نظّمت شبكة دراسات المرأة “صون” الندوة الثانية من سلسلة ندوات برنامج “أطروحات جندرية” بالشراكة مع معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية وبالتعاون مع مجموعة بسمة الدولية، والجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع، ومركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية، ومخبر الدين والمجتمع في جامعة الجزائر ٢، وبحضور المؤسّسات العلمية والمنظّمات الناشطة في قضايا المرأة الأعضاء في الشبكة. وتضمّنت الندوة مناقشة كتاب “صورة الفلسفة النسوية في الفكر العربي المعاصر” للباحثة الدكتورة لينا جزراوي.
افتتحت أعمال الندوة وأدارتها الدكتورة ليلى شمس الدين استاذة السوسيوانثربولوجيا والإعلام في الجامعة اللبنانية والمنسقة الإعلامية في شبكة دراسات المرأة.
يونس
استهلت الندوة رئيسة الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية ورئيسة شبكة دراسات المرأة د. ماريز يونس، معبّرة عن اعتزازها بـ”النقاش المفتوح الذي أطلقته الشبكة “صون” عبر برنامج أطروحات جندرية، خصوصًا بما يرتبط بإعادة مراجعة الخطاب النسوي العربي بين الأكاديميا والممارسة”. لافتة إلى أنّ هذا الكتاب “يعيدنا للفكر النسوي العربي بجذوره التاريخية، ويحاول أن يُنظِّر للمفاهيم النسوية التي تتجاوز المحتوى النضالي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وترتقي إلى محتوى نظري فلسفي عميق”. وطرحت في مداخلتها تساؤلات حول الفلسفة النسوية بحد ذاتها، ومشروعية اعتبارها فلسفة، ومسارًا نضاليًا، وإمكانية التحدّث عن النسويةِ باعتبارها ابنة الحداثة، في ظل خطابات ما بعد النسوية؟ والحاجة إلى خطاب النسوية في ظل خطابات ما بعد النسوية؟ وبالتالي هل لا زالت النسوية فكرة مشروعة؟”.
واختتمت د.يونس كلمتها باعتبار هذه التساؤلات مدخلاً للنقاش على منصة أطروحات جندرية اليوم ولاحقًا.
أعربت البروفسورة مارلين حيدر عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية عن سعادتها بالمشاركة مثمنة شراكة المعهد مع شبكة ناشطة كـ “صون” التي تضم ممثّلين جادّين عن مؤسسات بحثية وأكاديمية فاعلة، للبحث في قضايا جوهرية تخص المرأة في عالمنا العربي.
وتطرّقت إلى الدور “الذي تلعبه الشراكات الدولية والمحلّية في تنمية الوعي، والتثقيف حول القضايا الجندرية، لا بدّ أن يأتي بثماره اجتماعياً من خلال نشره كفكر في مؤسساتنا ومن خلالها في مجتمعاتنا”. واختتمت العميدة مارلين حيدر كلمتها بالتأكيد على تآزر المؤسّسات، مؤكّدة على مدى أهمية تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية في عالمنا العربي.
جزراوي
وصفت الدكتورة لينا جزراوي كاتبة “صورة الفلسفة النسوية في الفكر العربي المعاصر” الواقع الذي “يحكمُ النّساءَ منذُ فجرِ التّاريخِ، ويُصنفُهنَّ في مرتبةٍ دونيّةٍ نسبةً إلى مكانةِ الرّجلِ، ويتعاملُ معَهنَّ على أنّهُنَّ مُعطى قبْليٌّ ثابتٌ غيرَ قابلٍ للتّغييرِ”. مبيّنة أنّ الكتاب يدور حول “السؤال الذي نبحث له عن إجابة وهو: هل يُمكننا القول بأن ثمّة “فِكرا نِسْويا عربيا”؟ مشيرة إلى أنّه اتضّح في سياق البحث أن ثمّة علاقة وطيدة بين وضع المرأة ونهضة المُجتمعات، وأن مكانة المرأة تكمن في الإجابة على السؤال الأكثر تكرارا، وهو “لماذا تقدم الغرب وتأخرنا نحن”، معتبرة أنّ الطّرح النِّسويّ مازال يخضعُ لأحكامِ المجتمعِ وتقاليدِه، مّا تراه جزراوي “سلبيّةَ الفكرِ العربيِّ تجاهِ التّغييراتِ الجذريّةِ، ومازال يُنظرُ للقضيّةِ النِسويّةِ على أنها قضيّةٌ منفصلةٌ عن قضايا المجتمعِ، معَ أنّها جزءٌ أصيلٌ من الفكرِ التحررّيِّ للشّعوبِ، وأحدُ وجوهِهِ مثلُ الخبزِ والحريّةِ والمواطنةِ والكرامةِ”.
طربيه
قدّمت الدكتورة لبنى طربيه رئيسة الفرقة البحثية في العلوم الاجتماعية في المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية، قراءة علمية نقدية للكتاب موضوع الندوة، مشيرة إلى أهميته لكونه يحاول رسم تطوّر وجهات النظر النسوية عالميًا وفي العالم العربي، من خلال مراجعة انتقائية لبعض المؤلّفين المختارين بوصفهم روّاد الأدب في الخطاب العربي النسوي بحسب جزراوي. مفسّرًا التفاوتات بين الجنسين، بالعودة بالزمن إلى أقدم الأساطير المتاحة للكشف عن سجلّات أصلية، توثّق للنظرة الى المرأة، وتكشف عما اعتبرته تلك المراجع الخصائص المواكبة لها، والتي تحدد بناء شخصيتها وقدراتها.
وبيّنت طربيه “إنّ استمرار السجالات الفكرية أنتجت خطابًا نسويًا في الفكر المعاصر، مع بروز كتّاب ومفكّرين تناولوا قضايا المرأة بجرأه وعمق، حطّمت التابوهات وخاضت في عمق المجتمع وتناولت علاقة المرأة بنهضة المجتمعات السياسية، والاقتصادية، والثقافية والاجتماعية”.
وبرأي طربيه يشكّل هذا الكتاب مرجعًا للأكاديميين المهتمّين بالعمل النسويّ، وللطلاّب كما للتدريس في المواد الجامعية. وختمت مداخلتها بطرح إشكاليات وتساؤلات ومقاربات متعدّدة.
اختتمت فعاليات الندوة التي نُظّمت في مجموعة بسمة الدولية في بيروت، بجلسة نقاشية حول الكتاب، شاركت فيها ثلّة من الباحثين والباحثات، بينهم: البروفسورة هويدا الترك مديرة معهد العلوم الاجتماعية (الفرع الخامس) في الجامعة اللبنانية، ود. علي الموسوي استاذ جامعي في المعهد العالي للدكتوراة في الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية، ود. لور ابي خليل الأمينة العامّة للتجمّع الاكاديمي في لبنان لدعم فلسطين، ود. سحر حمود منسّقة العلاقات العامّة في مركز أبحاث معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، ود. خالد كموني، باحث في فلسفة اللغة والتأويليات، ود. نورا المرعبي، المديرة العامّة – الجمعية اللبنانية الفرنسية للعلوم التقنية كما شاركت عبر منصّة زووم د. سهام شريف مديرة مخبر الدين والمجتمع في جامعة الجزائر ٢ ود.ماجدة عمر مديرة مركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية. تلا الطروحات نقاش تفاعلي بين الحضور من المختصّات والمختصّين المشاركين حضوريًا وعبر منصّة زووم.