كتب المحرّر السياسيّ
الساعات الثماني والأربعين التي حددتها قيادة جيش الاحتلال لعمليتها الخاصة في جنين، التي استهدفت تصفية وجود المقاومة فيه، وتقديم مثال لما ترغب بفرضه على سائر مدن ومخيمات الضفة الغربية، سوف يتم استهلاك ربعها لضمان انسحاب قوات الاحتلال من المخيم، بعدما أصيبت الحملة بالفشل، فعجزت دبابات جيش الاحتلال وجرافاته ووحدات النخبة فيه عن اجتياز ثلث المخيم، وعن بلوغ ساحاته الرئيسية، رغم دعم الطيران الحربي والمروحي والمسيّر، وبقيت المقاومة ترسم الخطط والتكتيكات وتعدّ المفاجآت، وتفجّر العبوات وتفتح النار ويناور مقاتلوها بين الأحياء والشوارع، وتستثمر على الوقت الذي لا يعمل لصالح الاحتلال، فبقي زمام المبادرة بين يديها، واضطر جيش الاحتلال الى إعلان انتهاء عملياته وبدء الانسحاب، مضيفاً بلسان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنه سوف يكرّر هذه العملية عندما يجد ذلك ضرورياً.
خلال الوقت الفاصل عن انسحاب آخر جنود وآليات الاحتلال تستمرّ المواجهات، وتسعى المقاومة لإلحاق أكبر خسائر ممكنة بقواته وآلياته، فيستمر تفجير العبوات وإطلاق النار ونصب الكمائن، وقالت مصادر عربية تلعب دور الوسيط في حالات الاشتباك بين المقاومة في غزة وجيش الاحتلال، إن قيادة المقاومة في غزة كانت حددت صباح اليوم موعداً نهائياً لإنهاء العملية وانسحاب جيش الاحتلال قبل أن تضطر للتدخل.
ليل أمس، بدأت مفاجآت المقاومة عبر عملية دهس نوعية في تل أبيب تمّ تنفيذها من المقاوم الشهيد عبد الوهاب الخلايلة من كتائب عز الدين القسام، الذي اعتمد لضمان نجاح تنفيذ عمليته على ارتدائه زي جنود الاحتلال، وتسبب بإصابة عشرة من المستوطنين بجراح خطيرة.
اليوم مع إنجاز انسحاب قوات الاحتلال سيدخل مخيم جنين مرحلة جديدة، فيصير محرّماً على قوات الاحتلال دخوله مجدداً، ويتسنى للمقاومة تحويله الى قاعدة وركيزة محرّرة لانطلاق عملياتها في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وسوف تحذو نابلس حذو جنين، ومثلها الخليل، وتولد في الضفة أكثر من غزة، وهذا ما كان يخشاه الاحتلال قبل الاجتياح، فصارت احتمالاته أكبر بعد الاجتياح.
وفيما يحتفل الفلسطينيون والمقاومة بنصرهم، لبنان يتقلّب على جمر أزماته وخلافاته المتعددة العناوين، من التدقيق الجنائي الى حادثة القرنة السوداء، وصولاً الى الاستعصاء الدائم في الاستحقاق الرئاسي، وبقاء الحوار معلقاً على لائحة الانتظار.
(البناء)