وصلت “حرمون غروب” نسخة من “رسالة مفتوحة إلى السلطة التنفيذية في الجمهورية العربية السورية
من د. ريم منصور سلطان الأطرش”، ونظراً لقيمتها التنفيذية والتاريخية ننشرها هنا، في محاولة لتعميمها وحث أصحاب الرأي والوطنية الصحيحة لإسهام في تفعيل الرأي العام والمؤسسات للعمل الجاد الوحيد الذي يمكنها ان يجمع الدمغة والقلوب والسواعد في النهوض، وليس الحراك في الشوارع والإقفال المفروض في أي منطة من الجمهورية الشقيقة، الغالية على قلوب الأحرار.
“رسالة مفتوحة إلى السلطة التنفيذية في الجمهورية العربية السورية
من د. ريم منصور سلطان الأطرش
(كاتبة وباحثة)
التاريخ: 21 آب 2023
يقول الفيلسوف الفرنسي هنري بينا – رويث: “حرية المعتقد والمساواة بين الجميع، حقوقاً وواجباتٍ، وتحقيق العدالة الاجتماعية بهدف تأمين العيش الكريم للشعب، والتطلّع للصالح العام، هو المبرِّر الوحيد لوجود الدولة”.
لقد حمى الشعب السوري، منذ العام 2011، الدولة من السقوط، بمؤازرته للجيش، وهو من الشعب، وللقيادة، وذلك بالتصدّي للهجمة الاستعمارية التي كانت تهدف إلى تقويض الدولة السورية.
إنّ وعي الشعب السوري وإيمانه بالدولة التي بناها بعَرَق جبينه وعمله، منذ الاستقلال إلى اليوم، هو ما دعاه للوقوف سدّاً منيعاً في وجه المؤامرة، غير المسبوقة، على دولته. ولقد صمد صموداً أسطورياً ودفع من دمه ثمناً باهظاً من دون طلب ولا تمنّن على أحد.
صمود كهذا، اعترف القاصي والداني، بأسطوريته، لا يستحقّ التبديد، بل يستحقّ الاحترام والتعزيز وتأمين العيش الكريم للشعب، كي يستمرّ بالصمود. علماً أنه في المِحَن والأزمات، تقوم السلطة التنفيذية بتأمين دعم كبير كي يستمرّ الشعب بصموده لحماية الدولة.
ونحن، للأسف، نرى عكس ذلك. فالدعم الذي كان يسري في أيام الرخاء، تمّ سحب معظمه في المحنة!! فوصل حال الناس إلى ما لا يستطيع بشرٌ احتماله!
وهنا، علينا طرح السؤال التالي: “ما العمل؟”.
في ظلّ الحصار الذي تعيشه سورية، ثمة حلول ممكنة في الداخل، وقابلة للتنفيذ، فيما لو صحّ العزم وصدقت النوايا وتوفّرت الإرادة، وهي حلول ممكنة بصرف النظر عن الحصار الخارجي، سوف أقدّمها هنا، كحلول إسعافية، فلم يعدْ لدى أحد ترف الوقت، علّها تجد آذاناً صاغية:
- بيع وسائل النقل والسيارات المستخدَمة في نقل الموظفين والمدراء في المؤسسات الحكومية، في المزاد العلني، وتوظيف عائداتها لإصلاح قطاع النقل العام، الذي، بتوفّره، سيخفّف من معاناة الشعب اليومية في مشكلة التنقلات، للموظفين والعمّال والطلاب وغيرهم، على حدّ سواء: (تجربة سنغافورة وماليزيا مثالاً).
- ملاحقة المتهرّبين ضريبياً، كي يدفعوا ما عليهم من ضرائب متراكمة لخزينة الدولة.
- محاربة جدّية لرؤوس الفساد المستشري في مفاصل المؤسسات، وليس لصغار الفاسدين فقط، ووضع ضرائب كبيرة على ثرواتهم، تعود لصالح خزينة الدولة.
- توحيد سعر صرف العملات الصعبة، وجعل المصرف التجاري السوري هو الموكَل حصراً بصرفها.
- ضبط الأسعار في الأسواق بشكل صارم ومحاربة الاحتكار بجدّية.
- الكفّ عن تطبيق حلول مشابهة لما فرضه صندوق النقد الدولي على بلاد عربية أخرى، وهي سياسة اقتصادية أثبتت فشلها في تلك البلاد، فجعلت الأثرياء يزدادون ثراءً والفقراء يزدادون فقراً، ومسحت تماماً الطبقة الوسطى المعوَّل عليها، عادةً، في النهضة بالمجتمعات فكرياً وثقافياً واجتماعياً وسياسياً. فتحويل المجتمع إلى فئتين فقط: أكثرية فقيرة وغير مستفيدة من حماية الدولة، وأقليّة جداً ثريّة ومستغِلّة، يجعل بناء وطن سليم ومعافى أمراً مستحيلاً.
كلّ ما سبق، سوف يوفّر لخزينة الدولة إمكانيات كبيرة، تجعل الحكومة قادرة على رفع رواتب الموظفين والعمّال بنسبة أكبر من 600% .
أما الحلول على المدى المتوسط والطويل، فلن يستقيم لنا حال، بعد اثني عشر عاماً ويزيد على حرب طاحنة، إلا بوضع كافة الأمور الحيوية على بساط البحث، وذلك بتنظيم طاولة مستديرة لحوار وطني جدّي، نطرح فيه مشاكلنا كافةً، وهي كثيرة جداً، لكنْ، إن توفّرت الإرادة لدينا جميعاً، واستغنى المسؤولون عن “رفاهيتهم”، لينضمّوا إلى معاناة الناس، نستطيع جميعاً الخلاص من كثير مما تعاني منه البلد من صعوبات! علينا طرح مشاكلنا على الحوار الوطني الجادّ، كي نقرّ معاً إصلاحاً سياسياً لا مفرّ منه: ومن شروط هذا الحوار، اعتراف جميع الأطراف المتحاوِرة بعضها ببعض، والالتزام بتنفيذ مخرجات هذا الحوار.
مواضيع الحوار الوطني
ومواضيع الحوار الوطني هي: تعديل الدستور لتصبح الدولة دولة مواطَنة؛ وتعديل قوانين عديدة، منها قانون الأحوال الشخصية المُجحِف بحقّ المرأة والطفل، رغم كل التعديلات الجيدة؛ ومنها أيضاً وأهمّها قانون الانتخابات الذي لم يوصِل، في الغالب، إلى البرلمان ممثّلين حقيقيين عن الناس؛ وإصلاح المناهج الدراسية كي تصبح مناهج تبني مواطناً حرّاً، فكره ناقد وبنّاء؛ ومحاربة الفساد والليبرالية الاقتصادية التي تلوي القوانين لمصالحها المتوحّشة؛ وتطوير القطاع العام لجعله ربحياً ونفعياً للعمّال، ولمحاربة الاحتكارات والخصخصة؛ وتطبيق العدالة الاجتماعية والعدالة في توزيع الثروة وتحقيق الحدّ الأدنى للأجور ووجوب تناسبها مع الغلاء، في سبيل العيش الكريم؛ والاهتمام بالتعبير الحرّ عن الرأي بأمان، وتالياً، تبييض السجون وتبيان مصير المفقودين”.