“متى صلاة العيد يا شيخنا المسيحي؟”
طبعاً هذه الأسئلة تأتيني من إخوتي المسلمين على سبيل الدعابة، فمن الطبيعي أن يكون لدى كل مسلم برنامج لتوقيت الصلوات الإسلامية، يضعه على جهازه الخليوي ليذكره بمواقيت الصلوات، وهم يداعبونني لأنني أضع مثل هذه البرامج.
ومن الطبيعي أيضاً أن يَخرج صوت الآذان في أوقاته من الجهاز الخلوي للمسلم ليذكّره بأن الوقت حان لصلاة الظهر أو العصر أو المغرب والعشاء. فهل سمعتم هذا المسيحي يخرج نداء الأذان من هاتفه؟
وأنا كمسيحي يعمل مع رجال العلم الإسلامي ويحيا في بلد غالبيته مسلمة، أضع مثل هذه البرامج لتساعدني في تحديد الأوقات وخاصة في المآتم والتعازي التي يكتبون فيها “أن التعزية في الجامع بعد صلاة المغرب مثلاً”.
ويتصل بي الكثير من المسيحيين لأنني أصبحت مرجعيتهم في التعازي، ليسألوني “متى التعزية؟”… وأعطيهم الوقت بحيث أُريحهم من الضياع بين العصر والعشاء.
يأتي الأضحى وتعود إليّ طفولتي.. يوم نجمع “العيديات”، ثم نبدأ بالتوجه إلى الألعاب المنتشرة في اللاذقية حيث كنّا نقيم.
هل أحد من جيلنا يذكر كورنيش اللاذقية؟
بائع الكعك في آخر الكورنيش وقرب مقهى العصافيري.
هل تذكرون “الميلانة” المشوية؟ والفول على العربات أمام دور السينما؟
كنا نصرف “عيدياتنا” على البوظة من عند “جعارة” والنابلسية في محل “مجنون ليلى” ودور السينما “أوغاريت والكندي ودنيا وشهرزاد ووو” التي ندخلها كلها في اول أيام العيد.
كنا صغاراً لا نفرّق بين المسجد والكنيسة ونلعب في باحاتها.
كنّا صغاراً لا نعرف للعيدِ إلا بهجة الفرح.
كبرنا وتوزعنا فمنا من هاجرَ خارج اللاذقية وسورية، ومنّا من هاجر خارج العالم كله.
ذكريات وذكريات وأنا أشعر بالانشراح لدى معايدتي إخوتي المسلمين بعد صلاة العيد مباشرة.. وكنتُ أرى الدهشة في عيونهم أن يحضر مسيحي صلاة العيد باكراً ثم يعايدهم.
نداء “لبّيك اللهم لبّيك” الذي يتعالى من الحناجر هو نداء الجميع.
بين “لبّيك” الإسلامية .. و”لأن لك المُلك” المسيحية.. وغيرها من النداءات الروحية.. نبني سورية.
اللهم اشهد اني بلّغت.