محمد شريف نصور
كفى يا إيران استخدامك بشتى أنواع الذرائع والتّهم..
كفى يا إيران أن تكوني سبباً في كل ما يحدث.
فإمّا حرباً أو سلماً؟
كفى يا إيران أن تكوني ذريعة حرب أو حروب.
كفى يا إيران أن تكوني ذريعة عدم استقرار المنطقة.
كفى يا إيران أن يكون لك مشروع فارسي في المنطقة.
كفى يا إيران ذريعة احتلال دول عربية من دمشق إلى بيروت فبغداد فصنعاء.
كفى حصاراً وعقوبات شعوب الدول العربية الآنفة الذكر.
كفى العدوان الإسرائيلي والأميركي على المنشآت والمؤسسات والبنى التحتية في سورية والعراق بذريعة تواجدك،
كفى وكفى وكفى الكثير منها،
قبل عام 1979 وأيام حكم الشاه محمد رضا بهلوي للمنطقة العربية المجاورة كشرطي للسياسة الاميركية. فلم نسمع تصريحاً أو شكوى أو تنديداً بسياساته الأميركية والصهيونية التي تجمعه مع خيانة أنور السادات أو الملك المغربي، فلا جبهة صمود وتصدٍّ ولا محور مقاومة ولا قضية فلسطينية ولا تحرير جنوب لبنان؛ لكن بعد عام 1979، وقيام الشعب الإيراني بثورة قضت على حكم الشاه، ووقوف سورية الدولة الوحيدة، كدولة وشعب إلى جانب الثورة الشعبية الإيرانية وبخاصة في حرب الثماني سنوات التي فرضها عليها نظام صدام حسين بقرار أميركي وتمويل أنظمة الخليج. ورفضت سورية كل الإغراءات المادية والاقتصادية من أنظمة الخليج التي نقلها يومها وزير خارجية السعودية الأمير فهد قبل أن يصبح ملكاً، إلى الرئيس حافظ الأسد مبعوثاً باسم مجلس التعاون الخليجي بأن الاتحاد يقدم لكم يافخامة الرئيس مبلغاً وقدره (خمسمئة مليار دولار) واطلب ما شئتم يا سيادة الرئيس، مقابل تغيير موقفكم من دعم إيران والوقوف إلى جانبنا، فكان جواب المرحوم القائد حافظ الأسد (نحن لا نبيع المواقف والثوابت والمبادئ).
ورفض عرض مجلس التعاون الخليجي، وحافظت سورية على العهد والمبادئ والثوابت،
ولكن، ولكن عندما وقعت الواقعة، وتآمر المتآمرون عُرباناً وغُرباناً ظلماً وعدواناً وإرهاباً لضرب وتدمير وتقسيم سورية، كان وقوف إيران إلى جانب سورية تكتيكياً حسبما تفرضه مصالح إيران وسياساتها في محور المقاومة والعداء لسياسات الغرب ولم يكن موقف إيران مع سورية وعلاقاتها معها حلفاً إستراتيجياً مصيرياً، كما وقفت سورية مع إيران عندما تعرضت إلى حرب الثماني سنوات، وخاصة مع نظام الإخوان المسلمين الإرهابي الذي يقود الحكم في تركيا نظام أردوغان الذي فتح الحدود التركية مع سورية لدخول الإرهابيين وأقام لهم معسكرات وقواعد للتدريب، ودخل بدباباته واحتل قرى وبلدات في الشمال السوري.
وهذا الكلام ليس لي وإنما استشهد بما قاله السيد (علي أكبر ولايتي) بعدما تعرض البرلمان الإيراني إلى هجوم من تنظيم داعش في 7/6/2017، حيث قال:
(علاقاتنا مع تركيا علاقة إستراتيجية،)
وأضاف حول العلاقة مع سورية (قال علاقتنا تكتيكية).
صحيح أن الدول ليست جمعيات خيرية، ولديها مؤسسات وغير ذلك، لكن كيف تكون علاقات تركية مع إيران إستراتيجية بهذا القدر، وعلاقات تركيا إستراتيجية مع الكيان الصهيوني، كيف يستقيم الأمر أيتها الصديقة إيران أن تكون علاقتك إستراتيجية مع تركيا وفي الوقت نفسه علاقة تركيا استراتيجية مع الكيان الصهيوني، بل إن نظام أردوغان الإرهابي سيثبت المستقبل صحة كلامي وأبحاثي وقولي بأنه يريد زعزعة استقرارك وأمنك يا إيران من خلال أياديه وأتباعه في أذربيجان وباكستان وأفغانستان،
ويضيف السيد (ولايتي) وهذا الأخطر، بـ (أن أيران لو لم تذهب لتقاتل في دمشق كنا نقاتل داعش هنا على أبواب طهران).
هذا يعني أنكم تحاربون هنا في سورية يا سيد ولايتي خوفاً على أنفسكم ودفاعاً عنها، وليس من منطق العلاقات والمبادئ التي تفرض عليكم رد الجميل او مساعدة الصديق لمجرد أنه صديق.
ونحن في سورية بما نحمله من أخلاق ومبادئ لا ننكر ولا يمكن أن نتنكر لوقوف عدد من مستشاريكم وعناصركم واستشهادهم على الأرض السورية؛ فهذا ليس من طبع وشيم وأخلاق السوريين، كما أننا لا ننكر بعض المساعدات البسيطة هنا أو هناك التي قدمتها إيران، لكنها لا تعادل ولا توازي واحدا بالمئة من مواقف سورية وثوابتها مع إيران، ولو غيّرت وبدّلت سورية مواقفها فإن سورية لم تتعرض إلى الذي تعرضت له ولما أصابها ما أصابها من حصار وعقوبات وإرهاب وتهجير، والكل يتذكر زيارة وزير الخارجية الأميركية (كولن باول) قادماً إلى دمشق ومعه شروطه المرفوضة من دمشق.
نحن فقط نوّصف الحقيقة ونشرح الأبعاد التي يعرفها الجميع.
والسؤال الذي يعرفه كل مواطن سوري بعد الذي قاله ولايتي عن تركيا، لو أن إيران طلبت من تركيا إغلاق حدودها البرية مع سورية وعدم السماح للإرهابيين بدخول الأراضي السورية من تركيا، وعدم قيام قواعد تدريب للتنظيمات الإرهابية داعش وأخواتها،
وعدم سرقة النفط والثروات والاقتصاد السوري،
بالتأكيد كانت أحدثت ضغطاٌ كبيراً وتغيرت الكثير من وقائع الأحداث،
وما كان سيحدث لسورية لم يكن قد حدث بهذه الطريقة،
ثم كيف تقبل إيران أن تكون لها علاقة استراتيجية مع نظام إرهابي كأردوغان الذي يهدد الأمن القومي الإيراني كما يهدد أمن العراق وسورية، بل إنه يقوم بسرقة النفط السوري وبيعه إلى الكيان الصهيوني،
وبعد التي واللتّيا،
فإن أمام إيران مفترق طرق، عليها أن تختار فعلا ٌوممارسةٌ مواقف استراتيجية وليست تكتيكية مع الأصدقاء إذا كانوا أصدقاء أو حلفاء، وأن تنفي هذه الذرائع، وتكون الصديق الصدوق والوفي للمبادئ والقيم التي نادى بها آية الله الخامنئي وتكسب علاقات الشعوب بالمحبة والإخلاص والتي تشكل أغلى وأثمن من كل المصالح الآنية، أو أن تخسر الشعوب ولن تجد لها نصيراً في سياساتها إلاً بالمصالح التي تزول مع زوال المصلحة.
وبعد ما حدث وما زال إلى متى سيبقى هذا المخاض العسير الذي تعيشه دول المنطقة العربية والإقليمية في حالة اللاحرب وعدم الاستقرار والاهتزاز والتخبط بسبب هذه الذرائع وضرورة استئصالها والقضاء على أسبابها ومسبباتها.
إن مستقبل المنطقة لن يبقى رمادياً تتقاذفه الدول والمصالح الاستراتيجية،
ولن يكون هناك مخرج لهذه الذرائع غير الحرب التي ستنصف صاحب الحق، لأن الاستسلام الذي جرّبته مصر والأردن والتطبيع الساري المفعول مع الكيان الصهيوني وأدواته لن يجلب معه غير الخراب والتقسيم وولادة كانتونات إرهابية عنصرية جديدة على حساب أهلها وأبناء المنطقة المتجذرين فيها منذ آلاف السنين، ولن تنفع بعدئذٍ، لا علاقات تكتيكية ولا استراتيجية.
ليس محبة بالحرب وويلاتها، ولكن الحرب للدفاع عن النفس واسترداد الحقوق المغتصبة.
ونحن في سورية نثق بشعبنا وجيشنا وقائدنا ولن نتنازل عن حقوقنا ومعركتنا مع الكيان الصهيوني، كما قال القائد المؤسس حافظ الأسد (هي معركة وجود وليست معركة حدود).
بوجود حليف أو صديق أو بدون حليف ولا صديق، لأن قدرنا هو الشهادة أو النصر.