمة.
والقول الإسرائيلي؛ “إن الحرب ستستمر حتى سحق حماس وإخراجها مهزومة وإعادة صياغة غزة ودورها في الصراع، ولو استغرقت سنة: ينطبق عليه المثل “شخاخ وبنام بالنص” تبدو أقاويل وعناوين واهية تنتمي الى الخيال المريض.
فمن سقط جيشه وأمنه وتقنياته بلحظات تحت اقدام مقاتلي القسام في طوفان الأقصى، ومن استعان من الساعات الاولى بأميركا وإدارتها وجيشها وسلم قيادة جيشه لضباط اركان أميركيين، فمن اين له العزيمة والجرأة ان يرفع سقوف حربه الى حدود المستحيل.
واللافت أيضاً أن أميركا التي تقود الجيش الإسرائيلي وارسلت جنوداً للقتال الى جانب الجيش المنهار معنوياً والعاجز، والفاقد للقدرة على ادارة المعارك والحروب تعزز اوهام القادة الإسرائيليين المنهزمين والمرتعبين مما سيكون بعد وقف النار وبمجرد الشروع بالهدنة سيساقون الى السجون، والمحاكم. وستذهب “اسرائيل” الى انفجار أزمتها التكوينية التي كانت على تخوم الانفجار عشية عملية طوفان الأقصى العجائبية والإبداعية.
اذا كان الاسرائيليون يبنون أوهامهم على ضعف في غزة وفصائلها، فالوقائع تكذبها وتحسم.
واذا كان الوهم الإسرائيلي يعلق على شراكة مصر والأردن والسعودية ودول التطبيع الموؤودة لحمايتها والقتال الى جانبها فهذه مثل امل ابليس في الجنة. اما اذا كان الرهان على رهاب محور المقاومة من الحشود العسكرية للأميركي والاساطيل فقد حسم الأمر السيد حسن نصرالله وقال؛ أعددنا لأساطيلكم العدد والعدة.
وتشكل مشاركة الحوثيين النشطة في الحرب والعراقيين في استهداف القواعد الأميركية في سورية والعراق ودوزنة حزب الله تشغيل الجبهة اللبنانية وتنسيق نيران الجبهات والسلاح ويمثل رداً حازماً ويسقط الاوهام والحسابات الخائبة.
لابد في الأمر إن؟؟
هل قررت أميركا التخلص من “اسرائيل” وعبئها بتوريطها او باستخدامها كأخر خرطوشة لتدمير الاقليم ولو أدى الى سحق “اسرائيل” والقواعد الأميركية والاطلسية وسقوط النظم الموالية والعميلة، وتالياً هي تورط “اسرائيل” لإطالة الحرب الى ان يكتمل الحشد الامريكي ثم تقوم أميركا بتدمير طهران وبغداد ودمشق وصنعاء وبيروت بقرار عن سابق تصوّر يقتضي ترك المنطقة مدمرة ما دامت تمردت على أميركا وازمتها ووفرت اسباب وشروط نهوض اوراسيا وبذلك تكسب وقتاً لإعادة ترميم الدور الامريكي العالمي في العالم الجديد المنتظر ولادته بعد المخاض القاسي الجاري بين فلسطين واوكرانيا؟؟
هذا سيناريو ينتمي الى منظومة عليّ وعلى أعدائي يا رب.
والسؤال ما الذي يحفز أميركا عليه ما دامت خسارتها لـ”إسرائيل” تعتبر خسارة لمعركة في حربها لإعادة فرض هيمنتها العالمية وخسارتها لـ”إسرائيل” اقل ضررا من خسارتها لأوكرانيا وجنوب شرق آسيا وسيادتها الاقتصادية في حربها مع الصين. فسوق المنطقة لحرب التدمير بما في ذلك قواعد ومصالح ونظم موالية وازالة “إسرائيل” سيعطي روسيا والصين قوة دفع هائلة لسحق النفوذ الأميركي في أوروبا واسيا واميركا اللاتينية.
اذن لماذا الاصرار الأميركي على عدم وقف النار في غزة والسعي لإطالة الحرب وضباطها وخبراؤها وقادة اركانها يعرفون أن لا قوة ولا قدرة لـ”إسرائيل” على تحمّل حرب الاستنزاف والخسائر العسكرية المهولة في غزة والجبهات الأخرى؟ ويزداد احتمال نهوض الشارع وفرض نفسه على النظم المطبعة وخياراتها وتصاعد النقمة الشعبية على “إسرائيل” في العالم وخاصة في اوروبا وأميركا التي بدأت تؤثر على فرص بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية؟؟ وكلما طالت الحرب اتسعت دائرة المعارضة والنهوض الشعبي نصرة لفلسطين ورفضاً للحرب الأميركية الإسرائيلية على غزة..
هل تتوهّم أميركا في ادارة الحرب الاسرائيلية على غزة وإطالة أمدها أنها ستوفر لها فرص إعادة إنتاج تجربة حصار بيروت وترحيل منظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٨٢، ربما …. الا ان هذا محض وهم ونقص تفكير وانعدام خيال، ومن يفكر على هذه السوية لا شك في أنه مصاب بالزهايمر وفقدان العقل والحكمة…
هل بلغت أميركا الشائخة وعالمها الانكلو ساكسوني قد بلغ هذا المستوى، ونموذجها الرئيس بايدن وتصرفاته هذا هو أغلب الظن.
يبقى احتمال ان إدارة أميركا للحرب والتفاوض واطالة مدتها، قد يكون هدفه عقلنة الرؤوس الحامية في اسرائيل وفي الادارة الاميركية نفسها تمهيدا لإعادة هيكلتها لاختبار محاولة إعادة تعويم ما يسمى بحل الدولتين على اساس وديعة رابين للأسد التي قتل بسببها، وبمقتضاها تفكك مستوطنات الضفة ويتم الانسحاب من الضفة والجولان وهذه الوصفة المدمّرة لإسرائيل بعد ان هيمن اليمينيون والتلموديون ومن الاستحالة دفعهم للقبول بتفكيك المستوطنات في الضفة والأهم انه عندما يبدأ الحديث الجدي عن ٤ حزيران ١٩٦٧ سيبدأ انهيار اسرائيل ورحيل ملايين المستوطنين….
كيفما سارت حرب غزة تقرّر أنها اثمن الجولات في حرب تحرير فلسطين طويلة الأمد وسيظفر المحور بنصر ثمين في جولة نوعيّة وغير مسبوقة..
فالمقارنة بين معركة بيروت ١٩٨٢ ومعركة غزة ٢٠٢٣ واهمة وخاطئة وعبثية..
وماذا عن مقولات؛ أن طوفان الأقصى حرب للتحريك وليس للتحرير، فهل هذا يفسّر الموقف الأميركي وقبول حماس التفاوض المباشر بعد ان كانت أوكلته لقطر وتركيا الاخوانيتين..؟
بيروت؛ ٥/١١/٢٠٢٣
للانضمام:
مجموعة اكاديمية حرمون للإعلام والتعليم:
https://chat.whatsapp.com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية: