كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”:
انطلقت في العاصمة اللبنانية بيروت، تحقيقات الوفود القضائية الأوروبية القادمة من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، في الملف المالي العائد لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، وتحويلات مالية من لبنان إلى الخارج حصلت لحساباته الخاصة، ولصالح شركة «فوري» التي يملكها شقيقه رجا سلامة، وتحوم حولها شبهات «الفساد وتبييض الأموال». واستهلت الوفود مهمتها صباح أمس (الاثنين)، باجتماع عقدته مع النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي غسان عويدات، بحضور المحاميين العامّين التمييزيين القاضيين عماد قبلان وميرنا كلاس، قبل أن تنتقل القاعة العامة لمحكمة التمييز وتباشر استجواباتها.
وأحيطت مهمّة الوفود الأوروبية بإجراءات أمنية مشددة، اتخذتها قوة من الشرطة القضائية وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي منذ ساعات الصباح الباكر، داخل قصر العدل في بيروت، خصوصاً في الطابق الرابع، حيث تجرى الاستجوابات في القاعة العامة لمحكمة التمييز، ومنعت وجود المدنيين والموظفين في الممرات المؤدية إليها، واستغرقت جلسة التحقيق الأولى ساعتين ونصف الساعة، وأوضح مصدر قضائي مواكب لمهمة الوفد الأوروبي، أنه «جرى خلال الجلسة الاستماع إلى إفادة النائب السابق لحاكم مصرف لبنان سعد العنداري بصفة شاهد.
ولم يحضر الشاهد الثاني خليل قاصاف، الموظّف السابق في لجنة الرقابة على المصارف، فأرجئ استجوابه إلى يوم آخر ضمن هذا الأسبوع». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن الجلسة عُقدت «بحضور القاضيين عماد قبلان وميرنا كلاس اللذين توليا طرح الأسئلة التي يحملها الأوروبيون على الشاهد العنداري باللغة العربية، في حين كان مترجمان ينقلان إلى الوفود مضمون الإفادة باللغات الثلاث، وكانت الوفود تدوّن مضمون كلام الشهود». وأشار إلى أن التحقيق «سيتواصل الثلاثاء (اليوم)، بالاستماع إلى شاهدين آخرين هما رئيس مجلس إدارة بنك الموارد، الوزير السابق مروان خير الدين، والنائب السابق لحاكم مصرف لبنان أحمد جشّي».
وغصّ جناح النيابة العامة التمييزية بالوفود الأجنبية التي اجتمعت بالنائب العام التمييزي على مدى ساعة ونصف الساعة. وأوضح القاضي عويدات، أن الوفود عقدت معه «اجتماعاً تنظيمياً يتعلّق بإدارة الجلسات». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الوفود «ستنهي المرحلة الأولى من تحقيقاتها يوم الجمعة المقبل، على أن يُعقد اجتماعٌ تقييمي لنتائج الجلسات، بعدها تحدد الوفود موعد المرحلة الثانية من التحقيق والأشخاص المطلوب الاستماع إليهم». وكشف عويدات عن «تطور مهم حصل في الملفّ القضائي اللبناني المتعلّق برياض سلامة، تمثّل بقبول دعوى ردّ النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر، ومنعه من النظر في الملف». وقال: «خلال الأيام المقبلة سيحدد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله، أحد المحامين العامّين الاستئنافيين في بيروت للادعاء في ملفّ سلامة، وإحالته على قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا»، لافتاً إلى أن قاضي التحقيق «يستطيع بحسب اتفاقية مكافحة الفساد، أن يطلب تأخير الإجابة عن الاستنابات القضائية الأوروبية، إلى حين الانتهاء من تحقيقاته، مما يرجّح إمكانية تأخر المراحل المقبلة من التحقيقات الأوروبية».
ويتمتّع الذين سيمثلون أمام المحققين بصفة «شهود»، والغاية من الاستماع إليهم معرفة مصادر الأموال التي حُوّلت إلى الخارج، وأضاف المصدر القضائي، أن «التحقيق بدأ رحلة البحث عن مصادر أموال رياض سلامة وشقيقه رجا المحوّلة إلى ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، وأكثرها إلى حسابات شركة (فوري) المملوكة من رجا، والتي تقدّر بأكثر من 500 مليون دولار بين أموال نقدية وعقارات». وكشف المصدر أن «المشتبه به الوحيد في الملفّ (نبيل. ع) غادر لبنان إلى لوكسمبورغ في الثامن من الشهر الحالي، وأبدى استعداده للمثول أمام القضاء هناك، والإجابة عن كلّ الأسئلة التي تُطرح عليه، مما يعني أن عون لن يُستجوب في لبنان، باعتبار أن اسمه لم يرد في التحقيق اللبناني، وأن السلطات القضائية في لوكسمبورغ يمكنها أن تزود الوفدين الألماني والفرنسي بإفادته»، مشدداً على أن وفد «لوكسمبورغ لديه ملف متكامل ومشغول بحرفية عالية».
إلى ذلك، يستكمل الوفد القضائي الألماني الاطلاع على الملف المالي العائد لحاكم مصرف لبنان أمام النيابة العامة الاستئنافية، بإشراف المحامي العام القاضي رجا حاموش. ووفق مصادر متابعة، فإن هذه العملية «ستستغرق أياماً طويلة بالنظر إلى ضخامة الملفّ، والمستندات التي يدقق بها الجانب الألماني».
(الشرق الأوسط)