أصدر اللقاء القومي النهضوي بياناً بعنوان “نداء الى السوريين القوميين الاجتماعيين.. حول احداث بلدة بيت شباب”، دعا فيه القوميين إلى حسم خيارهم بكونهم أبناء النور والنهضة ورفض الصمت على الواقع الحزبي الانقسامي وخطف مؤسسات الحزب، ووضع حد للتفرقة ورفض التغول بالدم والعنف والجريمة..
وجاء في البيان النداء الآتي:
“أيها السوريون القوميون الإجتماعيون
أيها الصابرون على الظلم والتمرد والفساد، أيها القابضون على الجمر من أجل سمعة الحزب ووحدته، أيها الملتزمون النظام لأنكم آمنتم بأن النظام هو من أقانيم النهضة.
إننا اليوم في أصعب مرحلة تمر بها نهضتنا على مستوى المؤسسات والتنظيم ومنظومة الفكر والنهج، بعد جميع الأزمات التي واجهتنا. وبعد فشل خلق عملية إصلاح داخلية ذاتية تعيد للحزب موقعه، وللنهضة ألقها الثقافي والاجتماعي، وتصويب البوصلة القومية التي حرفها النهج الفردي الأحادي عن محورها المؤسسي الطبيعي، وأغرقها في الواقع السياسي اللبناني التقليدي وعطل دورها الاصلاحي النهضوي الاجتماعي في المجتمع، وعزز روح التحزب الضيق والعلاقات الشخصية، على حساب الإنتماء والقسم، وبناء الإنسان الجديد، أغرق الحزب بعلاقات التماهي مع الحلفاء، فأفقده الحس بماهيته وحقيقته وتمايزه وريادته، كما أفقدنا حسنا بقوميتنا بتغليبه الواقع الكياني على الحقيقة القومية، وأفقدنا ذاكرتنا القومية كمؤسسين ورياديين لحركة المقاومة في أمتنا السورية، ليجعلنا فصائل داعمة لواقعية الحراك المقاوم مهللة لقياداته، مرتهنة القرار، فاقدة الإستقلالية.
حاولنا دائما مواجهة هذه الأزمات بعوامل ومقومات ذاتية وداخلية، إيمانا منا بأن النضال من داخل المؤسسات هو عملية تصحيح ذاتية، تؤدي إلى إصلاح وتقدم ورقي اذا ما نجحت، وايمانا منا بأن دستورنا ومع كل العبث الذي لحق به من جراء التعديلات العشوائية – غب الطلب – ما زال يؤمن اسس الدمقراطية المعبرة عن آفاق الفكر ورسوخ العقيدة وتداول السلطة وعلياء القضاء، الى جانب لازمة العقل – الشرع الأعلى – التي تضمن الإصلاح والتصحيح والحداثة ومحاكاة العصر.
هذا النهج عينه عطل كل محركات الإصلاح الداخلي، وزرع عقلية التزلم والفردية والمصالح الأنانية الضيقة عنوانا للعلاقات، فحصد في 13 ايلول الخيبة والغدر وأدى بعد انتخابات غير شرعية الى إجهاض كل حراك إصلاحي مبني على المؤتمرات والورش النوعية، حيث انقسم النهج الواحد على نفسه في صراع اقطابه على السلطة، ووضع القوميين الرافضين للنهج الفردي أمام خيارات الأمر الواقع، وأمام تنظيمين غير شرعيين، متصارعين على السلطة واكتساب الشرعية الوهمية، والسطو على رأسمال الحزب الروحي والمادي، تنظيمين متسارعين في تقديم أوراق اعتمادهما هنا وهناك، فقط للحفاظ على مواقعهم الواهنة ومصالحهم الضيقة – كل ذلك تحت شعار الشرعية الحزبية -، والتشدق بالوحدة وانتظام المؤسسات.
ولقد سبق وحذرنا القوميين والإدارتين، بأن هذا الصراع الذي أفرز تنظيمين، سيؤدي الى انقسام خطير له عواقب مدمرة على جسم الحزب ودوره وموقعه وسلامته وسلامة أعضائه، وخاصة في عزم إدارات الإنقسام تعيين وإجراء انتخابات مجالس قومية انقسامية، تجذر الانقسام وتشوه الهيكلية الحزبية وتعزز التطرف والتحزب والفرقة بين القوميين في ظل تدني مستوى القيم والمناقب وتحطم الروحية القومية المحبة الخلاقة، وتغذي الكراهية والعنف والانشقاق.
ولقد حاولنا صادقين تثبيت إرادة القوميين بالوحدة وطرحنا وعلى مدى سنتين ونصف المبادرة تلو الأخرى، وكانت كل محاولاتنا تجهض وتهمش من أقطاب الصراع الداخلي المدمر، برفضهم وخوفهم من إرادة القوميين العامة، وموقف المجلس القومي الحالي، وتهميشهم لجميع المبادرات الإنقاذية التي طرحناها على التنظيمين.
ان آخر إرهاصات هذا النهج المنقسم على نفسه، تجلت في احداث بلدة بيت شباب الأخيرة، التي حذرنا سابقا من حدوثها نتيجة ارتفاع منسوب التفرقة وخطاب الكراهية. ان ما حصل في بيت شباب الاسبوع الماضي خطير جدا وما زال خطره راهناً، وهو يعيدنا الى نهج العنف والدم في حل المشاكل الداخلية.
اننا في اللقاء القومي النهضوي نعلن أن ما حصل في بيت شباب، مدان ومرفوض ونحمل التنظيمين مسؤوليته وعواقبه، كما أننا ندين العنف في حل الأزمة الحزبية وندين الاعتداء على راحة وسلامة المواطنين في المتحدات، وخاصة تلك المتحدات التي احتضنت الحزب منذ تأسيسه وفي كل مراحل تاريخه.
وللمفارقة والمهزلة، ان قيادات التنظيمين عبرت عن نفسها ودورها وسوء ادارتها في البيانين التوضيحيين والتبريريين اللذين صدرا عن كل منهما، وكأن الجناة والمحرضين والمخططين والمشاركين والمنفذين مجهولو الهوية والتبعية. ولسخرية القدر، أن أحداثاً مدانة كهذه، سمحت لأمثال النائب سامي الجميل، سليل الإجرام والمجازر على الهوية، ومجازر توحيد البندقية المسيحية، ومجازر تل الزعتر وعينطورة وصبرا وشاتيلا، أن يحاضر بالفضيلة، ويعطي دروساً في السلم والمناقب والدفاع عن بيت شباب وغيرها من قرى المتن التي ذاقت علقم إجرام كتائبهم وبطشهم.
إننا اليوم وبعد أن أجهضت هذه التنظيمات كل مساعي حل أزمة الانقسام بوحدة القوميين مع استعادة بوصلة اتجاههم، نناشد رفقاءنا السوريين القوميين الإجتماعيين، بمعزل عن اصطفافهم الى تحمل مسؤولياتهم والتمسك بقسمهم، ورفض أساليب العنف والاستفزاز والنهج الميليشوي السائد والتنديد به وبإداراته في تنظيمي الأمر الواقع. نناشدكم أيها القوميون، أن حاذروا واحذروا الانزلاق في لعبة العنف والدم التي يتقنها على حساب النهضة أصحاب هذا النهج الإلغائي المعشعش في قيادات التنظيمين المنشقين. أنتم مسؤولون أمام انتمائكم وقسمكم، لا تسمحوا لمن دمّروا الحزب وقسموه وشوهوا سمعته وهشموا صورته النهضوية ان يجيروا امكانياتكم وطاقاتكم والتزامكم النظام والأخلاق في صراعهم على السلطة وتأمين مصالحهم الضيقة.
أيّها السوريون القوميون الاجتماعيون، عوا أنكم انتم نبض هذا الحزب، زاده وذخره، انتم من ضحّى بالغالي والنفيس في معارك الفداء والبقاء والمقاومة لنصرة النهضة وتحقيق غاية الحزب، واحرصوا بأن لا تكونوا وقوداً في صراع البعض على السلطة، واعملوا على إطفاء اللهيب بدل تسعيره في لعبة الصراع الداخلي المصلحي الرخيص.
لقد حاولنا كثير كلقاء قومي نهضوي التفاوض والحوار، والتعاطي مع الأمر الواقع، واستنفدنا جميع أشكال مساعي الوحدة، والاحتكام الى ارادة القوميين، التي اجهضها التنظيمان برفضهم جميع المساعي والتفافهم وتقويضهم لجميع المبادرات. وبالرغم من أننا عشنا بالسابق وخبرنا ازمنة العنف والمراحل الدموية السيئة في تاريخنا، ولكن المعيب أننا لم نستخلص العبر من التاريخ، بل ان بعضنا مصر أن يخوض غمار خطرها مرة أخرى وفي ظروف أصعب ومنسوب وعي أقل لتحقيق صغائر مآربه على حساب القضية.
لذلك نناشدكم أيها الرفقاء ونعلن اليوم، أن سلامة الحزب والقوميين خط أحمر، وسلامة مواطنينا ومتحداتنا خط أحمر، وان سياسة الاستفزاز والعنف والغدر مدانة ومرفوضة، وهي لا تشبهنا ولا تشبه سعاده، وليست من عقيدتنا الزاخرة قيماً وفضائل إنسانية، ومفرداتها ليست من قاموسنا الأخلاقي والمناقبي، وهي لا تشبه تاريخنا الزاخر بالمواقف والجرأة والإرادة والتضحية والشهادة في سبيل الأمة.
وأنتم أيها القوميون، هل ستتقبلون قدر الانقسام وانتهازية قياداته اينما كانت، وهل سيكون الصمت والإذعان للظلم هو صوتكم؟
هل ما حصل في بيت شباب تعتبرونه عملاً نهضوياً، يرتقي الى آمالكم؟ ام انتم شهود زورعلى ذلك، والى متى الصمت؟
هل سنرضخ لحالة الأمر الواقع المفروضة بعد 13 ايلول، ونسمح بتغييب الإرادة العامة، وانتهاك الدستور والنظام، ونتقبل الباطل لأننا لا نجرؤ الدفاع عن الحق؟
إن كل ما حصل في 13 ايلول وبعده باطل، والحق هو أنتم، أنتم الأصول في هذا الحزب النهضوي وهم الانقساميون في تنظيماتهم. هم من فجروا أزمة صراعهم على السلطة في الحزب، ورموا علينا الانقسام وعواقبه وذيوله، وعطلوا حركة الإصلاح. لذلك نحن نعمل على تحقيق وحدة السوريين القوميين الاجتماعيين، المقرونة بالإصلاحات الدستورية والإدارية، والمبنية على رفض الانقسامات عبر استعادة المؤسسات المخطوفة، وتصويب بوصلة النهج للتماهي مع الفكر والغاية وتعزيز الروحية القومية الاجتماعية فضيلة في العلاقة، على حساب النهج الفردي الأحادي الإلغائي وخطاب الكراهية.
هل نسمح لمن امتهنوا التجبر، والصلافة، والعنف أن يعبثوا مجددا في صفنا الحزبي ويقوضوا بناءنا العقائدي، ويحطوا من قدرنا ودورنا وصورتنا في المجتمع؟
ايها السوريون القوميون الاجتماعيون، عوا وانتفضوا على هذا الواقع الأليم، فالزمن لا يتوقف والتاريخ لا يرحم ولنا من زعيمنا تجربة بعد عودته الى الوطن في استئصال المرض من جسم الحزب، وكما في قوله المأثور:
ليس لابن النور صديق بين أبناء الظلمة، وبقدر ما يبذل لهم من المحبة يبذلون له من البغض.
” أنطون سعاده”
خيارنا أن نكون أبناء النور لأننا أبناء الحياة بكل قيمها ومناقبها.
تاريخ 26-04-2023 تحيا سورية ويحيا سعاده”.