زهير فياض*
لا شك في أن من الصعوبة بمكان في هذا الزمن عزل أي دولة عن التأثيرات السياسية أو الاقتصادية الخارجية أو فصلها عن عوامل أخرى قد يكون لها تأثير على الداخل… هذا طبيعيّ في ظل تصاعد عمليات الترابط حول العالم في ظل العولمة وتطور تكنولوجيا التواصل والاتصال والتفاعل والتلاقح الثقافي والحضاري وأبعاده في السياسة.
وتبقى نسب هذه المؤثرات ومعدلاتها لا تتعدى الـ٢٥% من مجمل العوامل والمؤثرات الفاعلة في الداخل… إذ أنه من الصعوبة الحديث عن سيادة كاملة للدول خاصة لدول ذات بنى ضعيفة كلبنان…
ولكن، أن يكون التأثير الخارجي يتجاوز الـ 95% من مجمل المؤثرات، وأن يكون فعل القوى السياسية الداخلية يقارب “الصفر” في تقرير مصير الدولة والكيان ومقاربة الاستحقاقات الأساسية فيه كانتخاب رئيس جمهورية أو تشكيل حكومة أو إجراء انتخابات نيابية أو ما شاكل، فهذا يدل على مأزق بنيوي، وعلى قصور هيكلي وبنيوي وارتهان كامل للخارج ومصادرة للإرادة الوطنية وغياب كامل للوعي…
أن يصبح استحقاق كاستحقاق رئاسة الجمهورية ملفاً خارجياً بالكامل تتم مقاربته وحلحلته في كل عواصم الدنيا من طهران الى الرياض الى باريس الى أنقرة إلى واشنطن الا بيروت… فهذا إن دلّ على شيء إنما يدل على موت مدوٍّ للسياسة في لبنان…
والأخطر أن السياسيين ممن يتولون مناصب قيادية في الدولة اللبنانية يتحدثون عن دور الخارج كأنه الثابت وكأن دورهم هو المتحول…
دولة كهذه بحاجة إلى إعادة نظر حول كامل بنيتها ودورها واستمرارها راهناً ومستقبلاً…!!
*أستاذ جامعي.