أ.شوق المحنشي*
تمر علينا فترات نريد فيها الجلوس مع ذواتنا، وعندما تجلس مع أنفسنا نوجه إليها أسئلة مثل:
- هل أنا واثق من قدراتي؟
- هل أنا راضي عن نفسي؟
- ما هو الهدف من حياتي؟
- هل أنا ناجح؟
- هل أنا سعيد؟
نحاول البحث عن إجابة لهذه الأسئلة، وحينما لا نجد الإجابة في شخصنا في أعماقنا، نبحث عنها لدى الآخرين. والآخرون يختلفون في ما بينهم، نظن أن كل شخص نقابله يملك الإجابة التي نبحث عنها. هذا ما يسبب لنا التشتت والحيرة، وبالتالي نبحث من جديد عن إجابة كنا نعتقد أننا وجدناها.
مهما بحثت وتعمقت في البحث فإنك لن تجد الإجابة إلا معك وفي أعماق ذاتك، قراءة الذات بشكل جيد والتعرف إليها أكثر، تجعلك تجد الإجابة عن كل هذه الأسئلة. وحينما يجد الشخص الإجابة التي تقوده إلى النجاح، فإن ذلك يجعل من الشخص مبدعاً ومتميزاً بشكل يقوده إلى النجاح والتميز بشكل عام.
المبدعون والعلماء والمخترعون والقادة المتميزون هم ببساطة أناس استطاعوا الإجابة على مثل هذه الأسئلة. عرفوا كيف يديرون ذواتهم، ويديرونها بالشكل الذي يحقق أهدافهم، أمثال نيوتن (مكتشف الجاذبية) وأديسون (مكتشف الكهرباء)، والأهم من ذلك قادة عظماء استطاعوا قيادة أمة إسلامية بأسرها، الخلفاء الراشدون وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وغيرهم.
الحياة مليئة بالأشياء والمواقف والأشخاص والعناصر، التي قد تكون إيجابية أو قد تكون سلبية. هذا الأشياء والعناصر عبارة عن رسائل تبادليّة يمر بها الأفراد ويتناقلونها فيما بينهم. وقد تكون هذه الرسائل متعلقة بالاعتقادات والأحاسيس أو المشاعر أو طريقة التصرف أو السلوك الممارس أو طريقة التحدث. ويختلف الناس في طريقة استقبالهم لهذه الرسائل، فبعضهم لا تعجبه هذه الرسائل ولا يتوافق معها ويحاول تغييرها، والبعض الآخر تعجبه هذه الرسائل وبالتالي يتوافق معها ويقبلها، لدرجة أنه تتم برمجته على التصرف من خلالها دون أن يدرك مدى صحتها من خطئها، ويؤمن داخل ذاته أنه لا يمكن تغييرها. مثل هذه البرمجة السلبية تصبح هي بحد ذاتها مصدراً للمشاكل التي تعانيها الأمم، سواء كانت مشاكل شخصية أم أسرية أم اجتماعية أم حتى اقتصادية وغيرها.
المركز الأساسي والجوهر الأساسي هنا هو الإنسان نفسه، فمتى ما أدرك الإنسان إمكانية التغيير والتحول من البرمجة السلبية إلى البرمجة الإيجابية فإنه سيتغير، وسيتمكن من إحداث التغيير الإيجابي الذي يعود عليه بالنفع والفائدة، وللذين من حوله، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
إذن التغيير يبدأ من الداخل إلى الخارج وليس العكس، إبدا بنفسك وبتغييرها قبل أن تطلب من الآخرين أن يتغيروا، إبدا بنظرتك إلى نفسك، والطريقة التي تفكر فيها.
(يتبع جزء ثان)