ناصر قنديل*
- منذ كلام الرئيس السوري بشار الأسد حول ربط أي لقاء قمة يجمعه بالرئيس التركي رجب أردوغان بالتزام تركي واضح بالانسحاب من سورية، وردّ الرئاسة التركية باعتبار الشرط السوريّ غير مناسب، تنعقد الاجتماعات على مستوى الرباعية الروسية الإيرانية السورية التركية بطلب تركي. وهذا ما حدث مع اجتماع نواب وزراء الخارجية، وتكرّر مع اجتماع وزراء الدفاع.
- في المرتين قرّر الأتراك خوض غمار محاولة التوصل إلى اتفاقات تتيح تمهيد الطريق للقاء القمة، والإيحاء للفريقين الروسي والإيراني بأن لديهم جديداً يمكن ان يوفر شرط عقد اجتماع ناجح. وفي المرتين يبدو أن الجانب التركي لا يزال يناور للتهرّب من الالتزام بالانسحاب.
- في اجتماع نواب وزراء الخارجية أعدّ الروس والإيرانيون مسودة بيان مشترك تتحدّث عن الانسحاب بطريقة أقل من تلك التي كان يرغب بها السوريون، لكن دمشق وافقت عليها تسهيلاً لمهمة الحليفين وقناعة منها بأن الأهم هو تثبيت المبدأ، وكانت النتيجة أن الجانب التركي خلال الاجتماع وافق على كل ما تضمنته المسودة باستثناء الفقرة الخاصة بالسيادة السورية والانسحاب من الأراضي السورية وحصرية مسؤولية الأمن فيها بالجيش السوري، ولذلك انتهى الاجتماع دون إصدار بيان مشترك، واكتفي بالقول إن الاتفاق تمّ على استمرار الاتصالات.
- هذه المرة، يكفي عدم صدور بيان مشترك لمعرفة أن الاجتماع لم يبلغ النقطة التي تمهد الطريق للقاء القمة، ولو سبقه لقاء وزيري الخارجية، فمن جهة وزارة الدفاع التركية أصدرت بياناً قالت فيه “إن الاجتماع الرباعي مع روسيا وسورية وإيران في موسكو، ناقش الخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها لتطبيع علاقات أنقرة ودمشق”، ومن جهة مقابلة أصدرت وزارة الدفاع السورية بياناً قالت فيه “جرى اليوم اجتماع رباعي لوزراء دفاع كل من سورية وروسيا وإيران وتركيا، تم فيه بحث موضوع انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وكذلك تطبيق الاتفاق الخاص بالطريق الدولي المعروف باسم طريق M4”. وهذا يوضح أن الاجتماع لم يصل الى النقطة المرجوة.
- الواضح أن الجانب التركي لا يريد التسليم بما تطلبه سورية، لكنه لا يريد قطع الطريق على عقد لقاء القمة قبل الانتخابات الرئاسية التركية عبر إحياء الفرص لاجتماعات تبحث ببيان سياسي يعرف الأتراك أنه لن يصدر دون تضمينه نصاً واضحاً حول الانسحاب من سورية، وسبب القلق التركي قبل الانتخابات يعود الى أن استطلاعات الرأي حول الانتخابات الرئاسية تشير إلى نتائج متقاربة بين أردوغان ومنافسه كمال كليجدار أوغلو، واحتمال عدم فوز أردوغان في الدورة الأولى والذهاب إلى دورة ثانية سوف يزيد من احتمالات خسارة أردوغان بتوحيد تصويت معارضي أردوغان وراء كليجدار أوغلو، والورقة الرابحة، كما قال الصحافيون للرئيس الأسد، هي صورة لقاء القمة، وجواب الرئيس الأسد، هو يريد الصورة ونحن نريد استعادة السيادة على أرضنا.
- كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية سيزداد القلق التركي وربما يؤدي فجأة إلى التسليم بأن لا بدّ مما ليس منه بدّ، لأن الالتزام بالانسحاب من سورية يبقى أقل الخسائر.
*نائب لبناني سابق، رئيس تحرير جريدة البناء.