د. ميخائيل عوض
حسم الامر الاشتباك بدأ وهذه المرة مباشرة وليس بالواسطة او بساحات خلفية. مسيرات أميركية- اسرائيلية تقصف في قلب ايران معامل الدفاع في اصفهان، والمعلومات التي تسربها واشنطن ان دولة غير اسرائيل شاركت في العملية…! الامر ليس مهما ولو القصد والهدف تحييد إسرائيل خوفا عليها ولابتلاء سواها، والحق ان الطائرات المسيرة التي استهدفت اصفهان هي اسرائيلية عبر دولة ثانية، لماذا إسرائيلية؟؟ لان نتنياهو اعلن ان اسرائيل سترد وبصورة كاسرة على عملية القدس التي نفذها قمر فلسطين الاستشهادي خيري علقم.
اغلب الظن ان نتنياهو اوفى بوعده وسريعا كما قال، وقرر ركوب المغامرة واختبار جدية وقدرات ايران ومدى جاهزيتها، فاعلن ورد في ايران وليس في سورية فقط، ولا على غزة او بتصعيد التوترات في الضفة واراضي ال٤٨ برغم ان حكومته اعلنت الشروع بتنفيذ عدوان واسع على العائلات الفلسطينية من سكان فلسطين التاريخية في أراضي ال٤٨ وفي الضفة وقرر تدمير المنازل واقفالها وسحب الهويات ووقف التقديمات الصحية للعائلات ولمن يتهمه بانه يناصر المقاومة واعلن تسليح المستوطنين واطلق يدهم في قتل الفلسطينيين.
اذن؛
نتنياهو تجرأ ودفع الأمور الى الاقصى وتطاول علنا على ايران والمحاولة الأميركية لنسب الطائرات المسيرة التي استهدفت اصفهان لها لن تنطلي على الايراني. والمنطقي ان يتعامل معها الايراني انها عدوان أميركا – اسرائيل وبمشاركة دولة ثالثة من غير المستبعد ان تكون اذربيجان فقد تأمن مسرح الاشتباك الايراني الأذري وجرى تحضير المناخات له ولأميركا مصلحة في حرب ايرانية أذريه…، وأيضاً قد تكون الدولة الثالثة العراق من كردستان او من القواعد الأميركية في الانبار والتنف و/او من قاعدة انجرليك التركية والقواعد الأميركية في الاردن او من دول الخليج…
ليس مهماً من هي الدولة الثالثة، فحيث تكون قواعد أميركية وحلفاء يمكن ان تنطلق منها المسيرات او تقاد وتوجه. وهذا ما يعرفه الايراني وكان دوام التهديد بتدمير القواعد الأميركية واستهداف الدول التي تستضيفها بصفتها شريكاً بالعدوان ومتورطا.
في السنوات الاخيرة طالما خرج قادة ايران ومحور المقاومة معتدين بأنفسهم وبما حققته ايران في صناعة السلاح والمسيرات والصواريخ الدقيقة والفرط صوتية، وطالما سمعنا كلاما عن إزالة إسرائيل عن وجه الارض، وتدمير القواعد والاساطيل والجيوش الأميركية والدول الحليفة إذا تجرأت على ايران…
اليوم وبعد التحرش المباشر والعدوان على اصفهان ارتفعت وستعصف الاصوات المشككة بقدرات ايران وبصدقية الوعود والتهديدات، فقد أزفت ساعة الاختبار، وعند الامتحان يكرم المرء او يهان.
ما قبل مسيرات اصفهان غير ما بعدها. هذا أمر مؤكد فالزمن يجري سريعاً ومحاولة استهداف ايران في الداخل والعبث ببنيتها واستقرارها فشلا، وحرب السفن حسمت لصالح ايران كما حرب الممرات والناقلات والبحار والحصار، والحرب السرية والاغتيالات، والمناوشات جرت قبل وبعد اغتيال قائد قوة القدس قاسم سليماني واسقطت دفاعات ايران الجوية درة الصناعات التكنولوجية التجسسية الأميركية وقصفت ايران قاعدة عين الاسد ومواقع للمعارضة الايرانية في كردستان واجتاحت مناطق واسعة منها حتى رضخت القوى الكردية والعراق والتزمت بحماية الحدود ومنع تسرب الارهابيين والسلاح. وقالت ايران انها ردت على اغتيال العلماء وضباط الحرس بضرب مقار الموساد في كردستان…
الاشتباك بات مباشرا ومفتوحا، ولم يعد امام ايران الكثير من الفرص للمناورة، او الاكتفاء باستعراض العضلات والمناورات واطلاق التصريحات، والرد في فلسطين عبر الفصائل والمقاومة كمسرح حرب ثانوية وبالواسطة، بل باتت ملزمة بالرد المباشر بدون مواربة. فالحرب تحوّلت لتكون علنية ومباشرة باستهداف قلب ايران بالمسيرات وبإعلان أميركا مسؤوليتها. او ستتحول الى هدف سهل للإسرائيلي الأميركي وللمعارضات التي يتم تدريبها وتسليحها بما في ذلك بالمسيرات وربما بالصواريخ. فأميركا والاطلسي اخذا قرار الحرب والتصعيد ودفع العالم الى حافة النووي كما في اوكرانيا وتمويل الحرب وتسليح اوكرانيا علناً بما كان محرماً من الاسلحة الهجومية والنوعية، واعلنت وزيرة الخارجية الالمانية ان اوروبا في حالة حرب مع روسيا. والشيء بالشيء يذكر، فتفهم الان الحملة التي استهدفت فيها ايران بذريعة مساندتها الجيش الروسي بالطائرات المسيرة والصواريخ الدقيقة كتحضير لمناخات الحرب والاشتباك معها مباشرة وفي ارضها وبيئتها.
اين سترد ايران ومتى وكيف؟؟
أسئلة مشروعة، بل من واجب ايران وحلفها ان يجيبا ليس بالخطابات والتهديدات بل عملياً فلم يعد بد من الحرب وليس من مفر. فالحرب فرضت وبتوقيت واليات أميركية اسرائيلية وقد نسقتا واختارتا الزمن والمسرح والسلاح واستعرضتا قوتهما وجاهزيتهما في مناورات استراتيجية وفرضت زمن المواجهة على ايران مباشرة ومعها، وليس باستهداف القواعد والوجود الايراني في سورية او اليمن إنما في اصفهان ومعامل الدفاع والمؤسسة العسكرية.
تبعا للمعطيات والسوابق وتصريحات قادة ايران والمقاومة لا مفر من الرد فأين وما السيناريوهات المتوقعة؛
– اذا ثبت ان المسيرات طارت من اراضٍ ايرانية. فالرد سيكون بالمثل وتكون المسارح اما قواعد أميركية في سورية والعراق او في دول الخليج وكردستان وتركيا واذربيجان ومن الدول ذاتها، بحسب الدولة التي شاركت أو كانت منصة او ممراً.
– اذا كانت اسرائيل الدولة الثانية او الاولى المبادرة وهو الارجح. فالرد سيكون اما عبوات ناسفة وعمليات استشهادية نوعية كاسرة في قلب اسرائيل كرد مكلف وعاصف ولاجم للاعتداءات او بقصف صاروخي من داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، و/او بطائرات مسيرة يلتبس مكان اطلاقها ويرجح ان تكون من فلسطين التاريخية
– من غير المستبعد ان ترد ايران وان تعلن مسؤوليتها بان المسيرات او الصواريخ التي ستستهدف اسرائيل و/او القواعد الأميركية من ايران، وليس من بلد ثان كغزة او لبنان او سورية او العراق او اليمن او من حاملات الطائرات المسيرة من بحر العرب او البحر الأحمر او الخليج ولها في هذا إشهار جاهزيتها للدخول في الحرب، مهما بلغت وكان ثمنها وشدتها ومسارحها.
فالإيراني سيردّ بالمثل كما عودنا وكما هو يلتزم آيات القران الكريم وقد جاء في الآية الكريمة؛ فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم….
لن يفيد إيران ردّ من لبنان او من غزة او عبر الاذرع والفصائل بل الرد الايراني ومن ايران وبوسائط ايرانية مباشرة فقد استهدفت ايران بقصف لمواقع عسكرية مباشرة وواضحة الاهداف والتنفيذ والادوات.
إنه زمن الحرب الكبرى …