سمعت قصص أناس عانوا ما عانوه من والديهم من تقصير ومظلوميّة في تربيتهم في مرحلة الطفولة مروراً بالمراهقة حتی الشباب، من شحّ في العاطفة ونقص في الاهتمام، ربما لم يكن ذلك بقصد من الأهل بل قصور في معرفتهم بأصول التربية، ووجود بعض السذاجة والبساطة وقلة الوعي والحكمة وبُعد النظر في التعامل مع أولادهم.
فكان من تداعيات ذلك وجود أشخاص محبطين، غابت معالم الحياة عن وجوههم، وعاشوا أمواتاً أحياء. لا يشعرون بالرضا عن أنفسهم, يتملكهم الكثير من عقد النقص. تتآكل أرواحهم، وتدمع أعينهم وهم يخبرون معاناتهم ومظلوميّتهم.
ومن شدّة إيلام ما سمعت من قصص، تولّدت في رأسي مقاربة قد تبدو غريبة لموضوع التربية، وقد تكون فيها استحالة تحقق، لكن من يدري فكلّ واقع تولّد من فكرة، خيال أو ربما أمنية.
تقول المقاربة: تفرض الدول المتحضّرة إجراء اختبار في القيادة للحصول على رخصة سواقة.
لما في ذلك من مسؤولية كبيرة في الحفاظ على أرواح أناسٍ كُثر إن لم يكن صاحب السيارة مؤهلاً للقيادة.
فلما لا يطبق مثل هذا القانون على الأهل المقبلين على الإنجاب؟
ما سيخضعهم للتأهيل والتدريب. واختبارات مكثّفة، يجب أن ينجحوا ويصبحوا متقنين لمبادئ التربية، وبالتالي تكون لديهم الأهلية لإنجاب الأطفال وتربيتهم.
فكما لا يُسمح بقيادة السيارة لمن لا يملك الترخيص لذلك لما فيه من خطر على أرواح الناس، كذلك إنجاب الأطفال من أولياء أمور غير مؤهلين للتربية يُعتبر الخطر الأعظم، والأذى الأفدح ليس فقط على أرواح أطفالهم فحسب، بل سيترك ذلك تداعيات سيئة على كل ما يحيط بالدائرة الاجتماعية القريبة وحتى البعيدة لهؤلاء الأطفال من صغرهم حتى يصبحوا هم انفسهم آباء وأمهات.
ولربما سيتكرر سيناريو التربية السيئة مع أولادهم. إذا ما أصبح ما نشّئوا عليه أسلوب حياة، فيغرق المجتمع في وحول العقد النفسية، والمشاكل السلوكية، والآفات الاجتماعية، التي لن تجد لها حلا لتجذرها في موروثات العائلات.
التربية السليمة من الأمور الملحة التي تعود بفوائدها على الأولاد، الاهل، والمجتمع ككل عند إرساء قواعد نفسية صحية سليمة للأطفال. تُعدُّهم إناساً مسؤولين في الحياة بكل تفاصيلها وجوانبها.
وتجعل منهم أفراداً أصحّاء أقوياء برغم كل ما قد يتعرّضون له من واقعهم الصاخب بالضغوط…