مأمون ملاعب
قال الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون: “لا يوجد مثيل للولايات المتحدة الا إسرائيل”. فهو يعتبر أنهما متشابهتان أو متشاركتان القيم نفسها ويطبّقان الديمقراطية بأفضل حلة. ما يوحي من القول لنا إنّ العنجهية الأميركية والتي ترى حتى حلفائها الأوروبيين الغربيين أدنى مستوى مشابهة للعنجهية اليهودية بأنهم “شعب الله المختار”. ومع أنّ الديمقراطية في الولايات المتحدة مختلفة عنها عند العدو إلا أنّ التشابه يبقى قائماً في ممارسة العنصرية وفي إرهاب الدولة وحيث لا يقصد نيكسون.
تبرّر الولايات المتحدة دعمها المطلق لـ “إسرائيل” بأنها درة الديمقراطية في الشرق مع أنّ الحقيقة أنّ أميركا تناصب العداء أو تخاصم دولاً ديمقراطية مثل روسيا الاتحادية. أو الجمهورية الإسلامية في إيران كما أنها تحالف أو تدعم دولاً لا تمتّ إلى الديمقراطية بصلة مثل المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج حيث لا انتخابات ولا دستور حتى.
تصنّف الولايات المتحدة الدول التي تواجهها أو لا تخضع لها بـ”محور الشر”، دون أيّ تحديد لمفهوم الشر، في حين أنها تقبع وربيبتها “إسرائيل” على رأس “محور الخير” دون أن نفقه ماهية هذا الخير، إلا إذا كانت القنابل النووية على اليابان وقنابل النابالم على فيتنام والنووي التكتيكي على العراق تمثل هذا الخير؟!
إنّ دولة قامت على شذاذ آفاق هاجروا من شتى أصقاع الأرض يحملون وعداً منسوب لطوطم ليغتصبوا بيوتاً مسكونة وأراضي مزروعة وقرى ومدناً مأهولة ويشرّدوا أهلها في العراء بعد ارتكاب أفظع الجرائم بحق الأطفال والنساء والعزل، ويغتصبوا تاريخاً حافلاً بمئات الأجيال من شعب بريء هي دولة على رأس “محور الخير”!
منذ 2010 والولايات المتحدة تطالب وتعمل على إسقاط الدولة السورية تحت ذريعة ديكتاتورية النظام، المنتخب أصلاً من الشعب، فتدّعي مساندة الشعب السوري في وجه دولته! ولذلك استقدمت ألوف الإرهابيين المتطرفين من بقاع الأرض وأدخلتهم الحدود من بوابات حلفائها أو تابعيها ليعيثوا بالشعب السوري تدميراً وفتكاً دفاعاً عنهم! كذلك الأمر في اليمن حيث الطائرات الأميركية وسلاحها يقتل آلاف الأبرياء والحصار يطال الملايين جوعاً دفاعاً عن “الشرعية”!
الولايات المتحدة نصّبت نفسها القاضي الذي يحكم والمدّعي الذي يتهم والجلاد الذي يعاقب. هذا ليس إلا شريعة الغاب بين الدول وهو ما كان سائداً، فالحكم الأقوى مع ميزة خلو الإمبراطورية الجديدة في أميركا من القيَم الإنسانية والأخلاق. صحيح هي الأقوى التي فرضت عملتها على العالم ولغتها، خصوصاً انها استمرار لإمبراطورية بريطانيا. والصحيح الأهمّ أنها مع التطوّر التكنولوجي وخاصة في قطاع الاتصالات والبرامج، وهي الرائدة فيه أصبحت سيدة العالم في القطاع المصرفي والإنترنت والبرامج بقبول، برضى أو بعدمه، من المعسكر الذي وهن ثم انهزم. ولقد كان الاتحاد السوفياتي يعدّ السلاح للبقاء في المواجهة لكنه انهزم دون حاجة إلى السلاح. وبنتيجة ذلك تستطيع الولايات المتحدة معاقبة الدول اقتصادياً كما الشركات والأفراد دون وجه حق ولا تحت أيّ قانون ودون رادع…