عبدالهادي راجي المجالي
(كاتب من الأردن)
الناس صارت تنتظر أبو عبيدة، وأنا شخصياً من الناس الذي ينتظرون بياناته بشغف..
من هو (ابو عبيدة) يا ترى؟ شخصياً لا أعرفه وأتمنى لو يتاح لي شرف اللقاء به. ولكن ما أعرفه عن (ابو عبيدة) أنه لا يعمل في مجال المشاريع الريادية. من المؤكد أنه ما زال شاباً.. وما أعرفه أيضاً أنه ليس من الليبراليين الجدد، ولا يعتبر من تيار (الكتنوقراط). ولا يأكل (ستيك ويل دن) بمعنى: كامل الاستواء .
أبو عبيدة أيضاً، لا يمتلك دراجة نارية من نوع (هارلي) ويذهب بها إلى البحر في أيام العطل، هو أيضاً لا ينافس على مواقع متقدمة في الشركات الريادية التي تعمل عبر البحار، ولها فروع في (السيلكون فالي)…
هل يعرف أبو عبيدة معنى (الجندر)؟ هل اطلع على برامج تمكين المرأة؟ هل قرأ عن اتفاقية (سيداو)؟ لا أظن ذلك. ومن المؤكد أن (ابو عبيدة ) أيضاً – وهذه معلومة مهمة – لا يذهب للجيم ويرتدي ساعة فاخرة للتأكد من كمية السعرات الحرارية التي حرقها..
في عالم (ابو عبيدة) لا يوجد أخبار عائلية يسمعها في المساء من (الماما)، تؤكد أن (خالتو تمارا) ستأتي هذا الصيف من فرنسا، وعمتو (سوزي) قرّرت عمل (تاتو) على الكتف الأيسر.. وأن العائلة احترمت رغبة الإبن الأصغر بالهجرة إلى كندا، للعمل في مجال الأزياء.
أبو عبيدة أظنه يحفظ القرآن كاملاً عن ظهر قلب، وشارك في حفر نفق طوله (7) كيلومتر، وهو يقبل يد أمه في الصباح، وأقصى طموحاته أن يأخذ والدته للحج ويطوف بها الحرم. أبو عبيدة يجيد تركيب الصواريخ فقد عمل في الوحدة التي أطلقت على “إسرائيل” مئات منها.. وهو يجيد أيضاً تفكيك القذائف التي لم تنفجر، وأظنّه تخرج من الجامعة الإسلامية في غزة بتقدير جيد جداً. وأظنه عمل من أجل التمويه على وظيفته الرسمية كناطق باسم كتائب القسام، فني تبريد وتكييف، وصياداً في البحر. وعمل أيضاً على بناء أعلى برج من الكرامة والشرف والشموخ كي يزيّن به غزة .
لو تقدّم (ابو عبيدة ) للعمل في شركة ماذا سيكتب في (السي في) الخاص به؟ هل سيكتب أنه أخذ دورة في القصف المكثف؟ هل سيكتب أنه أيضاً تلقى دورات في الاقتحام ومارس عمليات نوعية في ذلك.. هل سيكتب في (السي في) الخاص به أيضاً أنه اجتاز بكالوريس الضمير العربي بامتياز وتحصل على ماجستير في الفداء، وكتب رسالة دكتوراه في التاريخ البطولي.. وتمريغ وجه “إسرائيل” في التراب؟
أبو عبيدة من مخيمات غزة خرج. عاش على الموائد التي يفرش تحتها ورق الجرائد والأواني البلاستيكية الصغيرة، والدقة الغزاوية والرضا التام، ومشى في شوارع المخيمات. وكان أعلى طموحاته في الصبا أن يمتلك (سكوتر) كي يذهب بها للعمل، كان أقصى طموح له أيضاً أن يأخذ الوالد والوالدة لبحر غزة.. ويجعلهما يستنشقان هواء المتوسط العليل.. كان أقصى طموحاته، أن يصل مستشفى الشفاء، ويحصل على دواء الضغط (للحجة) وإن لم يتمكن سيوصي بعضاً من الرفاق، أن يقوموا بتهريبه عبر الأنفاق..
هذا الفتى العربي الفلسطيني صار الآن حين يخرج على الشاشة، كل وسائل الإعلام العالمية تركض خلف حديثه. وصار شكل الكوفية محط إعجاب الأحرار في هذه الدنيا، والأهم أن (ابو عبيدة) يصدق الوعد.. فإذا قال كلمة نفذتها الفصائل دون تردد..
لقد صار مصدر إلهام للشباب العربي والمسلم، لدرجة أني حين أكتب عنه أعرف أن الحروف كلها والمقالات كلها، والحب كله، والدمع كله لن يرتقي حد حركة من سبابة كفه الأيمن وهو يرفعها للتشهد أثناء الخطاب .
للانضمام:
مجموعة اكاديمية حرمون للإعلام والتعليم:
https://chat.whatsapp.com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية:
https://chat.whatsapp.com/HFNrMOLD5TKDxmZTTjYZi3
راديو حرمون:
https://onlineradiobox.com/lb/haramoon/?cs=lb.haramoon&played=1