تحقيق : حنان نداف – الوكالة الوطنية
بينما تخاض حرب ابادة على مساحة 365 كلم في قطاع غزة بحق شعب يصحّ فيه القول “العدو من أمامهم والبحر من خلفهم”، تخاض حرب من نوع آخر لا تقل خطورة وشراسة عن حرب الميدان، أداتها منصات التواصل الاجتماعي وتحديداً مجموعة ميتا (فايسبوك، انستغرام، واتساب.. ) وشركة غوغل و”يوتيوب” ومنصة “أكس” وغيرها، حيث شرع مؤسسوها بتصميم خوارزميات جعلت من المحتوى المناهض للكيان الصهيوني والذي يفضح همجيته وإجرامه أمام العالم مهدّد بالحذف او الحظر او الحجب وذلك في تحيّز واضح وتحت قاعدة النظر للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بعين واحدة.
وقد بدا ذلك جليا في أول ايام اندلاع الحرب حيث شكا غالبية المستخدمين لا سيما منهم المؤثرون على هذه المنصات وممن لديهم اكبر نسبة متابعين، ان القصص والمنشورات المعروضة على حساباتهم والتي تتناول الحرب على غزة وتفضح جرائم العدو تعرضت اما للحذف او الحظر او الحجب او تدنٍ في نسب المشاهدات على غير عادة، ما حدا بالعديد منهم الى التحايل على هذه الخوارزميات للابقاء على المحتوى ونشره قدر الإمكان. وبالتالي ايصاله للجمهور الغربي تحديداً الذي تخوض إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة والدول الاوروبية، حملة اعلامية ممنهجة للتعمية على ما يجري في حرب غزة وتصويرها بصورة الضحية والمعتدى عليها وإخفاء جرائمها ومجازرها عن العالم وشيطنة الطرف الآخر.
فالحرب الاعلامية التي باتت أدواتها بالدرجة الاولى منصات التواصل الاجتماعي مهمة وضرورية في نقل الصورة وعدم تشويه الحقائق والوقائع، ومشاركتها مع العالم والجمهور الغربي تحديداً أكثر من ضروري من اجل خلق رأي عام للضغط باتجاه كبح جماح شهية العدو الإسرائيلي العدوانية وفتح العين الثانية للعالم من أجل رؤية واضحة وحقيقية لما يجري في غزة من ارتكابات ومجازر وفظائع بحق المدنيين وعدم احترام الشرائع والقوانين الدولية في قصف المستشفيات ودور العبادة وترويع المدنيين خصوصاً الاطفال منهم والنساء والشيوخ.
سوسان
ويؤكد الباحث والمتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي والاستاذ المحاضر في جامعة الأمير محمد بن فهد في المملكة العربية السعودية الدكتور طارق سوسان هذا الأمر، بأن “خوارزميات السوشل ميديا أصبحت مؤخراً تساهم في حجب وطمس shadowban بعض انواع المحتوى”، ويلفت الى ان “الكثيرين من صناع المحتوى يلجأون للتحايل على هذه الخوارزميات لتجنب هذا الحجب”.
وعدد سوسان حلولا مقترحة لتجنب الحذف او الحجب او الحظر وهي:
“تقديم بدائل للكلمات الرئيسية او الkeyword مثال مصطلح كلمة غزة استبداله بـ غzة..
جعل المتابعين على الصفحة يتفاعلون مع الستوريز وكل ما زاد هذا التفاعل تظهر أكثر على الصفحة الرئيسية.
أن ندعو المتابعين بوضع reply على الستوريز.
ان ننشر الأخبار من مصادر متنوّعة وموثوقة لأننا لا نعرف ماذا يظهر عند متابعي الصفحة وبالتالي مهم جداً ان يكون لدينا مصادر متعددة وموثوقة.
علينا عدم القيام بالـ update للتطبيقات لان هناك احتمالية ان تقلل من like وshare وcomment
لا نقوم بتنزيل كل المحتوى على نفس الموضوع دفعة واحدة وأن يكون هناك gap بين الstories ونخفّض ال video content reshare على الـstory والبديل أن نقوم بتسجيل للشاشة حتى يزيد الreach .
وني
ويقول عضو نقابة الصحافيين الفلسطينيين الدكتور وسيم وني وهو من الاشخاص الذين تعرّض حسابهم للحذف على موقع “الفايسبوك” بسبب تقديمه محتوى يفضح مجازر العدو الاسرائيلي في غزة: “في ذروة التفاعل مع ما يحصل في قطاع غزة من مجازر صهيونية عمد الفايسبوك إلى إغلاق حسابي الشخصي والموثق بشكل رسمي، وذلك بعد وضعي منشورا أطالب فيه بوقف العدوان والمجازر بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة، وذلك عبر إبلاغي أنني قمت بانتهاك معايير المجتمع، ولكني لا أعلم أي مجتمع قمت بانتهاكه بقلمي المتواضع والعدو الإسرائيلي يرتكب المجازر بأبناء شعبنا الفلسطيني ولا ينتهك أدنى القيم الإنسانية أو حتى الأخلاقية”.
واكمل “تُعدّ هذه الإجراءات التي تتبعها “ميتا” ووسائل التواصل الاجتماعي بكافة مسمياتها، تندرج ضمن محاولات مستمرة وممنهجة تقوم بها هذه المنصات لقمع الصوت والمحتوى الفلسطيني بدون تقديم اي مبررات أو اسباب مقنعة. وهذا يؤكد ارتباط هذه المنصات بوحدة “السايبر” التي تتبع بشكل مباشر لوزارة العدل الإسرائيلية، وتقدم بدورها مئات الآلاف من البلاغات لوسائل التواصل الاجتماعي بشأن المحتوى الفلسطيني أو من يناصر القضية الفلسطينية ويفضح ممارسات الاحتلال بدون أي مسوغ قانوني لذلك”.
اضاف: “بالطبع بعد إغلاق حسابي قمت بإنشاء حساب جديد على الفايسبوك ولكن هذه المرة عند قيامي بإنشاء أي منشور خاص ضد ممارسات الاحتلال اقوم بترميز النص كي لا أقع مرة أخرى بحذف حسابي من جديد”.
وتابع: “المطلوب من مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، شركات التواصل الإجتماعي اتخاذ إجراءات صارمة وفورية لحماية مستخدميها من الأذى في ظل تزايد التصعيد في المنطقة وتبني الرواية الاسرائيلية الكاذبة، خاصة في ظل الأحداث الأخيرة وتصاعد وتيرة التمييز ضد المحتوى الفلسطيني وتزايد العنصرية ضد شعبنا الفلسطيني وكل من يناصر قضيتنا العادلة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي”.
بركة
واعتبر المدير العام لشركة kB media خالد بركة أن “حرب غزة كشفت المستور عن منصات التواصل الاجتماعي”، وقال: “للأسف شاهدنا جميعنا الإجرام الذي تتعرّض له فلسطين بشكل عام وغزة بشكل خاص. من منا لم يشاهد أطفال غزة وهم يرتكب بحقهم أفظع الجرائم الصهيونية، لكن المصيبة الأكبر أن هذه الجرائم ترتكب على أعين العالم أجمع، انما تزوير الحقيقة أصبح يغطي على جرائم الإحتلال المجرم حيث أصبحت منصات التواصل الإجتماعي تقفل الحسابات التي تنشر عن الجرائم الصهيونية. وأيضاً حذفت كلمة شهيد من قاموس اللغة العربية وبهذا يصبح العالم أجمع لا يرى ولا يسمع الحقيقة الكاملة لقضية فلسطين بل أصبح الظالم مظلوماً والمظلوم ظالماً، نعم هذا ما تصوّره منصات التواصل الاجتماعي للعالم الغربي”.
أضاف: “السؤال الأكبر كيف يتم حذف المنشورات التي تدعم القضية الفلسطينية؟ بكل اختصار لدى هذه المنصات فلتر أو بالعامية “سيستم” تدخل فيه هذه المنصات كلمات معينة مثل كلمة شهيد، وعند كتابة أي أحد جملة تتضمن كلمة شهيد يقوم الفايسبوك تلقائياً بحذف الجملة وإقفال الحساب. السبب الأكبر وراء كل هذا أن هذه المنصات هي فعلياً شريك رسمي مع الاحتلال، إذ تتبع هذه المنصات لدول هي داعم أول للكيان الغاصب وهذا شيء طبيعي بالنسبة لهم أن يساندوا حليفتهم “إسرائيل”. لذلك يجب على عالمنا العربي أن يدعم فلسطين وألا يقف مكتوف الأيدي وإن كان الدعم معنوياً أفضل من لا شيء”.
(الوطنية)
للانضمام:
مجموعة حرمون للتعليم والإعلام والتدريب:
https://chat.whatsapp.com/HQi7bkJTOGGLYmdqUsKYOB
مجموعة منصة حرمون وندوة حرمون الثقافية:
https://chat.whatsapp.com/HFNrMOLD5TKDxmZTTjYZi3
مجموعة حرمون بالتلغرام: