كنت أقوم بإعداد نموذج مقابلة شفهية للتوظيف. واضعة الأسئلة التي ستتضمنها، بحيث تتنوّع بين ما هو شخصي ونفسي وبين المهني. طالت القائمة، وكالسبّحة كان سؤال يجرّ آخر. وكلها أسئلة غاية في الأهمية ستضع بين يدي المدير فكرة جيدة وبيانات مهمة عن خلفية هذا الشخص المقدّم للوظيفة بصفة معلم.
وأنا أعدّ ذلك كله. كان شغلي الشاغل أمراً واحداً أودّ أن يكون في أولويات أسئلتي المطروحة. وإن تُرك لي الأمر لن اسأل غيره. وسيُغنيني عن كل الإجابات.
وهو: هل تعرف الخصائص العمريّة للأطفال في المرحلة التي ستعلمها؟ اذكر لي أهمها. واخبرني كيف ستراعيها في أدائك اليومي معهم؟
فما دون هذا السؤال كله سيكتسبه المعلم من خلال الخبرة والتدريب المستمرّ. لكن معرفة الخصائص العمريّة لكل مرحلة من مراحل الطفولة وكيفيّة التعامل معها هي نواة العملية التعليمية، وجوهرها، وتحتها تندرج وتحدّد كل المعارف الأخرى.
ففي إعداد الخطط، والتحضير، واختيار وسائل الإيضاح، والتقييم سيحرُص المربّي على إخضاعها ومواءمتها بما يتناسب مع هذه الخصائص. وحتماً عندها سيكون مربياً رؤوفاً بهؤلاء الأطفال، واعياً لكل احتياجاتهم، مدركاً لقدراتهم. ما سينعكس إيجاباْ على أدائهم وتحقيقهم النجاح المنشود.
وهذا الأمر ينطبق على الأهل أيضاً في تربيتهم ومتابعاتهم اليومية، بحيث يصبح التعامل مع الطفل أسهل إذ سيتفهمون ويعون أكثر أسباب سلوكياته المتنوعة والكثيرة، ويدركون تماماً بأن كل ذلك طبيعي ضمن مسار نموه، وبحسب خصائصه العمرية في كل مرحلة من حياته. وعند ظهور أي سلوك لا يتواءم مع هذه الخصائص يُصار الی التدخل والمعالجة في الوقت المناسب.
للأهل والتربويين أحسنوا توجيه الطفل ومراعاة مراحل نموه. وافهموا خصائصها بكافة مجالاتها (اللغوية. الجسدية، المعرفية، العاطفية الاجتماعية) وكيفية التعامل معها، وتحفيزها للنمو السليم. فهذا هو نواة التربية وجوهرها ونقطة الانطلاق الصحيحة لتضمنوا بناء إنسان مستقيم متوازن، يتمتع بحياة أسعد وأرغد.
فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول.
..وللحديث تتمة.