تقرير: مي أحمد شهابي
تقتضي الحياة أن تتفجّر الرسالة الإنسانية من فجر المعاناة وصرخات الأطفال وجراح الكبار. فكان أن استجاب خيرة هذه الأمة ونخبتها، وفي طليعتهم الشيخ محمد المثقال، والذي يمثل الروح العربية الأصيلة والنفس الكفاحي الوطني، والذي هبّ بكل ما يمكن من إمكانات وعلاقات من خلال مؤسسته، التي سعت ومنذ أولى ساعات نشأتها لتسهم في تخفيف المعاناة وتمهّد لحياة كريمة لكل هؤلاء. والتي شملت قطاعات جماهيرية متنوّعة، واستجابة نداء الحاجات الملحة لهذه القطاعات. وهنا لا بد للإشارة إلى هذه المبادرات الهامة التي تقدمت بها المؤسسة للعديد من الفئات المجتمعية وبمختلف القطاعات.
ففي الأوقات التي تمرّ بها الشعوب والمجتمعات بأزمات كبيرة، كالتي تشهدها الدول العربية (سورية. لبنان. وفلسطين…) تتضح ماهية الشعوب وعلاقتها وثقافتها المعروفة بالتكافل والتضامن. فتشتد الحاجة إلى إشراك المجتمع في تلبية الحاجات الطارئة، رغم الإمكانات المحدودة. فإن النضال المجتمعيّ يلعب دوراً بارزاً هذه الأيام لا يقلّ قيمة عن النضال بمختلف أشكاله في مواجهة الإرهابيين والمتطرّفين.
فمن الإدراك لأهمية هذا التلازم بين أشكال التكافل الاجتماعي، عملت المؤسسة على تلبية العديد من الاحتياجات (الاجتماعية، الصحية، الإغاثية، والثقافية) آملة بهذا في تخفيف المعاناة المترتبة على شعبنا، وفي الوقت نفسه العمل على الحفاظ على ثقافتنا وموروثنا الأخلاقي.
من هذه المنعطفات الإنسانية بزغت مؤسسة “المثقال” تحت شعار (إيد بإيد.. سوريا أحلى) والتي هي فكرة الشيخ المغترب “محمد عبد اللطيف المثقال” وبإدارته، وهي مؤسسة خاصة غير ربحية تعنى بكل ما له صلة بالعمل المجتمعي، وتنمية قدرات كافة فئاته وتمكينها مجتمعياً، وفق برامج علمية مدروسة. وفي الوقت نفسه من القلب للقلب.. لتكون مثالاً لكل مغترب غيور على وطنه وأرضه وعرضه..
من هنا تعدّدت نشاطات المؤسسة على مدار الأعوام بدءًاً من عام ٢٠١٩ كنشاط فردي و٢٠٢١ كعمل مؤسسيّ وحتى الآن، بحيث شملت مجالات متعدّدة منها:
* برامج الاستجابة للكوارث العاجلة. حظي محور الاستجابة للأزمات بأهمية كبرى وفي مقدمتها الغذاء باهتمام رئيسي. من خلال تقديم السلل الغذائية التي كانت تضمّ المكوّنات الأساسية للحياة وخاصة للأطفال. واستمرّت على مدى السنوات الماضية بالإضافة إلى سلل التنظيف والتعقيم ومستلزمات صحية أخرى. فتقوم لجان العمل المتطوّعة بالتعاون مع اللجان الحكومية بعمليات التطهير وتنظيف الأحياء المنكوبة.
* تربوياً.. فقد بذلت المؤسسة جهوداً كبيرة لمتابعة التلاميذ وتعليمهم وتشجيعهم دراسياً، وساهمت في تنظيم دورات تعليمية وصفوف دراسية. كما تمّ تجهيز التلاميذ بالقرطاسية. وأقيمت احتفالات لتكريم الطلبة المتفوقين في مختلف المراحل الدراسية.
* هذا وقد تمكنت المؤسسة بعد فترة وجيزة من تكييف مهامها وبرامجها بتسجيل التحديات المطروحة أمام المرأة وتمكينها، والذي يقع عليها عبء تحمل المسؤولية. فطرحت المؤسسة برنامج عمل نسويّ تشغيليّ من خلال مشاريع خياطة وحياكة. بالإضافة لمشاريع تربوية وصحية تثقيفية.
* أما في مجال إعادة الإعمار، والتي عانى منها أغلب الأسر، ممن تضررت أماكن إقامتهم خلال الحرب. قامت المؤسسة بتأهيل البنى التحتية لبعض المناطق المتضرّرة نظراً للحاجة الماسة لها وإنارة بعض الطرقات بألواح طاقة بديلة شمسية، بما يوفره ذلك من حرية حركة وأمان. وتوزيع خزانات مياه على هذه المناطق..
* واكتسب العمل في المجال الاجتماعي والخيري أهمية كبيرة نظراً للحاجات الملحة في هذين القطاعين، حيث تنوّع العمل في المؤسسة، وشمل مجالات متعددة كان أبرزها:
– زيارة دور الأيتام وزرع الابتسامة على هؤلاء الأطفال وتقديم خدمات وبعض الهدايا.
– تكريم وزيارة أهالي الشهداء وتقديم واجب التبريك بالشهداء والعمل على تخفيف معاناتهم من خلال الوقوف عند احتياجاتهم.
– تكريم مجاميع المتطوعين العاملين في مختلف القطاعات فهم الجنود المجهولون.
– تكريم ثلة من المدرسين والمدرسات العاملين في قطاع التربية.
– تكريم أهالي جزيرة أرواد لما بذلوه من أعمال إغاثة وإنقاذ لمنكوبي القارب المحمّل بمهاجرين من لبنان وسورية.
– التعاون مع وزارة التربية وتقديم سيارات إسعاف كاملة.
– التشبيك مع وزارة الصحة ومحافظة طرطوس وتقديم سيارات إسعاف مجهزة بالكامل لمنكوبي الزلزال.
– دعم ذوي الحاجات الخاصة وذلك وفق برامج مدروسة تعكس أمل المؤسسة وهدفها.
ولا بدّ لنا من الإشارة إلى المبادرة الهامة التي تقدمت بها المؤسسة والمتضمنة دعوة المغتربين من كل أنحاء العالم للبدء بالتحضير لعودتهم إلى الوطن، وتحمل مسؤولياتهم في إطار عمل مشترك بينهم وبين الدولة السورية، ليكونوا شركاء فاعلين في عملية التطوير والبناء..
أخيراً لا يسعنا إلا تقديم الشكر الجزيل للجهود التي بذلتها مؤسسة /المثقال/ وأدت إلى تخفيف معاناة أهلنا في العديد من المخيمات والتجمّعات في ظل الظروف الصعبة حين تخلى الكثير من الجهات عن واجباتها.
ونأمل لها الاستمرارية والنجاح ونحيي كل كوادرها ومتطوعيها وكل من ساعد أو شارك في هذه المهمات والبرامج الضخمة والمميزة والتي نحن بأمسّ الحاجة إليها.