عقد المنتدى الاقتصادي والاجتماعي جلسته الاسبوعية، الخميس 13 الحالي، بحضور الأعضاء السادة (حسب التسلسل الأبجدي): النقيب أ. امين صالح، د. بسام الهاشم، أ. بشارة مرهج، د. بطرس لبكي، د. حيان حيدر، د. رياض خليفة، د. ساسين عساف، أ. سعد الدين بواب، المحامي د. عصام نعمان، د. عماد جبري، أ. عماد شبارو، الدكتور فضل ضاهر، المهندس مروان ضاهر، أ. معن بشور.
استعرض المنتدون المستجدات على صعيد الاقتصاد الدولي فرأوا ان ازمة المصارف الأميركية تعود بجذورها الى ازمة ٢٠٠٨ التي جرى حلها بالتضحية ببنك “ليمان براذرز” وبطباعة الدولار وضخّه في النظام المصرفي لإنقاذ المصارف الأميركية المتعثرة.
وفي أوروبا اعتمدت البنوك المركزية أسعار فائدة قريبة من الصفر لتخفيف خدمة الدين العام في دولها، لكنها اضطرت بعد حرب أوكرانيا الى رفعها لمحاولة لجم التضخم الجامح الذي اقتطع جزءاً هاماً من القدرات الشرائية لمواطنيها. ولقد أدّت هذه السياسات المتقلبة والمتناقضة الى نشوب توترات واضطرابات اجتماعية في كل من: فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
أما في سويسرا فلقد اضطرت السلطات للضغط على “الاتحاد المصرفي السويسري” ( U.B.S.) لشراء بنك “كريدي سويس” الذي تعثر بسبب ارتفاع الفوائد وموجوداته السيئة، الأمر الذي سيضعف المنافسة المصرفية في سويسرا. وبالإضافة الى الأزمات المصرفية تعاني الاقتصادات الأوروبية من ارتفاع أسعار الطاقة وتراجع مستوى العمالة.
هذه المتغيرات الدولية تؤشر إلى قرب نهاية “الليبرالية الجديدة” المتفلتة من أي ضوابط والتي تتكل فيها المصارف على الدولة لإنقاذها من الإفلاس، كما تبشر بعودة أكبر لدور الدولة الاقتصادي.
من جهة ثانية؛ لاحظ المنتدون أنه في الوقت نفسه صمدت روسيا اقتصادياً، وتقاربت مع الصين وبدأ التفاهم “الصيني – الروسي” يتحول الى تحالف استراتيجي سيكون له أثر كبير في المعادلات والتوازنات الحالية والمستقبلية.
أما منطقتنا فتشهد متغيرات هامة ابرزها دخول الكيان الصهيوني في حالة قلق على مصيره ساهم بتظهيرها مشروع نتنياهو للهيمنة على القضاء وتنامي دور المقاومة الشعبية في الداخل الفلسطيني بالتزامن مع تحول إقليمي إيجابي لصالحها.
الى ذلك تشهد المنطقة متغيرات إيجابية أحدثها الاتفاق “السعودي – الإيراني” الذي رعته الصين، وكذلك وصل ما انقطع بين الدول العربية، خاصة مع عودة سورية الى الجامعة العربية وبروز انفراجات حقيقية على مستوى الصراع في اليمن.
ثم استعرض المنتدون الأوضاع الداخلية في لبنان وفي مقدمها الملاحقات القانونية التي يقوم بها القضاء الأوروبي، وتساءلوا لماذا يتقاعس قضاة لبنان، باستثناء قلة شجاعة منهم، عن أداء واجبهم الأخلاقي والمهني والوطني ويقفون موقف المتفرّج على قضاة فرنسا وأوروبا وهم يقتفون أثر الجرائم المالية التي ارتكبت بحق الشعب اللبناني ولوّثت سمعة القطاع المصرفي الأوروبي. ولاحظ المجتمعون ان اصحاب ومدراء البنوك اللبنانية الذين استقووا على القضاء اللبناني وتجاهلوا مطالبه بتواطؤ من الطبقة السياسية الحاكمة ها هم اليوم يطاطئون رؤوسهم أمام القضاء الأوروبي الذي يحجز على أموالهم وممتلكاتهم بناءً على معلومات دقيقة يعلمها عن مصدر هذه الأموال وكيفية تهريبها .
مطالب
- طالب المنتدى الاقتصادي والاجتماعي في وثيقته الأساسية باستقلالية القضاء كمدخل رئيس للإصلاح ومكافحة الفساد، لذلك نحيي اليوم شجاعة القضاة الذين يقومون بواجباتهم غير مكترثين لضغوط الطبقة السياسية.
- كما ندين في الوقت نفسه أسلوب المحاباة والمجاملات غير المناسبة الذي استخدم في استجواب رياض سلامة من قبل أحد القضاة والذي تعامل معه وكأنه يستضيفه في فندق من خمسة نجوم مما لا يليق بالقاضي ولا بسمعة القضاء اللبناني.
وهنا يدعو المنتدى القضاة أن لا يتوقفوا أمام إدعاءات وحجج محامي رياض سلامة وبطانته الذين يتذرعون بالسرية المصرفية وضرورة الحصول على إذن ملاحقة من وزير المال الذي كان يعمل تحت أمرة سلامة في البنك المركزي. إن هذه الحجج واهية ولا يجوز أن تعيق سير العدالة لأن سلامة متهم بتبييض الأموال، وهذه التهمة كافية لرفع السرية المصرفية ومعها كل الحصانات الإدارية والدستورية بموجب الفقرة التاسعة من المادة الأولى من اتفاقية مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الفساد التي وقعها لبنان سنة ٢٠٠٨.
- إننا في المنتدى الاقتصادي الاجتماعي نناشد قضاة لبنان الشرفاء تكثيف مساعيهم وجهودهم لملاحقة ناهبي أموال الشعب اللبناني والتنبه لعدم ضياع او إسقاط حق الدولة اللبنانية بأموال سلامة والمصرفيين المحتجزة في أوروبا. كما نطالبهم بالعمل لإنهاء التناقضات داخل الجسم القضائي نفسه والوقوف وقفة رجل واحد إحقاقا للحق وصونا للعدالة.
- أخيراً؛ يدين المنتدى الاقتصادي والاجتماعي شلّ وتعطيل عمل “هيئة التحقيق الخاصة” من قبل رئيسها رياض سلامة مما يحمّل الحكومة ورئيسها مسؤولية قانونية ووطنية كبيرة في مسار الأزمة والكشف عن الفاسدين، لأن هذه الهيئة بما تملكه من معلومات وما تتمتع به من صلاحيات قادرة، اذا ما توفرت لها التغطية السياسية والإدارية؛ على مواكبة وتسهيل وتسريع عمل القضاء اللبناني الذي يشكل خشبة الخلاص الأساسية بالنسبة للبنان الذي يتخبط في بحر من الأزمات.