نظّمت شبكة دراسات المرأة “صون” الندوة الأولى من سلسلة ندوات برنامج “أطروحات جندرية”، التي تضمنت مناقشة كتاب “نساء لبنان في سلك القضاء: تعزيز السائد وإهمال الهوامش” للمؤلفتين الدكتورة عزّة شرارة بيضون والدكتورة عزة الحاج سليمان.
وذلك بالشراكة مع الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع وبالتعاون مع مجموعة بسمة الدولية، ومعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، ومركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية، ومخبر الدين والمجتمع في جامعة الجزائر ٢، وبحضور المؤسّسات العلمية والمنظمات الناشطة في قضايا المرأة الأعضاء في الشبكة.
افتتحت أعمال الندوة وأدارتها الدكتورة كمال أبي شديد أستاذة علم الاجتماع، وعضو الهيئة الإدارية في الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع.
يونس
استهلت رئيسة شبكة دراسات المرأة د. ماريز يونس كلمتها بتسليط الضوء على أهمية برنامج “أطروحات جندرية” كمنصة تداولية موسّعة بين أعضاء الشبكة وكافة المؤسّسات المعرفية والنضالية المهتّمة بقضايا المرأة، مبيّنة الهدف الرامي إلى تحقيق تقدّم على مستويات ثلاثة. الأول يتمثّل برصد النقاش المعرفي حول الكتابات النسوية؛ ويتمثّل الثاني بمتابعة نضالات المرأة المجتمعيّة على المستوى الميداني؛ ويسعى الثالث إلى استشراف السياسات العمومية على المستوى المؤسّسي.
ولفتت الدكتورة يونس، أنّ هناك مسارين تتبعهما الشبكة “صون” لتحقيق أهدافها، إذ يرتكز المسار الأول على مناقشة الكتب العلمية والدراسات الأكاديمية ومراجعتها، بينما يسير المسار الثاني بالتوازي مع الأول، من خلال مواكبة الفعل الاجتماعي النسوي في الفضاء العام، بالتوقّف عند بعض التجارب الميدانية حول النوع الاجتماعي.
واختتمت رئيسة شبكة “صون” كلمتها بطرح أسئلة إشكالية للنقاش والتداول بهذه القضية، بعد أن نوّهت بأهمية الكتاب الذي نفتتح به البرنامج، لطرحه إشكالية هامّة تتناول دور المرأة في سلك القضاء، والذي يمسّ مباشرة الثقافة التقليدية ومدى تقبّلها لحضور المرأة في الفضاء العام الاجتماعي والسياسي.
بزّي
وأكد الدكتور علي بزّي رئيس الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع على الأسس التي يرتكز عليها برنامج أطروحات جندرية، من حيث إطلاق العجلة الثقافية كي تعود إلى سابق عهدها في لبنان كما في العالم العربي، خصوصًا أنّ باكورة العمل انطلقت في مجال شؤون المرأة، وهو أمر أساسي وهام، لكونه يطال مواضيع محدّدة، ترتكز على البحث العلمي والاهتمام بقضايا المجتمع وبخاصة المشتغلين في علم الاجتماع.
الحاج سليمان
انطلقت دكتورة سليمان من طرح عدة أسئلة محورية جاء فيها “هل استطاعت النساء من خلال تواجدهنّ المتزايد في القضاء اللبناني إحداث خرق للممارسات السائدة في تفعيل القوانين؟ وهل اختلفت هذه الممارسات بين النساء والرجال في القضاء اللبناني؟ وكيف؟ وهل لمصلحة المجتمع أم لا؟ وهل تبينّ أن موجب الرعاية المنشود أدّى إلى إحداث تفعيل لحكم القانون، بأن يكون قادرًا على خلق الثقة بين المؤسّسات (والقضاء ضمنًا) والمجتمع والقانون”. وبيّنت غاية البحث في بعديه النظري (بتناوله أبعادًا اجتماعية وقانونية) والميداني (من خلال دراستين كمية ونوعية).
واستعرضت دكتورة سليمان دور المؤسّسة القضائية وفعالية عمل القاضي مع التغيّرات التي طرأت على شكل الدولة، وعلى كيفية إنتاجها للقوانين.
بيضون
كشفت الدكتورة بيضون في مداخلتها، ما قدّمته في الفصلين الأول والثاني من الكتاب، من محاولة لفحص المفاهيم المتناولة من منظور التغيّرات التي عصفت بعالمنا ومن أهمِها، برأيها، استواء النساء فاعلاً مؤثراً في مجرياته. ووضّحت بيضون سؤال الدراسة المتمحور حول “دور القاضي الحرج والمستجدّ تحديداً، ما حدا بهن للبحث عن إضافة محتملة مصدرها القاضياتُ اللبنانيات، (المتكاثرة أعدادُهنّ في سلك القضاء اللبناني)، إلى أنماط الممارسة القضائية السائدة، وفي سياق التحوّلات المذكورة”.
واختتمت مداخلتها بعرض أبرز النتائج التي توصّلت إليها في هذا الكتاب.
زلزل
عقبت المحامية المتقاعدة والأستاذة الجامعية والمستشارة لدى عدد من المنظمات الدولية، والناشطة في قضايا حقوق الإنسان على الكتاب الدكتورة ماري روز زلزل منوّهة به “لكونه كتاباً جديداً بموضوعه وطريقة معالجته، خاصة انّه حصيلة مقاربة قانونية واجتماعية معًا، ويضم دراسة احصائية كمية ونوعية غير مألوفة”. وتناولت زلزل موضوعين من الكتاب وهما “ما حصل من التباس حول دور القاضيات ودخولهن الى القضاء، والموضوع الثاني حول الدور الاجتماعي للقضاة والتساؤل عن مدى ترسيخه على مفاهيم جديدة للعدالة الانسانية في ظل مفهوم الألفية والجيل الثالث لحقوق الإنسان، وبين تجذيره لتاريخ قضاة الصلح والدور الاجتماعي لهم”.
لم تتّفق زلزل مع القول بأنّ النساء في لبنان حقّقن المساواة الجندرية من دون تدخّل السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية أو حتى الحراك النسوي المدني الهادف، واعتبرته قولاً لا ينصف المرأة ويحمّلها أكثر مما تحتمل، وأوضحت أنّ المشكلة هي في النظام ككل، مشدّدة على أنّ مشكلة المرأة في سلك القضاء هي أكبر مما يُثار.
اختتمت فعاليات الندوة التي نُظّمت في مجموعة بسمة الدولية في بيروت، بجلسة نقاشية تناولت مضمون الكتاب وإشكالياته، وشارك فيها ثلّة من الباحثين والباحثات.
تلا الطروحات نقاش تفاعلي بين الحضور من المختصّات والمختصّين، وبين ممثّلي السلك القضائي ومناضلات من منظّمات المجتمع المدني.