الاحساء – زهير بن جمعه الغزال
من أجمل متع الحياة وأسعدها أن نكون أصحاب أياد بيضاء معطاء “وأطواق نجاة للآخرين نعينهم على نوائب الأيام نجبر كسرهم ونكفكف دمعهم ونخفف حزنهم ونمسح على رؤوسهم بحب وود”.
نقف عند هذه العبارات التي تختزل مسيرة تلك السيدة المعطاء حافظه بنت خالد الجوف التي سطرت أروع المواقف في العمل الخيري، فقد وهبت نفسها لمساعدة الآخرين، وأصبحت للكثير نبراساً مضيئاً ينير لهم الطرقات المظلمة، فكما قيل عنها انها طوق نجاة لمن أغرقه العوز، اختارت أروع الطرق وأفضلها نراها تخطو بخطى ثابتة في العمل الخيري التطوعي، نجدها لا تمل ولا تتعب، تتميز بالبشاشة وحسن الخلق. وهذا دليل على الخير والعطاء النابع من قلبها الكبير، تؤمن بأن الصدقة في الابتسامة والمعاملة الطيبة وحسن الخلق لذا اتخذت من ابتسامتها منطلقاً لأعمالها الخيرية.
*فعند سؤال السيدة حافظه الجوف عن الدافع للعمل الخيري التطوعي؟
– قالت: في البدء أشكركم على هذا الحوار كما أشكر صحيفتكم الموقرة على الاستضافة والاهتمام بالعمل التطوعي الخيري الذي يزداد يوماً بعد يوم بفضل الله ثم بفضل جهود دولتنا الحبيبة التي تعلمنا منها الكثير عن اهمية العمل الخيري والحقيقة أنني الحمدلله نشأت في عائلة كنت أرى فيهم الكثير من حب الخير ومساعدة المحتاج وأعتقد هذا ركيزة مهمة. وهو دور الأسرة في التنشئة السليمة كما أمرنا فيه ديننا الحنيف
يقول الله سبحانه وتعالى (”إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين”) صدق الله العظيم، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ”لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
*كيف تشخصين العمل الخيري من خلال اهتمامك الدائم به؟
– للعمل الخيري قاعدة عظيمة جداً مبنية على الكتاب والسنة، استخلص منها مكارم الأخلاق مما جعل فيه نفع الناس وقضاء حوائجهم، ويعتبر جهاد مع النفس على زيادة الحرص والحفاظ على حقوق الله ثم حقوق العباد أكثر مما يحرص الشخص على حقه الخاص.
*لماذا تحرصين على المشاركة مع الجمعيات الخيرية في تنفيذ مبادراتك ومشاريعك الخيرية؟
– تواصل حديثها فتقول لا شك إن الجمعيات الخيرية
هي الفضاء الأنسب قانونياً لجمع الطاقات وتحفيز القدرات المتوفرة في هذا الوطن الغالي، ولكي لا تتلاشى الجهود وتذهب هباءً حين تكون المبادرات فردية.
الأمر الأخر ان الجمعيات خاضعة للرقابة وهذه نقطة مهمة حرصت عليها المملكة العربية السعودية للحدّ من ظاهرة جمع الأموال وغير ذلك. وهذا من شأنه أن يرسخ مبدأ حكومتنا الرشيدة للعمل الاجتماعي الخيري والتطوعي، لذا فأنا حريصة كغيري من سفراء المسؤولية الاجتماعية أن أعمل تحت مظلة الجمعيات المصرحة للصالح العام ووفقاً للتوجيهات الحكيمة لقيادتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.
كما أن هيكل الجمعيات الخيرية بما يتوفر لديها من باحثات اجتماعيات ولجان عمل متنوعة يسمح بالتعرف على الأشخاص ومعرفة ظروفهم، خاصة أن الكثير متعفف بطبعه فقد يعيش بعضهم الكفاف ولا يمد يده، وفي الجمعيات الخيرية التي شاركتني هذه المشاريع والمبادرات ولا سيما في جمعية تفاؤل الخيرية لمكافحة السرطان وجمعية رحماء لرعاية المسنين حريصون كل الحرص على صون كرامة الإنسان لذا يسعون دوماً أن يكتشفوا الحالات لتقديم لهم المساعدات ولا سيما في الأعياد والمناسبات في كنف الاحترام والتقدير لكل محتاج ومعوز.
*لماذا الاهتمام بفئة المسنين؟
– لأن ذلك واجباً شرعياً واجتماعياً؛ فنحن تحكمنا ضوابط إسلامية تحثنا على الإحسان إلى كبار السن لكونهم كبار المواطنين في المجتمع، والغالبية العظمى من المجتمع عموماً لا أحد يستطيع أن يتخلى عن المسن إلا في حالات نادرة كعقوق الوالدين وللأسف. فالمسن يحظى بالتفاف أسرته حوله، أما إنشاء دور رعاية أو جمعيات اجتماعية للمسنين فتلك تعتبر علامة صحية على الانسجام والقيم الثابتة في مجتمعنا؛ حيث يحتاج هؤلاء فضلاً عن التفاف أسرهم حولهم إلى التفاف المجتمع بأكمله والدولة بالخصوص. وهي في ذلك لا تقصر ولكن لا بد للمجتمع الأهلي والمدني أن يساعد كبار المواطنين على حياة أجمل وأكثر سعادة وجودة.
مبادرتان لهما صدى: “شتاء بلا برد” و”رعيتمونا واليوم نرعاكم”
- الحمدلله الذي أنعم عليّ ووفقني للعمل على هذا المشروع تزامنًا مع قدوم موسم الشتاء والبرد، تم إطلاق مبادرة “شتاء بلا برد”، حيث تستهدف المبادرة سد احتياج بعض من الأسر المتعففة التي لا تستطيع مواجهة برد الشتاء، بتوفير البطانيات والدفايات الكهربائية والحقائب الشتوية للعمالة. والحمدلله كانت تحت مظلة جمعية تفاؤل الخيرية وتمت على أربع مراحل استطعنا فيها سد احتياج اكثر من ١٠٠ أسرة، ومن ثم تم إطلاق مبادرة “رعيتمونا واليوم نرعاكم” وكانت خاصة برعاية كبار السن من الأسر المحتاجة تم خلالها سد احتياج ما يقارب 50 من الكبار المقعدين بتوفير كراسي متحركة ومفارش طبية والبطانيات والحمدلله تمت المبادرتان بعمل منظم بيني وبين الجمعيات المختصة مثل جمعية رحماء لرعاية المسنين وجمعية تفاؤل.
*ماذا حققت وما هي التحديات في سبيل العطاء وخدمة المجتمع؟
– أؤمن أن المرأة جزء مهم لا يتجزأ من بناء ونهضة المجتمع، وأن الطموح والتميز لا يتوقفان عند مرحلة معينة، وإنما ينمو مع كل إنجاز يتحقق.
وأهم ما حققته هو كسب ثقة المجتمع وعلى صعيد التكريم الحمدلله تمّ تكريمي من عدة جهات داخل المملكة، وكذلك تم تكريمي في المؤتمر الدولي الأول للعمل الخيري بدولة الإمارات گ أفضل سفيرة قدمت أعمالاً تخدم العمل الإنساني على مستوى الوطن العربي.
*كيف يخدم العمل الخيري الثقافة؟
– شكلت الثقافة، ركيزة أساسية من ركائز الوعي للنهوض بالعمل الإنساني بجميع مجالاته، ليكمل كل منهما الآخر في تعزيز القيم الإنسانية من إصلاح وخير وتطوع وعطاء، وانطلاقاً من هذا عملت الدولة على وضع بصمة ورؤية واضحة تسهم في ترسيخ ثقافة العمل الإنساني وأسست مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وعنيت وساندت الكثير من المؤسسات والجمعيات المختصة التي ساهمت في تطوير العمل الخيري التطوعي.
*هل العمل الخيري مسؤولية اجتماعية؟
– نعم، إذا ما نظرنا الى حجم الدور الكبير الملقى على عاتق المؤسسات والجمعيات.
فالحقيقة أننا لا بد أن نعي حقيقة الدور الهام المنوط بنا كأفراد وبعملنا؟ وهل نقوم به على اكمل وجه؟ وهل لدينا القدرات لاستمرار في هذا المجال؟
*في حياتنا اليومية هل افتقدنا حقيقة إلى الإنسان القدوة؟
– القدوة موجودة ورسمت لنا بخطوط عريضة ومستقيمة قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)الأحزاب)، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. هنا القدوة، أما البشر فنسأل الله لنا العافية والثبات والله المستعان. فحقيقة الأمر أن العمل الخيري والتطوعي ليس منصات تعتلى ويقال فلان عمل العمل الخيري مسؤولية عظيمة جداً.