أقام مركز حرمون للأبحاث وندوة حرمون الثقافية حواراً مفتوحاً بعنوان “تحية للمرأة القامة” يوم الخميس 9 آذار الحالي، عبر منصة غوغل ميت، حضرته باقة من الزملاء والزميلات الذين يتابعون أنشطة وفعاليات ندوة حرمون الثقافية.
الحلبي
افتتح الحوار المفتوح ناشر منصة حرمون مدير ندوة حرمون الثقافية ورحب بالحضور فقال:
“أرحب بكم وبكنّ. بكل تقدير واحترام لتعاونكم وتعاونكن. قيل في حضرة الماء يبطل التيمم. ولأني في حضراتكن وبمناسبة يومكن العالمي، حسبي أن أبجّل روح الماء الذي يحيينا ويجعل حياتنا قابلة للحياة بكنّ.
حسبي تحية لكنّ، وإذا اتسعت الرؤية ضاقت العبارة وذوى الكلام في هيبة المعنى.
حسبي أن تكنّ بخير وأن تدقّ قلوبكن بحبّ وأن ترضين بأمل أن غداً آتٍ يستحق تلقيه وصناعته ليكون أجمل.
أردنا هذا اللقاء حواراً مفتوحاً نتوادّ.. نتفاتح الرؤى، نغني آراءنا بالمزيد من العمق والمعنى.
لا مقدمة له، ولا محاضر. ولا مستعمون، كلنا شركاء سواسية في طاولة مستديرة.
ليبقى هذا الحوار وثيقة وشهادة.
كل يوم عالميّ للمرأة في بلادنا وفي العالم وانتن بحال أفضل لتكون بلادنا بحال أفضل لأنكن المعيار والمؤشر للخير والفضل.
وأترك الكلام لمن يرغب. تباعاً وفق آلية رفع اليد. تنظيماً للجهد وتوفيراً للوقت. وليصل لكل منا نصيبه من حقه المقدّس في التعبير والمشاركة”.
وشارك الحلبي ثلاث نبذات عن نساء قامات في تاريخنا، جوليا دومنا من حمص، سميراميس او شميرام الآشورية، عليسا مؤسسة قرطاج.
جوليا دومنا
جوليا دومنا امرأة سُوريَّةٌ عَرَبيَّةٌ نَبيلَةٌ مِنَ الأسْرَةِ المَلَكِيَّة الحَاكِمَة لإميسا وُلِدَتْ جُوليا دُومنا فِي مَدِينَة إمِيسا (حمص حديثاّ) عام 170م، اشتهرت أسرتها بخدمة إله حمص الاكابالاس – إله الشمس – كان أبوها باسيانس كبيراً للكهنة في معبد المدينة، تَرَعْرَت جوليا في إميسا وهنالك أخذت تعليمها وثقافتها الرفيعة واشتهرت بنبوءة تقول إنها ستكون ملكة بعد زواجها، وقد سمع هذه النبوءة قائد القوات الرومانية في ولاية سورية سبتيم سيفر وكانت زوجته الأولى قد ماتت فأسرع في طلب يد جوليا من أبيها عام 187م. أما سبتيم سيفر فهو من مواليد 146م في لبتيس (لبدة اليوم) وهي مستعمرة فينيقية قريبة من قرطاجة في ليبية من أب يدعى أغناس. وكانت نشأته كما يصفه ويل ديورانت في أسرة بونيقية تتكلم بهذه اللغة، ودرس الآداب والفلسفة في أثينا واشتغل بالمحاماة في روما، وكان رغم لهجته السامية من أحسن الرومان تربية وأكثرهم علماً في زمانه وكان مولعاً بأن يجمع حوله الشعراء والفلاسفة، ولكنه لم يترك الفلسفة تعوقه عن الحروب ولم يدع الشعر يرقق من طباعه، وكان رجلاً وسيم الطلعة، قويّ البنية، بسيطاً في ملبسه قادراً على مغالبة الصعاب، بارعا في الفنون العسكرية. وابتسم الحظ للزوجين حينما انتقل سبتيم سيفر ليكون قائداً عاماً للقوات الرومانية في بانونيا.
وقد أنجبت جوليا دومنا منه ولدين وهما كاراكالا (قرة الله) وجيتا اللذان شاركا أباهما الحكم كأباطرة إلا أن الغيرة بينهما جعلت كاراكالا يقدم على قتل أخيه بُعيد موت أبيه، وكان الابن المغدور في حضرة والدته التي حاولت الدفاع عنه فأخفقت، وقد تقطعت بعض أصابعها من سيوف الجند الذين أحضرهم كاراكالا لاغتيال أخيه. وكانت من نتيجة ذلك الكره الشعبي الذي انصبّ على كاراكالا الذي أطلق عليه لقب قاتل أخيه.
قُتل كاراكالا على يد جنوده في كاري بعد هزيمته لكراسس.
عليسة
عليسة وتُعرف أيضاً باسم أليسا أو أليسار هي ابنة ملك صور ومؤسسة قرطاج وملكتها الأولى. اشتهرت بعد ذكرها في الإنياذة التي كتبها فرجيل. وعرفت بدهائها وحسن التدبير اللذين سمحا لها بإنشاء وحكم قرطاج في شمال أفريقية التي عرفت بتجارتها الواسعة وسيطرتها على بحار المتوسط. كما أن تصاهرها مع سكان شمال أفريقية أوجد الشعب البونيقي الذي استوطن سواحل المتوسط.
اسمها
عرفت «عليسة» بعدة أسماء بحسب الحضارة التي تكلمت عنها. في الانيادة سميت ديدو وترجمة إلى العربية كـ ديدون. وديدو ذو أصول فينيقية تعني «الرحالة». كما سميت بـ«أليسا» التي يعتقد انها كلمة فينيقية مشتقة من كلمة «اليشات». وعرفت بدمج الاسمين: «اليسار ديدون» أي «الرحالة ديدون». كما تسمى اليسار بالثقافة اللبنانية.
تاريخها
عِلِّيسَة هي ابنة ملك صور وأخت بيغماليون. وكانت زوجة خالها الذي كان الكاهن الصوري الأعظم المسمى عاشر باص أو ما عرف بـزيكار بعل. وكانت مع أخيها الأصغر خليفة بيغماليون في الحكم. بعد وفاة والدها الملك، طمع أخوها بيغماليون بثروة عاشرباص الطائلة ورغب بالحكم مكان أخته. فدبر قتل الكاهن وحاول قتل اخته. إلا أنها غادرت مدينة صور بفينيقيا (لبنان حاليا) وأبحرت مع أوفيائها بعد أن اخذت كنوزها معها باتجاه إحدى المستوطنات الفينيقية طلباً للأمان. وبعد رحلة بحرية طويلة، رست السفن على ساحل شمال أفريقيا في تونس الحالية. وقررت إنشاء مدينة سمتها قرطاج أو «قَرْتْ حَدَشْتْ» (أي القرية الحديثة) في اللغة الفينيقية.
هاجر الفينيقيون إلى قبرص ومن ثم إلى مصر وبعد الإستذان من ملك مصر في اكتشاف الأراضي في مصر الجديدة ليبيا اكتشفوا قرطاج والتي كانت موطن البربر السكان الأصليين. وهذا يتبين من العملة الفينيقية القرطاجية، وتم توظيف السكان في خدمتهم وفتحوا للسكان باب التجارة والعمل حتى ازدهرت النقطة التجارية المسماة قرطاج ومن قبلها عتيقة الفينيقية.
سميراميس الآشورية وأسطورتها
تحكي الأسطورة أنه انسابت سيول عارمة ذات يوم على منابع نهر الفرات ففاض النهر، وتدفقت مياهه، وخرجت الأسماك تستلقي على الشاطئ، وكانت بين تلك الأسماك سمكتان كبيرتان، حيث سبحت السمكتان إلى وسط النهر وبدأتا بدفع بيضة كبيرة طافية على السطح إلى ضفة الفرات، وإذ بحمامة بيضاء كبيرة تهبط من السماء وتحتضن البيضة بعيداً عن مجرى النهر.
ورقدت الحمامة على «البيضة» حتى فقست، ومن داخل البيضة خرجت طفلة رائعة الجمال من حولها أسراب من الحمام ترف بعضها عليها بأجنحتها لترد عنها حر النهار وبرد الليل.
ثم بدأت الحمائم تبحث عن غذاء للطفلة، فاهتدت إلى مكان يضع فيه الرعاة ما يصنعون من جبن، وحليب، فتأخذ الحمائم منها بمقدار ما تحمل مناقيرها، لتقدمه للطفلة التي عاشت مع حمائمها سعيدة لا تعرف أبداً طعم الشقاء.
وقد تنبه الرعاة إلى جبنهم المنقور وحليبهم المنقوص، فقرروا ترك أحدهم ليراقب المكان وشهد الراعي الحمائم وهي تحطّ حول الجبن وتلتقط قطعة الصغيرة، وتملأ مناقيرها بالحليب وتطير به إلى مكان ليس ببعيد، فأخبر الراعي رفاقه فتبعوا الحمائم حتى وصلوا إلى حيث صبية ذات جمال رائع، فأخذوها إلى خيامهم، واتفقوا على أن يبيعوها في سوق «نينوى» العظيم.
وفي صبيحة ذات يوم حملوا الفتاة وقد اطلقوا عليها اسم «(سميراميس)»، إلى سوق نينوى. واتفق أن كان ذلك اليوم يوم موسم للزواج الذي يُقام كل عام، حيث تجتمع في السوق الكبير جموع الشبان والشابات قادمة من كل نواحي المملكة، لينتقي كل شاب عروساً شابة، أو ينتقي صبية يحملها إلى داره فيربيها إلى أن تبلغ سن الزواج فيتزوّجها أو يقدمها عروساً لأحد أبنائه. كانت ساحة سوق «نينوى» تغصّ بالشيوخ «الكهول والشبان». دخل الرعاة بالصبية الصغيرة الحسناء إلى حيث يعرضونها للبيع. جلس الرعاة مع الصبية في أول الصف، فشاهدهم «سيما» ناظر مرابط خيول الملك، وكان عقيماً لا ولد له فهفا قلبه إلى «(سميراميس)» ورغب في تبنيها.
ودعا «سيما» الرعاة وساومهم على ثمنها، وعندما تمت الصفقة، عاد بها إلى منزله. ما أن رأت زوجته هذه الصبية ذات الجمال الرائع حتى فرحت فرحاً غامراً واعتنت بها عنايتها بابنتها، وظلت ترعاها حتى كبرت واستدارت وبرزت أنوثتها كأجمل ما تكون النساء!
وفي يوم ما كان اونس مستشار للملك، يتفقد الجمهور المحتشد بأمر من الملك وإذا بعينه تقع على (سميراميس) وهي الآن في عمر مناسب للزواج، فيصعق مذهولاً من جمالها وبراءتها. قام بأخذها معه إلى نينوى وتزوّجها هناك، وصار لهما طفلان ربما توأمين هما (هيفاتة) و(هيداسغة). يبدو انهما كانوا سعداء، أما (سميراميس) فكانت فائقة الذكاء حيث كانت تقدم لزوجها النصح والمشورة في الأمور الخطيرة فأصبح ناجحاً في كل مساعيه. أثناء ذلك كان ملك نينوى ينظم حملة عسكرية ضد الجارة باكتريا، فأعد جيشاً ضخماً لهذا الغرض لانه كان يدرك صعوبة الاستيلاء عليها. بعد الهجوم الأول استطاع ان يسيطر على البلد برمّته ما عدا العاصمة باكترا التي صمدت. شعر الملك بالحاجة إلى اونس ولذا أرسل في طلبه، لكن اونس لا يريد مفارقة زوجته الحبيبة فسألها ان كانت ترغب في مرافقته، ففعلت.
هناك بعد أن تابعت (سميراميس) سير المعارك ودرستها بعناية وضعت العديد من الملاحظات عن الطريقة التي يُدار بها الحصار. فبينما كان القتال جارياً في السهل فقط ولم يعر المدافعين والمهاجمين للقلعة أي أهمية، طلبت (سميراميس) إرسال مجموعة من الجنود المدربين على القتال في الجبال، إلى المرتفع الشاهق الذي كان يحمي الموقع. ففعلوا ذلك ملتفين حول خاصرة العدو المدافع وهكذا وجد الأعداء أنفسهم محاصرين ولا خيار لهم سوى الاستسلام.
(النصوص مقتبسة من ويكبيديا للاطلاع خلال الندوة)
حوار مفتوح
افتتحت الحوار المفتوح في الندوة منسقة ندوة حرمون الثقافية الإعلامية الليبية كميلة يوسف الزواغي التي تحدثت عن تجربتها كامرأة فقدت زوجها خلال الاقتتال الأهلي في ليبيا وعليها، ووجدت نفسها وحيدة في مواجهة الفقدان وتربية أبنائها ومهام العمل والحياة والأسرة، واعتمدت على الله وحزمت أمرها خلافاً لمواقف أسرتها ومن حولها وقررت المغامرة حتى تمكنت من بناء بيت لها، وتوفير فرصة عمل مستورة لنفسها. وطالبت الزميلات الاقتداء بها وعدم الخوف من المغامرة وعدم التراجع أمام المصاعب.
استحقت تجربة كميلا مناقشة الحضور والثناء على صمودها ونجاحها، بمداخلات عدة. تحدثت فيها تباعاً.
الشاعرة الإعلامية مارينا سلوم قالت إنه المطلوب العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة والتكافل بين كل منهما بقدر ما يستطيع، وضرورة عدم فرض ما لا تريده المرأة عليها. واستشهدت بقول دارج لوصف امرأة قوية إنها أخت الرجال، بينما لا يقال عن رجل إنه اخو النساء، ما يعني بقاء تفاوت التصنيف بين المرأة والرجل.
المستشار دريد الشاكر العنزي، من العراق، تحدّث عن قيمة دور المرأة وحجمه ودوره الذي يفوق دور الرجل، فهي تعمل بلا انقطاع في المنزل، وغالبية النساء لديهن عمل خارج المنزل، وتمكنت المرأة عبر تاريخنا أن تكون رائدة في مجالات الحياة كافة، من أبسطها إلى أعلاها وسجلت نساء قائدات أسماءهن بأحرف من نور وذهب لا تقل تفوقاً عن الرجال أنفسهم.
الدكتورة غصون زيتون أشارت إلى مشكلة المصطلحات وضرورة الحرص على استخدامها بدقة بخصوص الحياة عامة والمرأة بشكل خاص، وضرورة تقليل تحميل المرأة او الرجل المسؤولية عن التفرقة بينهما والتفاوت لأي منهما، فكل منهما مسؤول بمستوى وعيه وثقافته وتربيته.
وتحدّث الدكتور منير مهنا عن أن تركيبة المجتمع وعاداته وأعرافه حاكمة وليس من السهولة التغلب عليها وتطويرها والخروج عنها، وكذلك داخلت الدكتورة آمال هدوان، الدكتورة مليكة الطاهر بقاح التي تحدثت بمداخلة قيمة واختتمت بقصيدة لنزار قباني عن المرأة.
وكتبت الناشطة الثقافية رودينة حاطوم سيف الدين التي رأت أن هناك نساء لديهن ذكورية أكثر من الرجال الذكوريين.
وقدم مداخلة مسك الختام الدكتور أمين نعيم آل درويش، رئيس أكاديمية الإمارات الدولية، مباركاً للحضور، واستطراداً للمراة العربية بيومها العالمي، مخاطباً النساء بالأخوات لأننا كلنا أبناء آدم وحواء، لا فرق بيننا في الجنس والدين والجنسية والحقوق.
شهادات تكريم للحضور
وأصدرت إدارة ندوة حرمون الثقافية شهادات للحضور مرفقة مع التقرير عن الندوة. ودعا الحلبي الحضور إلى ندوة “متحف الذاكرة الفلسطينية للقرى المهجَّرة.. فلسطين بصمودها وبعمقها العربي”. تتحدث فيها الباحثة الدكتورة آمال وهدان. من فلسطين الجمعة ١٠ آذار – الساعة ٦ مساء.