تقديم وتنسيق هاني سليمان الحلبي:
من أشقّ المهام سبر 22 سنة في أسرة السفير، بإدارة الراحل الكبير عميد الصحافة العربية اللبنانية طلال سلمان، بمقدّمة ملف تخطّى 6 آلاف كلمة، وهو جزء يسير مما قيل، ومما سيقال، في القامة التي انسلّ من بين أصابعها اليراع منذ أسبوعين، مؤبناً عميد الصحافيين الرياضيين العرب الزميل الراحل يوسف برجاوي، مستسلماً لمشيئة الحياة بقانونها الموت.
وتبرعم إعجاب وحبّ للرجل في نفسي، منذ أواخر السبعينيات، حين كانت السفير تغطي نشاطاتنا المدرسية، فأحببت أن يكون إضرابنا للمطالبة بأستاذ للأدب الفرنسي ولمادة الفيزياء قد استحق خبراً تنشره جريدة “السفير”، عبر مراسلها العريق الصديق الراحل شوقي الحاج، وكنا حينها في صف البكالوريا. محطة ثانية، كانت ربما الجريدة الوحيدة التي تنشر أخبار العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال اليهودي الإسرائيلي في منطقة البقاع الغربي وراشيا. والمحطة الثالثة، عندما صعقتنا صورة في الصفحة الأولى للراحل ملفواً بالقطن في المستشفى إثر محاولة اغتياله العام 1984. والمحطة الرابعة بعد أن أسست وزملاء جامعيين رابطة طالبية نشطت لسنوات باسم اتحاد الطلبة الجامعيين، فذاع صيتها، واختارها الأستاذ طلال سلمان في ربيع العام 1987 لاستطلاع آرائها بثلاثة أسئلة في ملف شمل كبار الساسة والمفكرين وقادة الرأي في لبنان، فرددتُ بجواب من 1500 كلمة، وانا بعمر 25 سنة، لفتت نظره، فأرسل كتاب تنويه بعد أسبوعين. هكذا أصبحت جريدة السفير كتابنا ومصدر خبرنا، ورسالتنا للناس وموضع حبنا.
ولما أقفلت الدروب بوجهي، طيلة سنوات بلا عمل، قررت مغادرة القرية إلى المدينة، لإنجاز الدراسات العليا والدكتوراه، فكان لا بدّ من عمل مستمر للدعم والإنتاج، في التعليم ومورد إضافي من التدقيق اللغوي. وصادفت إعلاناً لجريدة الديار بحاجتها لمدققين، فقصدتها وعملت شهرين، دون أن أتقاضى من إدارتها ليرة واحدة، في تشرين الثاني وكانون الأول 1994، فانتقلت بضعة أشهر إلى جريدة الشرق، لتصرفني بقرار تعسفيّ وتحسم علي شهر نيسان 1995، فتذكرت مكانة “السفير” في قلبي، وهي في نزلة السارولا القريبة من شارع فردان، فقصدتها وخضعت لامتحان قبول، علّق الأستاذ خليل شرارة عن النتيجة جواباً لسؤال مدير التحرير الطيب الذكر المرحوم محمد مشموشي “أنها تحفة” في 14 حزيران 1995. لتبدأ مسيرتي مع جريدة السفير حتى 31 كانون الأول 2016، بحلاوتها ومرارتها.
22 سنة عمل بإدارة عليا للأستاذ طلال سلمان، نسيج من الصرامة والقسوة والحزم والجد، والانضباط بالتسلسل الإداري حتى عناصر الحرس. فعليك الحضور في دوامك تحت كل ظرف. الغياب والتقصيرخط أحمر. وليس سهلاً أن تبرر تقصيراً او غياباً أو خطأ، حتى أصبح الخطأ، بأي نوع من انواعه، خطأ الجهل، أو التقصير، او السهو أو الغفلة، كابوساً يلازمنا في نومنا ويقظتنا. وأدق ما يمكن تدقيقه هو الإعلانات والوفيات لارتباطها بمواعيد ومصالح وقيم مالية مدفوعة، وما توازيها أهمية هي المانشيت ومقدمة الأستاذ طلال “على الطريق”. ورغم وضوح خطه وجمال حرفه ومتعة معانيه، لكنه أحياناً يشبه خريطة طرق متعرّجة الأسطر والمعاني والزيادات في زوايا الصفحة وحواشيها حتى تصبح حقل ألغام قابلة للانفجار بنا بلا هوادة.
والحق يقال، بذل الأستاذ طلال كل جهد لينصف أعمدة السفير على تقلّب السنوات والظروف، رغم الشكوى من جمود الرواتب الهزيلة أصلاً طيلة عقدين من السنوات، لكن دمعاته في الاجتماع الأخير في مطلع كانون الأول 2016، للهيئة العمومية، بعد مقال احد الكتاب “ليس هكذا تورد الإبل يا جبران”، حين قال: “إنه لا مفرّ من الإقفال، حتى أستطيع دفع تعويضاتكم. وإن بقينا نصدر شهرين بعد رأس السنة تبقون بلا تعويضات”. خياران كلاهما مران. وأقفلت السفير، وخلال نصف شهر كان الأستاذ شرارة على الخط يخبرني أن تعويضي جاهز.
طيلة 22 عاماً، التقيت الراحل الكبير مرّة واحدة معايداً من ضمن وفد الزملاء بعيد السفير. لم يكن من سبب للعلاقات غير علاقة العمل. هذه البيئة التي بناها الأستاذ طلال سترت مئات الأسر، ووظفت الكفاءة المناسبة في الوظفية المناسبة، وحيث يكون من شكوى كانت تأخذ حقها من البحث والدرس والنظر لاتخاذ قرار فيها بروية وحكمة وحزم.
فالناشر الفارع الطول قامة باسقة، حيناً يكون إعصاراً وحيناً آخر نسمة ينزف أرقّ الشجو والغزل ببيروت وفلسطين ووو.
في يوم غيابك، أستاذنا الكبير، طلال سلمان، 25 آب 2023، غيابك المؤجل 6 سنوات، بعد غياب السفير، نتقدّم من أسرتيك، آل سلمان وأهالي شمسطار، ومن أسرة السفير كافة، التي حافظ كثيرون منهم على الودّ والذكرى، بينما كثيرون غابوا نهائياً في دفاتر الماضي.
وجمعنا في منصة حرمون ما صدر اليوم الجمعة، من تعازٍ بغيابك، تحية لروحك وبعض وفاء لعطائك ولأسرتك. رحمك الله، والمجد للعطاء النبيل.
الوزير المكاري: وداعاً صوت الذين لا صوت لهم ستبقى ذكراك خالدة
كتب وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري عبر منصة “اكس”: “في لقائنا الأخير كان الحديث من القلب وعن ذكريات الصحافة. الكبير طلال سلمان العابر بقلمه للمناطق، ستبقى ذكراه خالدة، وتاريخه العريق صفحة لن تطوى في تاريخ الصحافة اللبنانية. وداعاً صوت الذين لا صوت لهم”.
نقيب المحررين: غاب صوت الذي لا صوت لهم
نعى نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي، ناشر “السفير” ورئيس تحريرها طلال سلمان، باسم مجلس النقابة وباسمه الشخصي، وقال في بيان:
“غاب صوت الذي لا صوت لهم، صاحب القلم الماضي والحضور الطاغي في دنيا الصحافة والإعلام الذي شق طريقه إلى التألق بالحبر الذي اختلط بالعرق والدم، وبعصامية تتجاوز المغامرة التي خاض غمارها بإمكانات متواضعة، ولكن بإيمان كبير وتصميم عنيد على أن يفرد لنفسه مكانة متقدّمة، لا في الصحافة اللبنانية، بل في صحافة العرب، فكانت سفيره جواز مرور النخبة المتقدّمة إلى الرأي العام، ونبض الرأي العام الذي يقتحم القصور والسرايات ويقضّ مضاجع الحكام”.
أضاف: “لقد نجح طلال سلمان في إنشاء مدرسة صحافية تميّزت بالريادة وحشدت في مبناها ومكاتبها الأقلام المبدعة وأصحاب الاختصاص وجمهرة من المندوبين والمراسلين الذين تميزوا بالخبرة والاحتراف والقدرة على اختراق الأسوار المستغلقة وتقديم المعلومات الدقيقة، حتى باتت جريدته من المراجع التي يركن إليها لدى البحث عن الخبر الدقيق”.
وتابع: “من مدرسته تخرّج عشرات الزميلات والزملاء الذين شدته إليهم علاقات وثيقة تتجاوز ثنائية العلاقة بين رب العامل والعامل، فحدب عليهم وحرص على توفير كل أسباب الحياة اللائقة بهم. وعندما حملته الظروف على إغلاق “السفير”، لم يقدم إلا بعد أن سدّد للعاملين في مؤسسته تعويضاتهم حتى آخر بارة. كان أليماً قراره، بل مفجعاً، لكنه كان صادقاً مع نفسه ورافضاً السير في كل ما يناقض التزاماته”.
وأردف: “طلال سلمان قامة صحافية وإعلامية عملاقة بلغت من النجاح خير مكان، لكن نشوة الغرور لم تستبدّ به، فظل على تواضعه كالسنبلة المليئة، مشرعاً باب مكتبه ومنزله أمام الأصدقاء والزميلات والزملاء، وهو الذي كان لديه متّسع من الوقت للتجوال في ملكوت الكلمة الحلوة، والوتر الحاني. ذواقة شعر وموسيقى كان، ومحب للحياة. أحبه أصدقاؤه والعاملون معه واحترمه الملوك والأمراء والرؤساء، ولو باعدت بينه وبينهم الآراء. شجاعته وصلابة مواقفه عرضته لمحاولة اغتيال ظلت آثارها بادية عليه”.
وختم: “اشتدت وطأة المرض عليه وانشب الداء مخالبه فيه بعد إغلاق ثمرة عمره “السفير” وبقي يقاوم بما استبقت لديه الحياة من قوة، ولم يسقط اليراع من يده، إلا بعد أن فقد القدرة على حمله. فباسم مجلس نقابة المحررين وباسمي الشخصي، كل التعازي لعائلة طلال سلمان الكبير الذي غادرنا ولكل الزميلات والزملاء الذي عملوا في “السفير” وظلوا على عهد الوفاء لها، وليقر عيناً في شمسطار، في التربة التي أحب، وعشق ربوعها، وأنس إلى أهلها، وليكن مثواه في صحبة الأبرار الصالحين من عباد الله”.
نقابة الصحافة: خانه العمر ولم يخنه القلم والسير نحو الحق والحقيقة
نعى مجلس نقابة الصحافة اللبنانية، صاحب وناشر صحيفة “السفير” اللبنانية وعضو مجلس نقابة الصحافة السابق الزميل الأستاذ طلال سلمان، وجاء في بيان النعي: “دمعة حبر متشحة بالسواد نذرفها على خدّ الكلمات. يرتعش القلم وهو يكتب نعياً لفارس من فرسانه يترجّل عن صهوة الكتابة والورق ويرثي “صوت الذين لا صوت لهم” وهو يرحل من دون استئذان قبل أن ينهي السير “على الطريق” نحو قضايا الوطن والأمة والأرض والإنسان.
خانه العمر ولم يخنه القلم والسير نحو الحق والحقيقة. ستون عاماً ونيّفاً، حرّ مدافع عن الحرية والتحرير. هو باختصار حتى آخر نبض من نبض حبره وقلبه نقول وداعاً طلال سلمان”.
ننعاه الى اللبنانيين والى العالم العربي ونتقدم من اسرته الصغيرة آل سلمان وأسرته الكبيرة الصحافة اللبنانية والعربية ومن سائر الذين عملوا معه وتتلمذوا في مدرسته الإعلامية “السفير”، ننعاه عضواً لسنوات في مجلس النقابة سائلين المولى العزيز القدير أن يتغمّده بواسع برحمته ويلهمنا وذويه ومحبيه وسائر من عرفه عظيم الصبر والسلوان متمنين على الزملاء في كافة الصحف أن تبادل الراحل الكبير بالتزام شارة حداد على الراحل الكبير في صدر صفحتها الأولى، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون”.
ناصر قنديل: طلال سلمان الذي لم تعرف له مهنة إلا الكلمة
– تقمّص طلال سلمان اللغة وتنفّس حروفها، وسالت حبراً بين شقوق يديه فتدحرجت كلمات على الورق. وكان ينزف مع الكلمات بعضاً من روحه. فعندما كتب عن بيروت التي تحترق ولا ترفع الرايات البيضاء، لم تكن بيروت قد قرّرت بعد ما قرّره عنها، فقد كان قادتها يظنون أن معهم مزيداً من الوقت للتفكير قبل القرار، لكن طلال سلمان سبقهم ورسم الخلاصة التي سوف تكون. فهو كان يكتب عن روحه التي ترفض الهزيمة والاستسلام، ولأن بيروت هي روحه فقد كتب ما كتب، لكنه كان بكلماته يؤسس للوعي الذي سوف يدخل مع حروفه إلى عقول وقلوب تتنفس حياتها وحريتها وكرامتها ووعيها عبر صفحات “السفير”. وهكذا كانت تتحوّل كلماته رصاصاً بين يدي خالد علوان في مقهى الويمبي، ويتساقط ضباط الاحتلال، فيأخذها طلال سلمان حجة لإثبات صحة ما كتب، ويزيد من زخم كلماته، ثم تجول الكلمات على الطرقات والبيوت والقرى وأحياء المدينة، تفتش عن شباب وصبايا مستعدّين لحمل آلام الحروف ومداواة جراحاتها، فيهبونها أرواحهم ويفجّرون أجسادهم ليُسمعوا صوتها لمن لم يسمع. أليست “السفير” “صوت الذين لا صوت لهم”؟ هكذا مثلاً كان حرف الجر الذي أنزل الاحتلال من عجرفته الى قعر السقوط، اسمه أحمد قصير، وكان “نسمة الذي لم يتخذ مهنة إلا الحب” يوشوش بحروف طلال سلمان في أذن العروس سناء محيدلي، وتصبح الحروف بناً محروقاً في فنجان قهوة بلال فحص، فيسقط جنود الاحتلال وتحترق دباباتهم، ليتمكّن طلال سلمان من لملمة حروفه مجدداً وصياغة خبر جديد، وعنوان جديد، وقد تيقّن من صحة المقولة. وتدور رحى الحرب، وتدور حروف الحب، وطلال سلمان روح هائمة حتى يؤرّخ للمقاومة انتصاراً تلو انتصار، وتحريراً تلو تحرير من لبنان إلى فلسطين.
– تخيّل طلال سلمان صورة لبيروت، وجعلها عشيقته، وقد لا يصدق البعض أن حبّه لبيروت كان غامضاً غموض المدينة وسحرها، وكان يعتبر نفسه أحد الذين أغوتهم المدينة بسحرها فتلبّسته جنّيّتها. وكثيرون عندما يقرأونه كيف يكتب عن بيروت، يتخيّلون أنه يتحدث عن غير بيروت التي يعرفونها. فقد كانت بيروت عنده صفة لا مكان ولا زمان لها، وهي حالة شعريّة ومشهد مسرحيّ وأغنية لفيروز، وكل ذلك يختلط بأصوات باعة الصحف ذات فجر في ساحة البرج، وصراخ سائقي سيارات الأجرة، وضجيج الجموع المتدافعة في أسواقها القديمة. فليس غريبا أنه كان يكتب لبيروت وهو يدمج بها نزار قباني وأدونيس، وقد ابتكر لها اسماً، فهي الأميرة، ورأى للأميرة مطبخاً ومعجناً، فيه ينتج خبز الأميرة وتصاغ السياسة، وتكتب هتافات المظاهرات، وتشحذ أسلحة المقاومين. فهنا الضاحية، ولها ابتكر أيضاً اسماً، فهي النوارة. والنوارة رمز أخلاقيات الثوار، ووجع الفقراء، وأنين المقهورين والضعفاء، وبقدر ما أحبّ الأميرة والنوارة، كان يخاف عليهما من فقدان الروح والتلهي بقشرة المظاهر، مظاهر الإمارة لبيروت، ومظاهر النور المبهر للضاحية.
– عاش طلال سلمان عمره وهو يحمل في قلبه صورة لجمال عبد الناصر، للسمرة التي تباهى بانتمائه إليها، واللغة التي عشق تدفقها كسيل هادر في خطابات عبد الناصر، خطاب تأميم القنال، و”ارفع رأسك يا أخي” لقد ولّى عهد الاستعمار، وكوَّن لنفسه مزيجاً فريداً من جمال عبد الناصر أسماه الزمن الجميل، أدمج فيه أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، ولهما “خلّي السلاح صاحي”، و”أنا أم البطل” لشريفة فاضل. وكانت بورسعيد هي عاصمة ثورة جمال عبد الناصر عنده، حيث المقاومة الشعبية التي انتصرت. وبقدر ما أحبّ عبد الناصر حزن في أيام كامب ديفيد السوداء، والتفريط بإنجاز العبور، وكانت رفقته لرفاق عبد الناصر وفي الطليعة لمحمد حسنين هيكل، الأستاذ الفريد في عالم الثقافة والصحافة، ترجمة لهذه الثنائية في الحب والحزن، حتى أنه عندما أراد أن يظهر حباً للرئيس الراحل حافظ الأسد وسماحة السيد حسن نصرالله، سعى ليكون لهيكل نصيب من مجلس كل منهما.
– فلسطين التي ربطت طلال سلمان بها قصيدة حب عذريّ، كانت ترجمتها الأمثل رسوم ناجي العلي على الصفحة الأخيرة من “السفير” أكثر من أي شيء آخر. فليس هناك أنقى وأشرف وأوضح وأصدق من ترجمة لفلسطين سوى ناجي العلي، رغم المكانة الخاصة لقصائد محمود درويش، وسميح القاسم وتوفيق زياد في نصوص طلال سلمان، فقد بقي الكاتب الذي بدأ حياته المهنية بنصوص ساخرة بين مجلة الحرية ودار الصياد، يعشق الكاريكاتير، وربما وجد في ناجي العلي أقصر الطرق لطلب يد فلسطين لتبادله الحب. وقد قيل مراراً أمام طلال سلمان، إن السفير كانت تُقرأ مراراً بدءاً من الصفحة الأخيرة، فيفرح لأن فلسطين لا تزال تملك هذا السحر، ولأن ناجي العلي كان التعويذة التي تستحضر هذا السحر.
– كتب طلال سلمان: “قال لي “نسمة” الذي لم تُعرف له مهنة إلا الحب: هتفت له: لقد انتظرتك دهراً، وها أنت تمرّ بي كعصفور أضاع سربه فيتعجل الانصراف للحاق برفاقه!”. وها هو طلال سلمان يتعجّل الانصراف للحاق برفاقه، لكنه سوف يبقى الأستاذ طلال، دون حاجة لأي إضافة.
(البناء)
النائب مطر: خسرت الصحافة قلماً سلساً بالكتابة مثل نسمة وشرساً في الدفاع عن قضايا العروبة
نعى النائب إيهاب مطر عبر منصة “أكس” الكاتب طلال سلمان، وقال: “خسرت الصحافة اللبنانية والعربية قلماً سلساً بالكتابة مثل “نسمة” وشرساً في الدفاع عن قضايا العروبة والحرمان، فكانت جريدته “سفيراً” يومياً بطموح أن تكون “صوت الذين لا صوت لهم”. رحم الله طلال سلمان والعزاء لعائلته الصغيرة والكبيرة الذين كانت “السفير” رفيقة صباحاتهم”.
الوزير طراد حمادة: طلال سلمان صورة مفاضة عن تاريخ الصحافة اللبنانية والعربية في سيرة رجل
نعى الوزير السابق طراد حمادة الكاتب والصحافي طلال سلمان، وقال في بيان: “رحل عميد الصحافة اللبنانية إلى جوار ربّه. بعد عمر من رفقة الصحافة والكتابة والإبداع والنضال من أجل الحرية وقضية فلسطين والمستضعفين ومقاومة الاحتلال والانتصار لحق الشعوب في تقرير المصير”.
أضاف: “أسس جريدة السفير وأرسى دعائمها على قواعد الإعلام المعاصر والمقاوم الذي يربط الحقيقة بالحق، ويجعل من صوته صوت الذين لا صوت لهم… إعلام الناس والشعب والوطن والقضية، من فلسطين ناجي العلي وغسان كنفاني الى أخبار جوزيف سماحة الى صوت الضاحية الجنوبية ومنبر إبداع شعراء الجنوب وصوت المقاومة الفلسطينية والوطنية اللبنانية والمقاومة الإسلامية”.
وتابع: “كانت السفير صورة مفاضة عن طلال سلمان، أحمل معه ذكريات منها ما يعود الى نشر مقالتي الأولى عن القاع، الى شرح أبعاد السفر الرابع في العمل الحكومي والوزاري في جلسة مع إدارة التحرير، الى عمود يومي تعبوي عن حرب تموز، الى علاقة تقوم على ود الصداقة وأبناء العمومة”.
وختم: “طلال سلمان صورة مفاضة عن تاريخ الصحافة اللبنانية والعربية في سيرة رجل، رحمة الله عليه وجعل مثواه الجنة”.
اللواء عباس إبراهيم: كان قلماً وبوصلة لتحرير الأرض والإنسان
نعى اللواء عباس إبراهيم في بيان، ناشر جريدة “السفير” طلال سلمان وقال: “ببالغ الأسى تلقّينا نبأ وفاة الصحافي الكبير والقدير ناشر جريدة السفير الغرّاء، الأستاذ طلال سلمان، بعد أعوام قليلة من تلقّينا خبر احتجاب جريدة السفير عن الصدور.
لقد كان الراحل عن حق “سفير” لبنان الى العالم. لم يترك جهداً خلال مسيرته في الثقافة والسياسة في سبيل خير المجتمع والوطن. حمل من دون كلل قضايا الأمة من محيطها إلى خليجها.
لقد كان مجبولاً بحبرٍ هو أقرب إلى الأحمر القاني منه إلى سواد يحيق بنا من الاتجاهات كلها.
كان طلال سلمان قلماً وبوصلةً لتحرير الأرض والإنسان.
وداعاً أستاذ طلال، إلى جنان الخلد، وإلى حيث يمضي الأحرار والصادقون، أهل الأرض والحبر والفكر والكلام والوطن”.
الوزير كلاس: طلال سلمان حارس الحرية
نعى وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور جورج كلاس الصحافي طلال سلمان، فكتب على منصة “أكس”: “طلال سلمان.. الانطفاءة غصباً عن النور، والقلم متى انكسر، والعقل متى صمت، والأمل متى انحسر، والفم متى سكت، ادخل مخدعك، ارفع صلاتك، وقل يا رب ارحم”.
أضاف: “بكثير من الصفن، أنعى الأستاذ طلال سلمان، العارفي الكبير، العميق التفكير، الكثير اللبنانية، الشديد الإنسانية، وحارس الحرية، الحريص على كرامة الكلمة”.
النائب كرامي: وداعاً طلال سلمان
كتب رئيس “تيار الكرامة”، وعضو “تكتل التوافق الوطني”، النائب فيصل كرامي، ناعياً عبر حسابه على منصة “أكس” ناشر جريدة السفير طلال سلمان: “لـطلال سلمان لحظة الغياب حزنٌ هو حزن كل لبنان، على رجلٍ سيترك مكانه شاغراً الى الأبد في الوطن وفي الصحافة وفي فضاءات الذاكرة. لقد فقدنا الرائد والأستاذ والمناضل وأحد صنّاع وجه لبنان السياسي والثقافي على مدى اكثر من نصف قرن. وداعاً طلال سلمان”.
النائب مخزومي: برحيله تخسر الصحافة اللبنانية والعربية علماً من أعلامها
كتب النائب فواد مخزومي عبر منصة “اكس”: “برحيل الصحافي الكبير الأستاذ طلال سلمان تخسر الصحافة اللبنانية والعربية علماً من أعلامها ووجهاً بارزاً كان له باع طويل في عالم الصحافة المكتوبة.
الرحمة لروحه والصبر والسلوان لعائلته وذويه ومحبيه”.
النائب أبو فاعور: كانت السفير صحيفتنا وكنت باعث أفكارها… وداعاً أبو أحمد
نعى عضو “كتلة اللقاء الديمقراطي”، النائب وائل ابو فاعور، عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، ناشر ورئيس تحرير جريدة السفير طلال سلمان، ودوّن: “كانت السفير صحيفتنا وكان طلال سلمان باعث أفكارها. كنا نتنسم فيها إرث كمال جنبلاط ومسك فلسطين وحكايا الرفض والحرية والثورات من مشرق الأرض إلى مغربها. طلابًا، كنا ننهي نهاراتنا لندلف مساء إلى السفير، صحيفة الجامعة اللبنانية والحركة الطلابية والشغب الدائم، وسياسيين كان أبو أحمد يستدعينا إلى جلسة تحقيق في مكتبه العابق بدخان سيجارته وأفكاره وقفشاته. يوم تباينت بنا سبل السياسة في لبنان كنا نشتري صحيفتنا من باب العادة والوفاء ونركنها جانباً لنختلس النظر بعتب وحب إلى مقالته “على الطريق”، لأننا كنا نعرف أن الجامع بيننا غالب وهل من جامع أعلى من فلسطين.
وداعًا أبو أحمد…”.
حزب الله: وقف إلى جانب القضايا العربية المحقة ودعم القضية الفلسطينية والمقاومة في لبنان بكل قوة
نعى “حزب الله” الصحافي الكبير وأحد أعمدة الصحافة اللبنانية الاستاذ طلال سلمان الذي انتقل الى رحمته تعالى بعد “تاريخ طويل من الإسهامات المميزة والعريقة في عالم الصحافة والاعلام”.
وجاء في النعي أيضاً: “لقد وقف طلال سلمان إلى جانب القضايا العربية المحقة ودعم القضية الفلسطينية والمقاومة في لبنان بكل قوة، ونصرها بقلمه وفكره، وكانت جريدة السفير منبره الذي لا يهدأ. إننا نتقدم من عائلته ومحبيه ورفاق دربه وجميع الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية في لبنان والعالم العربي بأحر التعازي والمواساة”.
حردان: أسمعَ صوت الناس وقاوم الاحتلال والعدوان ورفض الطائفية والتقسيم
على اثر شيوع خبر وفاة مؤسّس جريدة “السفير” الصحافي والمناضل الأستاذ طلال سلمان، أصدر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان البيان التالي:
برحيل طلال سلمان والاسم غنيّ عن التعريف، يفقد لبنان والعالم العربي علماً من أعلامه الكبار، امتهن الصحافة، إبداعاً ومعرفة، وسبيلاً للنضال نصرة للحق القضايا العادلة.
على امتداد نصف قرن ونيّف، كان طلال سلمان، “صوت الذين لا صوت لهم”، واستطاع من خلال افتتاحياته في “السفير” ومقالاته ومؤلفاته أن يُسمع صوت الناس، رفضاً للمذهبية والطائفية والتقسيم، وتأييداً لمقاومة الاحتلال والعدوان، لا بل أكثر من ذلك، كان شريكاً في مشروع مقاومة الاحتلال الصهيوني، وقد دفع ضريبة الدم حين تعرّض لمحاولة اغتيال آثمة نجا منها بأعجوبة، وقد شرّع صفحات “السفير” لنشر أخبار المقاومة وتغطية العمليات الاستشهادية التي نفذها استشهاديو الحزب السوري القومي الاجتماعي ومواكبة مفاعيل هذه العمليات على معنويات العدو الصهيوني.
شكل الراحل الكبير طلال سلمان علامة فارقة في عالم الصحافة، فإلى العمل الاحترافي والموضوعية التي تميّز بها، ووضعها معياراً لصحيفة “السفير”، كان منحازاً بالمطلق لفلسطين والمقاومة، كيف لا وفلسطين قضية محقة وعادلة، والمقاومة خيار الشعوب التي تدافع عن أرضها وكرامة شعبها.
برحيل طلال سلمان تفقد الصحافة ركناً من أركانها، ويفقد لبنان قامة وطنية من قاماته الكبيرة، وتفقد فلسطين مناصراً مخلصاً لقضيتها، ويفقد العالم العربي شخصية استثنائية مشبعة بالثقافة والمعرفة والإبداع.
لروح المناضل طلال سلمان التحية، ولعائلته أحرّ التعازي والبقاء للأمة.
“الجبهة الشعبية”: ستبقى ذكراك خالدة في ضمائر كل شرفاء وأحرار أمتنا
نعت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” في لبنان ناشر جريدة “السفير” “الصحافي والإعلامي العروبي الكبير الأستاذ طلال سلمان”، وقالت في بيان: “ببالغ الحزن والأسى، وبأسمى مشاعر الحزن والوفاء، ننعى الصحافي والإعلامي العروبي الكبير، وناشر جريدة “السفير” اللبنانية الأستاذ طلال سلمان، الذي وافته المنية اليوم الجمعة 25 آب 2023 عن عمر ناهز الـ 85 عاماً بعد مسيرة نضالية وإعلامية وثقافية حافلة بالتضحيات والإنجازات، مدافعاً عن القضايا العربية والإنسانية وفي مقدمتها قضية فلسطين، التي آمن بها وقاتل من أجلها وضحى في سبيلها، في مواجهة أعداء فلسطين ولبنان والأمة العربية، متنقلاً بين العديد من الصحف والمجلات والمنابر الإعلامية، إلى أن استقر به المقام حين أسَّسَ جريدة “السفير” اللبنانية اليومية عام 1974 كما أراد مؤسسها “جريدة السفير في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”.
أضافت: “وكانت بحق “صوت الذين لا صوت لهم”، من الفقراء والكادحين والمقاومين. واحتلت عن جدارة ضمائر وقلوب المثقفين الثوريين الحقيقيين، والثوار المقاتلين في قواعد المقاومة وخنادق القتال ينتظرها الثوار بشغفٍ يومي بافتتاحيتها “على الطريق”، التي كان يخطها الراحل بكل صدقٍ وأمانةٍ ووضوح لترسم معالم الطريق نحو الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية. ولم تنل من عزيمته وإرادته كل الضغوط ومحاولات الاغتيال التي تعرّض لها، كما تعرّضت لها “السفير” من اجل إسكات الصوت الحرّ والمقاوم”.
وختمت: “إننا في الجبهة الشعبية وعموم ابناء شعبنا الفلسطيني، وكل أحرار وشرفاء أمتنا العربية، وإذ نودع اليوم قامةً وطنيةً لبنانيةً عربية كبيرة، نتوجّه بأصدق التعازي وأسمى مشاعر الوفاء والمواساة لعائلة الراحل الكبير وأصدقائه ومحبيه، ولكل من آمن بالمبادئ والمثل والقيم التي ناضل من أجلها الراحل الكبير.
نجدد العهد ان نستمر في مسيرة الكفاح والمقاومة حتى تحقيق كامل أهداف وطموحات شعبنا وأمتنا. وستبقى ذكرى الراحل الكبير خالدة في ضمائر كل شرفاء وأحرار أمتنا”.
فضل الله: برحيله تطوى صفحة من صفحات الاعلام الوطني المسؤول
نعى العلامة السيد علي فضل الله ناشر جريدة السفير الأستاذ طلال سلمان في بيان جاء فيه: برحيل الاستاذ طلال سلمان تطوى صفحة غنية من صفحات الاعلام الوطني المسؤول لبنانياً وعربياً، صفحة مشرقة استطاع من خلالها أن يطل بـ “سفيره” على كل آلامنا وجراحاتنا ليستخلص منها الدروس والعبر وليصوّر إنجازاتنا بأروع ريشة لنبني عليها مستقبلا مشرقا لوطننا وأمتنا ولأجيالنا القادمة.
تعازينا الحارة للصحافة المسؤولة ولكل كاتب حر ومسؤول وكل العزاء لأهله وإخوانه سائلين المولى ان يلهمهم الصبر والسلوان وله الرحمة والمغفرة.
أنور الخليل: وداعا رجل العروبة والديمقراطية
نعى النائب السابق ووزير الاعلام الأسبق أنور الخليل الراحل الكبير طلال سلمان، وجاء في النعي:
واضحاً منذ نشأته المهنية، صريحاً إلى حدود المغامرة ورصيناً لا يحب العبث.
هو الراحل طلال سلمان العروبي الذي خطها لنفسه إيماناً لا يلتوي، لكنها ليست أي عروبة… إنها العروبة التي لا تحيا من دون حرية ومن دون ديمقراطية.
قاتل في سبيلها وفي سبيل تكريسها هوية نهائيّة لوطنه لبنان ووطنه العربي الأرحب، ودفع في سبيل ذلك أثماناً باهظة ودماء وندوباً بقيت على خديه السمر حتى آخر نقطة حبر من حياته.
إرث غني، به اغتنى لبنان وسيغتني، واغتنى به العرب وسيغتنون.
مدرسة من القيم والأخلاق وقواعد مهنة المتاعب.
عندما كنا نلتقي كان يفيض بمشاعره الإنسانية ويعبر عن قلقه الدائم حيال ما تمر به الأمة وما يعاني منه لبنان من مآسٍ وويلات ومصاب منها صنع الأعمال الخارجية ومنها صناعة داخلية.
رحم الله طلال سلمان وعزاؤنا في إرثه الكبير وفي عائلة كريمة سنكمل معها مشوار طلال سلمان أبو احمد. رحمك الله.
أحمد الحريري: يطوي صفحة مشرقة ومشرفة في تاريخ الصحافة
نعى الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري، الكاتب والصحافي طلال سلمان، وقال عبر منصة “أكس”: “يرحل طلال سلمان الرمز الصعب في الصحافة في الزمن الأصعب. أسهمت “السفير” في تشكيل وعينا الوطني العروبي والقومي، وكان الراحل الكبير رائداً في الصحافة، وصاحب القلم الأنيق والموقف الثابت والغني بالحكمة والرؤية الثاقبة. مخزون ذاكرة لا ينسى، لي شخصياً كشاب نشأ على قراءة “السفير” صوتاً للوطن والعروبة ومنارة في عالم الصحافة”.
أضاف: “طوى الأستاذ طلال صفحة مشرقة ومشرفة في تاريخ الصحافة اللبنانية والعربية. ويبقى صوت الذين لا صوت لهم… رحمه الله، وأسكنه فسيح جنانه”.
مركز النهوض : جعل المؤسسة عائلة وجعل السفير أسرة ومدرسة جامعة
ونعى امين صندوق نقابة محرري الصحافة اللبنانية علي يوسف الاستاذ طلال سلمان ، كاتباً:
السلام لروحك طلال سلمان.. طلال سلمان المكافح المفكر.. الملتزم عروبيا وفلسطينيا.. الصحافي.. عاشق الصوت حتى صوت الذين لا صوت لهم.. رسام الجمع بين الفكر والكلمة..
رسام الجمع بين الالتزام والحرية … جعل المؤسسة عائلة.. جعل السفير أسرة … جعل السفير مدرسة جامعة..
لن نفتقدك..عشنا جزءاً من حياتنا معك وبقيت وستبقى بيننا ذكرى وعاطفة وتاريخاً يضيء كل يوم فكرة.. لن تكون بعيداً عنا في الالتزام.. ولن تكون بعيدا عنا في المهنة.. ولن تكون بعيدا عنا في السمر …
ما أجمل ان يكون لنا طلّال في كل يوم بعد وفاته كما في حياته نلقاه دائما “على الطريق”.
فادي الغوش: طلال سلمان أيها المبارك دون تطويب…
طلال إبراهيم أسعد سلمان
أيها المبارك دون تطويب…
صوت الذين لا صوت لهم..
ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار (غربي مدينة بعلبك) عام 1938.والده: ابراهيم أسعد سلمان، والدته فهدة الأتات.
درس في مدارس عدة بحسب تنقل والده الدركي في المدن اللبنانية، وأنهى دروسه الثانوية سنة 1955.
تزوج من عفاف محمود الأسعد من بلدة الزرارية في سنة 1967. ورزق منها: هنادي، ربيعة، احمد، وعلي.
عاش دون أمس وانتظرَ بلا غد، هذا الذي أطعم الثقافة من زاده فأشبع بالكلمة كل جياعها… معجنه الثر…
مسافرٌ على طريق الحرية… ديدنه الصحافة… امتطى يراعه وخطَّ به أبلغ الكلمات في مقالته اليومية “على الطريق” في جريدته “السفير”، الذي تفرّغ لإصدارها كجريدة يومية. وقد صدرت في 1974/03/26 بعد اتصالات ومشاورات ومحاورات واسعة شملت العديد من كبار القادة والسياسيين والصحافيين من الكتاب والأدباء العرب، حتى جاءت مصداقاً لشعارها “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”، وكان شعارها الرديف “صوت الذين لا صوت لهم”.
فغدا كاتب مقالة أدبية بأسلوب السهل الممتنع…
حتى آخر عدد من صدورها بتاريخ 4 كانون الثاني 2017.
وكان قد تمرَّسَ قبلها في الصحف اللبنانية ثم مجلة “الحوادث” سنة 1957 وعمل فيها محرراً ثم سكرتيراً للتحرير، ومنها انتقل إلى مجلة “الأحد” سنة 1960 وتولى إدارة التحرير. وفي خريف 1962 سافر إلى الكويت حيث أصدر مجلة “دنيا العروبة” لصاحب “دار الرأي العام” عبد العزيز المساعيد، التي تولى رئاسة تحريرها لفترة قصيرة عاد بعدها الى بيروت ليتولى ادارة التحرير في مجلة “الصياد” في صيف 1963.
بين 1963 و1973 تنقل بين مجلات “الصياد” و”الأحد” و”الحرية”، قبل أن يتفرغ مع ” الصياد” و” الانوار” لتغطية الأحداث العربية فعرف دواخل العديد من الأقطار وحاور مجموعة من أبرز الملوك والرؤساء والقادة السياسيين والحزبيين العرب، وعالج مجموعة من الملفات والقضايا الساخنة. كما حاور عدداً كبيراً من كبار الأدباء والكتاب والفنانين العرب، في العديد من الأقطار العربية، وربطته بمعظمهم صداقات وثيقة.
عضو مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ العام 1976 حتى العام 2016.
ظهرت “السفير” جريدة مقاومة ومقاتلة، وكان لها دور أساس في استنهاض الصمود والتصدي للاحتلال، ورفع الظلم وحملت لواء تحرير فلسطين والقضايا العربية العادلة، كما كانت عناوينها الرئيسية محفورة في ذاكرة تلك المرحلة.
اذ انسى لن انسى يوم كتب مانشيت “السفير “على ثمانية اعمدة “برجا تحت الاحتلال تعلن ثورة الحجارة”…,
ويوم قصفت الطوافة “مرج برجا” صدر مقاله الشهير: “ليست الطوافة ولا الطوائف… برجا هي القضية”….
ودائماً كان يردّد على مسامعي كل ما التقينا عن عنفوان بائع الأقمشة البرجاويّ وشهامته….
تعرّض سلمان لمحاولة اغتيال أمام منزله في منطقة الحمراء في 1984/07/14 وأصيب بجروح في أنحاء مختلفة من جسده.
قال لي مرة: “ستعجب من حديثي في السياسة، ولكنني أعتقد أن بين أسباب هزيمة العرب أنهم يعانون من نقص شديد في الحب، حبهم لأرضهم، حبهم للغتهم، حبهم لأهلهم، حبهم لأبنائهم. إنهم يتضاءلون عبر احتقارهم لأنفسهم فيؤلهون عدوهم لتبرير هزيمتهم بعجزهم. إنهم يكرهون أنفسهم فكيف ينتصرون؟ الحب ليس امرأة. الحب أرض وناس، أطفال”….
في سنة 2004 وفي الذكرى الثلاثين لإصدار “السفير” كرّمته المؤسسات الثقافية والنوادي في أنحاء لبنان كله، وتسلّم منها الكثير من الدروع التقديرية، وألقى أكثر من عشرين محاضرة في مختلف المناطق اللبنانية.
حائز على عدد من الجوائز العالمية والعربية على تميزه ونجاحه في الدفاع عن قدسية الكلمة وحرية التعبير كرجل صحافي مؤثر.
طلال سلمان تاريخ من تاريخ الصحافة اللبنانية والعربية.
تعلمنا منه الكتابة على جدار الصحافة، وأن “الهزيمة ليست قدراً”، “هوامش في الثقافة والأدب والحب”، “على طريق الديمقراطية”، “مع الشروق”….
سيبقى يراعك خالداً وستظل “السفير” صوت الذين لا صوت لهم… حسبك انك عمِلتَ وفعلت.
“نمْ في ضريحك واستتر في جوفهِ
فالكنز يتخذ التستُرَ مرقدا…”
رحمك الله.
د.أحمد عياش: طلال سلمان مات.. آخر خبر فِ الراديوهات
(الحوار نيوز)
ونحن نتبادل الشك والاتهام اثناء لعب الشطرنج على رصيف مقهى يجمع بعض اليساريين المتقاعدين عابري السبيل في زمن الطوائف واربابها، اخبرنا صاحبنا ان السيد طلال سلمان امسى في ذمّة الله، فتوقفنا فجأة عن تبادل اللكمات ككل اليائسين من التغيير نحو الأفضل، ونظرنا الى بعضنا وسريعا ما انقسمنا بين مؤيد لجريدة السفير وبين معترض وبين ما بين، الا اننا اتفقنا انها كانت جريدة المقاومة الوطنية البنانية يوم عزّ الكلام ويوم ندرت البطولة، يوم سقطت بيروت بأيدي العدو الاصيل وبايدي وكلائها من اليمين اللبناني الذين خطفوا ما لا يقلّ عن الف وخمسمئة رجل من بيروت والذين ارتكبوا برعاية العدو الاصيل أبشع مجزرة في صبرا وشاتيلا.
تُعرف الأقلام من المواقف المشرّفة في لحظة الانكسار لا في لحظات الأعراس والاحتفالات.
عندما نتحدث عن السيد طلال سلمان لا نقصد غير جريدة السفير، وعندما نتحدث عن جريدة السفير لا نقصد غير قلم ومواقف البقاعي العروبي المناصر لهموم الناس والمتصدّي قدر الإمكان وقدر تجنب رصاصة او اصابة اخرى في الفك او في القلب جراء محاولة اغتيال.
برحيل السيد طلال سلمان ورغم حقبة التواجد العسكري السوري القامع، ورغم الحقبة الحريرية السياسية المغرية ورغم حقبة حزب الله الإعلامية الكريمة، تبقى جريدة السفير ورغم المسدسات الكاتمة للصوت أكثر الجرائد القابلة للقراءة وللمطالعة ولفهم ما يحصل فينا ومعنا، ولإدراك نظافة قلم المرحوم طلال سلمان، ولفهم معاني المحاولة الانقلابية التصحيحية التي قامت بها جريدة الاخبار، لا يسعنا الا الترّحم على الراحل الكبير السيد طلال سلمان، فبغيابه نضع جزءاً من ذاكرتنا على رف من رفوف مكتبة الإخلاص والوفاء والاعتراف بفضل استاذ كبير.
طلال سلمان مات
طلال مات
آخر خبر ف الراديوهات
وانمد حبل الدردشة والتعليقات
مات المناضل المثال
مات الجدع فوق قلمه جوة المأساة*(بتصرف).
مات البطل…
من هنا ومن تحت تحت شجرة تين محررة في بلدتي حاروف وجالساً على تنكة تاترا صدئة ومطعوجة اترحم على من زرع الارض ثقافة ورحل… والعلم عند الله.
إسماعيل النجار: كَم أبقى بين حنايا صدرهِ من أسرار بقيَت طَي الكتمان وذهبَت معه حيث لا عودَة.
أسدَلَ ستائر حياتهِ وأطبَق جفنيه من دون أن يُودِعنا أسلمَ الروح بِلا عَناءٍ ولا ضجيج.
ترَك قلمهُ بين حِفاف مُفكرَتِهِ مُسَلِّماً الأمانة وفي القلب حرقة وفي الحلق غصَّة على بعض إعلامٍ أصبَحَ مأجوراً موتوراً مفتوناً بالمال.
رحل السفير طلال سلمان إلى حيث الحق والحقيقة، إلى المكان الذي لا مال ولا ضلال فيه.
صاحب القلم الغني والكلمة الوطنية الحُرَّة. سفير الصحافيين الأشراف في كل العالم تَرَك لنا بضع كُتبٍ وبضعَ حَكايا وأرشيفَ قِصَصٍ وأسرار وطن، لكنه كَم أبقى بين حنايا صدرهِ من أسرار بقيَت طَي الكتمان وذهبَت معه حيث لا عودَة.
إبن بلدي وجاري الغالي أبو أحمد وداعاً…
المفتي قبلان: يطلّ اليوم على ساحة الحق الأبدي ليدلي بشهادته عن وطن ما زال مصلوباً فوق خشبة الانقسام
نعى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان، ناشر جريدة “السفير” وقال في بيان: “طلال سلمان اسم بحجم وطن تذابح أهله وتفرق عربه، وما زالت أصداء قلمه تاريخاً لوطن تقاسمته النار، ووجعا لشعب مزقته الحرب الأهلية، ودعوة لانتشال لبنان من إعلام الفتنة وألغام المتاريس ولعبة العالم، واليوم طلال سلمان يطلّ على ساحة الحق الأبدي ليدلي بشهادته الثقيلة عن وطن ما زال مصلوباً فوق خشبة الانقسام”.
واصف عواضة: طلال سلمان و”السفير”.. والغياب المرير
رحل طلال سلمان، وهوى عمود آخر من أعمدة الصحافة اللبنانية والعربية.لا أدري كيف تكون الصحافة من دون طلال سلمان، وهو الذي أنشأ لها مدرسة تتلمذ عليها معظم الصحافيين اللبنانيين، فكانت “السفير” لكل قلم حر، منبراً لمن لا منبر له، ”جريدة لبنان في الوطن العربي،وجريدة الوطن العربي في لبنان”.
لم يرحل طلال سلمان اليوم.. هو رحل منذ غابت “السفير” التي كان يتنفس فيها ملء رئتيه. كانت بالنسبة له القلب والدماغ والرئتين والكبد. تدهورت صحته منذ ذلك الحين وعجز الطب عن علاجه، لأن “السفير” كانت داءه ودواءه ورداءه، تماماً كالصحافة التي أفنى عمره في سبيلها، فشهد زمن تألقها مثلما شهد عصر انحطاطها.
عرفتُ طلال سلمان منذ ولجت عالم الصحافة منذ ما يقرب من خمسة عقود، وصارت بيننا علاقة مودة لا تنفصم عراها، وامتدت إلى عائلتينا، وشهدنا معه أحلى أيام العمر وجلسات السمر التي كان طلال أمها وأباها. ومن خلال طلال ومجالسه صارت لي صداقات واسعة، وصار له مثلها أيضاً من خلال معارفي.
تأخرت قليلاً حتى ولجت باب “السفير” رئيساً لقسم المحليات السياسية، على الرغم من الإلحاح الدائم لطلال. وفي “السفير” زاملت خيرة محرري الصحافة اللبنانية، وجالست كبار الساسة والمثقفين والاقتصاديين، محليين وعربا وأجانب، حيث كان مكتب طلال سلمان لا يخلو يومياً من شخصية بارزة.
كان طلال سلمان شخصيتين في رجل واحد: شخصية صارمة حازمة مضنية داخل “السفير”، وشخصية مرنة ودودة لطيفة جداً خارجها. وبقدر ما أحببنا شخصيته خارج “السفير”، تفهمنا صرامته داخلها، وتعلمنا من هذه الشخصية الحرص الحريص على قداسة الخبر الصحافي الذي أبقى “السفير” مرجعاً إخبارياً صادقاً وموثوقاً لا تضاهيه أي مطبوعة أخرى. ويوم توقفت “السفير” عام 2016 عن الصدور بقرار موجع من طلال نفسه، عرفنا أكثر قيمة هذه الصحيفة التي تركت فراغاً لم يملأه أحد، بشهادة السياسيين والصحافيين والمثقفين والقراء على السواء.
يُعتبر طلال سلمان أحد أهم كتاب الأدب السياسي في الوطن العربي. كان قلمه جارحاً أحياناً، خاصة لمن يستحق التجريح، فتعرض لمحاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة، لكن رصاصات الغدر ظلت ماثلة في فكيه، وقد أتيح له يوماً أن يعاتب المسؤول عن المحاولة، لكنه لم يسامح. وهو لم يهادن في قلمه أو يداهن. وحدهما فلسطين والمقاومة من ثوابت مبادئه التي لم تهن.
طلال سلمان الذي أقفل “السفير”، لم ينثن عن الكتابة، فكان موقع “السفير” الألكتروني رئة يتنفس منها قلمه الذي لم يتوقف عن العطاء، وكتب آخر مقالاته في زميله وزميلنا يوسف برجاوي الذي رحل قبل أسبوعين، وكان آخر سطر في مسيرته، ووضع نقطة نهائية على آخر السطر.
في رحيل طلال سلمان نتذكر “السفير” التي صنعها بقلمه وجهده وعرقه ودمه. طلال والسفير..غياب مرير.
رحم الله أبا أحمد.عزاؤنا مشترك. وخالص العزاء للسيدة الفاضلة أم أحمد، والأبناء هنادي وأحمد وربيعة وعلي، وإلى الأشقاء الأصدقاء فيصل وعصام ومحمد وجميع أفراد العائلة، وإلى الأسرة الصحافية والإعلامية.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
(موقع الحوار نيوز)
“صعب للدراسات”: قامة فكرية كبيرة خسرتها الصحافة اللبنانية والعربية
نعت “مؤسسة حسن صعب للدراسات والابحاث” في بيان، “ناشر صحيفة “السفير” طلال سلمان، الذي كان مثال النبل والكفاح والنجاح والوطنية والعطاء الكبير”.
اضافت: “رحل اليوم طلال سلمان الذي قال في كتابه “كتابة على جدار الصحافة”، إنها ليست هذه الصفحات سيرة حياة، وإن كانت بعضها، كذلك فهي لا تطمح لأن تكون تاريخا للصحافة في لبنان، وإن كانت تصبّ في سياقها العام، هي خطوات على الطريق إلى الصحافة التي تكون شهادة للوطن بقدر ما تكون على نظامه الفاسد المفسد”.
وختمت: “رحم الله طلال سلمان، الرجل العصامي الذي كان له أثر مهم في تاريخ الإعلام في لبنان والعالم العربي، هذه القامة الفكرية الكبيرة التي خسرتها الصحافة اللبنانية والعربية”، وتوجهت بأحر التعازي الى عائلته وزملائه ومحبيه.