ميخائيل عوض**
عملية مجدو في الجليل، فلسطين، وقتل وجرح أميركيين في قواعد أميركية شرق الفرات، ثم تبادل القصف بين القواعد الأميركية والقوات الرديفة والمساندة للجيش العربي السوري، والإنذار الحاسم للسيد نصرالله بقوله: إذا استهدفتم أحداً في لبنان سيكون الردّ فورياً وجازماً إشارات واقعية معيشة وملموسة على بلوغ التطورات لحظات حرجة، تنذر بتحوّلات نوعية.
مضاف الى ما تقدّم كسرُ الطيران الروسي لقواعد التفاهمات مع القوات الأميركية وتسجيل خرق أجواء قاعدة التنف يومياً…
الإقليم على ما يبدو دخل مرحلة جديدة والحرب مشتعلة…
هكذا توصف المرحلة التي يعيشها الإقليم وخاصة الشام براً وساحلاً والعربية شمالاً وجنوباً من ساحل الشام إلى ساحل اليمن….
بلغ السيل الزبى، ولم يعُد من سبب أو ذريعة او مبرر لتترك “اسرائيل” وأميركا متفلتتين تمارسان الغطرسة والبلطجة على مزاجهما.
تعتدي اسرائيل على سورية كلما رغبت وتضرب في جنين ونابلس وطولكرم وعموم الضفة وفلسطين الـ ٤٨وتمارس بلطجة على غزة وتهدّد وتتوعّد، والمستوطنون المتطرفون يدنسون الأقصى والقيامة ويعبثون على هواهم، وأميركا تسرق نفط وغاز وثروات سورية في وضح النهار، وتعطل اي تفاهمات بين الكرد والدولة السورية، وتعيد تدريب وتوزيع عناصر داعش وتنظيمات الإرهاب الاسود والمتوحش وتطلق يدهم لاستهداف المواطنين والدولة وأجهزتها، وتفرض حصاراً على الشعب لتجويعه وتمنع النفط والغذاء من العراق وتستهدف القوافل مزاجياً، بلا رقيب او حسيب.
***
كل ذلك كان يجري ومحور المقاومة وفصائله وقادته يفاخرون بما باتوا يملكونه من سلاح ورجال وعدّة، ويشغلون الإعلام والوسائط بالتهديدات والمناورات والاستعراضات…
بلغ السيل الزبى…
وتقاطرت الأحداث والتطورات زرافات ووحدانا، تشير الى حجم ما باتت عليه اسرائيل وحلفها الناتوي من تراجع وأزمات واحتمالات لتطورات انهيارية.
فأميركا دخلت طور إفلاسات المصارف، والاضطراب الاجتماعي – السياسي باستدعاء ترامب للمحكمة واحتمالات اعتقاله، بينما وجّه نداء لقاعدته الاجتماعية بالاستعداد للأعمال النوعية، وفرنسا معطّلة بسبب الإضرابات والتظاهرات والصدامات بين المتظاهرين وقوى الأمن، بينما المانيا تعيش هاجس الإفلاس المالي مع تراجع أسهم اكبر مصارفها بعد أن أفلس ثاني بنوك سويسرا.
وتتصاعد التوترات بين دول ونخب الاتحاد الاوروبي بما يخص تسليح وتمويل اوكرانيا، وخوض الحروب نيابة عن أميركا ولخدمتها. وتزداد المعطيات التي تجزم بتفاهمات استراتيجية روسية صينية وتفاعل تكاملي لإنهاء هيمنة الأطلسي وإسقاط العالم الأنكلو ساكسوني لتخليص البشرية من آثامه ونموذجه الاستعماري العدواني. وفي العرب والمسلمين ترعى الصين اتفاقاً إيرانياً سعودياً ينهي أزمات وحروباً وتعطيلاً واستنزافاً للإقليم لخمس وأربعين سنة كبّده ملايين المهجرين والقتلى والدمار وتريليونات الدولارات، لم يستفد منها إلا الاسرائيلي والأميركي الاطلسي.
وبينما تتسارع خطوات الانفتاح على سورية وانتفاء أسباب مقاطعتها ومحاصرتها وفرض الحروب عليها، ما يعني حكماً تراجع مشاريع التتبيع – التطبيع، والإبراهيمي، وصفقة القرن وإنشاء ناتو عربي اسرائيلي… الى آخر المعزوفة والترهات التي سيطرت على الأجواء الإعلامية لعقود.
بكل حال فان قراءة كل ما جرى وما هو جارٍ، وضبط التحولات والتطورات والأحداث، تقطع بأن الظروف والفرص والأوضاع كلها انقلبت عما كانته وجميعها تعمل في غير صالح اسرائيل والاطلسي وأميركا، وبين التطورات ما تعيشه اسرائيل نفسها من احتمالات ترجح انفجار أزماتها الداخلية وتسارع الانفجار مع الفلسطينيين الذين اختبروا كل الأوهام والرهانات ولم يعد امامهم من سبيل الا المقاومة والثورة المسلحة لتحرير كامل فلسطين فلم تعد الأرض تتسع لدولتين. كان مستغرباً أن تترك يد اسرائيل طليقة تعتدي بسفور وعنتريات على سورية وتمارس الذبح والتصفية للثورة المسلحة في فلسطين ويعتدي المستوطنون على المقدّسات وتنهب أميركا الثروات السورية وتقفل الاتصال الجغرافي بين بغداد دمشق بيروت، خاصة أن المحور وفصائله يملكون كل عناصر القوة والتأثير لمنع البلطجة الاسرائيلية الأميركية.
في الجاري من الاحداث نلمس ان تحولات عاصفة بات تحقيقها حاجة وضرورة ستترك نتائج تاريخية ونوعية. فالقواعد الأميركية المحتلة في شرق الفرات والتنف لم تعد آمنة، ولن تكون طرقات نقل منهوبات النفط والغاز والآثار السورية آمنة، وكما وعد السيد حسن نصرالله بإعادة الجنود الأميركيين جثثاً، وقد بدأت العملية تجري.
وبات مفهوماً أن إسرائيل ترتعب وترتهب وتخفق في الكشف عن حقيقة عملية مجدو التي عصفت بها، وليس أمراً عابراً او منقطعاً أنه بعد يومين منها، انفجر جيب إسرائيلي على الخط الفاصل على الحدود اللبنانية وكاميرا المنار صوّرت التفاصيل ونشرت فيديو لصراخ الجند الإسرائيليين المصابين.
هكذا اذن؛ يبد أن المحور وقواه وفصائله حسم الأمر واستجاب لمهمة تفعيل الإمكانات والقدرات لحماية مقاومي الضفة وفلسطين الـ ٤٨ ولتأمين سورية وفك الحصار عن شعوبنا المفقرة والمنهوبة. وعلى ما يبدو إن عمليات المحور باتت منسقة ومنظمة وتتكامل على كل الجبهات لربطها بعكس ما حاولت أميركا وحلفها واسرائيل تفكيكها وعزلها بعضها عن بعض والتعامل مع كل واحدة بمفردها.
فلسطين في ثورة مسلحة لا سبيل لها الا التحرير الكامل من البحر الى النهر.
سورية في حقبة النهوض واستعادة المكانة والسيادة والريادة في الإقليم وعربها.
ولم يعد من مكان او زمان للاحتلالات والانقسامات والاحتراب والتدمير الذاتي لخدمة اسرائيل وتأمين الأطلسي والعالم السكسوني المتداعي الأركان والغاربة شمسه.
فمهمة التحرير قد أزفت والظروف كلها نضجت، والمحور أكمل عدته واستنفد حججه وذرائعه….
*بيروت؛ ٢٥-٣-٢٠٢٣.
**مفكر من لبنان.