غالباً ما تواجه المؤسسات على أنواعها، مشاكل كثيرة تؤدي الى الخلافات وضعف الأداء، نتيجة غياب الكفاءات السلوكية المطلوبة للأعضاء والإداريين وفرق العمل والقادة، حتى لو امتلك هؤلاء أفضل الكفاءات التقنية كلٌّ في مجال اختصاصه.
فما هي الكفاءات السلوكية المطلوبة لتميّز المؤسسات وتحقيق أهدافها؟
نورد في ما يلي عدداً من الكفاءات السلوكية الأساسية، التي يجب العمل على توفيرها وتطويرها في أية مؤسسة، من أجل تطوير الأداء وتحقيق أهداف المؤسسة وخططها الاستراتيجية وغايتها ورؤيتها:
1- القدرة على التكيّف (Adaptability)
التعريف: القدرة على التكيف هي تغيير السلوكيات والمواقف للعمل بفعالية عند مواجهة معلومات جديدة، أو أوضاع أو بيئة متغيرة.
الدافع الأساسي: التحلي بالمرونة في الاستجابة لمختلف الظروف.
تشجع القدرة على التكيف الموظفين على أن يكونوا موضوعيين ومتقبّلين مواقف أو أفكاراً أو مشاكل جديدة أو مختلفة في بيئة العمل. تعدّ القدرة على تغيير السلوكيات أو المواقف أمرًا مهمًا لتحقيق أهداف المؤسسة وخططها بشكل فعال.
القدرة على التكيّف تتعلق بالتعامل مع التغيير وتحمل مسؤولية تغيير سلوكياتك ومواقفك. يدرك الأفراد القادرون على التكيف الحاجة إلى التغيير بدلاً من معارضته أو محاولة إعاقته. ويكونون قادرين على التعامل مع مختلف الظروف والأشخاص من أجل تنفيذ أهداف عملهم.
وتدعم القدرة على التكيّف العديد من الكفاءات السلوكية والمعرفية الأخرى، مثل التفكير الإبداعي والتواصل التفاعلي الفعال، والتي تتطلّب درجة معينة من المرونة السلوكية في قبول وجهات النظر أو طرق التفكير المختلفة والتكيّف معها. وقد تدعم القدرة على التكيف العمل الجماعي والتعاون لأنه في بعض الحالات قد يحتاج المرء إلى التكيّف مع أنماط أعضاء الفريق الآخرين من أجل العمل بشكل تعاوني. قد تدعم القدرة على التكيف أيضًا قيادة الفريق وتطوير الآخرين من خلال القدرة على تكييف أساليب القيادة والتعلم المختلفة لتناسب احتياجات أعضاء الفريق.
2- التفكير التحليلي (Analytical Thinking)
التعريف: يستخدم التفكير التحليلي عملية التفكير المنطقي لتفكيك موقف أو مشكلة معينة والعمل للوصول إلى نتيجة.
الدافع الأساسي: فهم الموقف أو المشكلة.
يتضمّن التفكير التحليلي: تنظيم أجزاء المشكلة أو الموقف بطريقة منهجية؛ إجراء مقارنات منطقية بين السمات أو الجوانب المختلفة؛ تتبع الآثار أو المسائل بطريقة منظمة؛ تحديد الأولويات على أساس عقلاني؛ وتحديد التسلسل الزمني أو العلاقات السببية.
قد يكون هناك بعض التشابه بين التفكير التحليلي والتفكير الإبداعي في المستويات العليا، إلا أن تركيزهما مختلف. يشير التفكير التحليلي إلى عملية التفكير العقلي المطلوبة لتحليل المشكلات وتحليلها، بينما يركز التفكير الإبداعي على الحلول. وقد يدعم التفكير التحليلي أيضًا تطوير الآخرين من أجل تحليل احتياجات التعلم وتحديد أنشطة التنمية. ويفيد التفكير التحليلي في تحديد النظرة الاستراتيجية وطرق المواءمة، خاصة عندما تكون المواقف أكثر تعقيدًا ويكون لها تأثيرات على المؤسسة بشكل عام.
3- التفكير الإبداعي (Creative Thinking)
التعريف: التفكير الإبداعي هو اكتشاف فرص وحلول جديدة للمشاكل من خلال النظر إلى ما وراء الممارسات الحالية واستخدام التفكير الإبداعي.
الدافع الأساسي: أن تكون مبدعًا أو مبتكرًا في تطوير الأساليب أو الحلول.
لكي تظل المؤسسة فعالة وكفوءة، يجب أن تبحث باستمرار عن طرق مبتكرة لحل المشكلات، وإجراء تحسينات على العمليات أو الإجراءات، وتطوير مناهج ومقاربات جديدة لتحقيق الأهداف المؤسسيّة.
التفكير الإبداعي أو المبتكر يتمحور حول الأفكار الجديدة. تشجع هذه الكفاءة الأفراد على التشكيك في الوضع الراهن ومراجعته، وأن يكونوا مبتكرين، وأن يجدوا طرقًا جديدة للقيام بالأعمال. يستخدم الأفراد التفكير الإبداعي ليكونوا واسعي الأفق وللبحث عن طرق ووسائل بديلة لتحسين مسارات وطرائق وسلوكيات العمل لتوليد قيمة مضافة للمؤسسة.
كما ذكرنا سابقاً، برغم درجة من التشابه بين التفكير الإبداعي والتفكير التحليلي في المستويات العليا، إلا أن تركيزهما مختلف. يركز التفكير التحليلي على عملية التفكير العقلي المطلوبة لفهم المشكلات وتحليلها، بينما يركز التفكير الإبداعي على التفكير الإبداعي أو التفكير خارج الصندوق. ينطوي التفكير الإبداعي على درجة معينة من المبادرة للبحث عن حلول جديدة والقدرة على التكيف لقبول وتعديل الحلول لبيئة العمل. قد يرتبط التفكير الإبداعي بمستويات أعلى من النظرة الاستراتيجية وطرق المواءمة من أجل خلق الاستراتيجيات والرؤية. قد يدعم التفكير الإبداعي أيضًا مستويات أعلى من توجيه الأعمال لإيجاد طرق مبتكرة لتحسين الخدمة والنتائج.
4- حل النزاعات (Conflict Resolution)
التعريف: حل النزاعات هو القدرة على معالجة الصراع بين الناس من أجل الحفاظ على علاقات عمل إيجابيّة مع الآخرين مثل الزملاء أو الرفقاء أو الأصدقاء أو المواطنين في متّحد معيّن.
الدافع الأساسي: التعامل مع النزاع بشكل فعال من أجل تعزيز العلاقات المتناغمة في العمل والمجتمع.
تشجع هذه الكفاءة الجميع على التعامل مع النزاعات بطريقة إيجابية وبنّاءة من أجل الحفاظ على علاقات عمل متناغمة وتحقيق الأهداف المؤسسية.
الصراع هو التصور أو الحدوث الفعلي للاختلافات في مكان العمل. يحدث الصراع بين الناس عندما يكون هناك عدم رضا أو خلاف حول المقاربات أو الأفكار أو الخطط، مما يؤثر سلبًا على علاقة العمل. تنشأ علاقة العمل عندما يكون هناك تفاعل مع الآخرين أثناء أداء الواجبات المتعلقة بالعمل. عند حدوث هذا النوع من الصراع، يحتاج الأشخاص المتأثرون به إلى العمل معًا لحلها. حل النزاع لا يتعلق بالفوز أو الخسارة، بل يتعلق بالتوصل إلى اتفاق مقبول للطرفين.
الصراعات شائعة. الاختلافات الشخصية، عادات وأساليب العمل المختلفة، قلة التواصل، أو سوء الفهم البسيط قد تساهم جميعها في الصراع. في حين أن الخلافات أمر طبيعي، فإن تجاهلها قد لا يكون مثالياً ولا يجعل الأمور أفضل. غالبًا ما تكون قادرًا على التغيير والتقدّم من خلال الصراع. في هذا السياق، يمكن اعتبار الصراع إيجابيًا إذا كانت المناقشات يمكن أن تؤدي إلى فهم جديد وحتى طرق أفضل للقيام بالأعمال. إذا تركت دون حل، يمكن أن يتصاعد الصراع إلى نزاع يمكن أن يعطل بيئة العمل التي تؤثر على علاقات العمل والفعالية المؤسسيّة.
عند استخدام التواصل التفاعلي الفعال، فإنه يدعم حل النزاعات. في حين أن التعامل مع المواقف الصعبة وحلّ النزاعات قد يبدو متشابهًا، إلا أن تركيزهما مختلف. التعامل مع المواقف الصعبة يتعلّق بكيفية التحكم بعواطفك والاستجابة للآخرين في المواقف التي من المحتمل أن تكون صعبة أو تؤدي إلى الاستفزاز.
يركّز حلّ النزاعات على الحفاظ على علاقات عمل إيجابية من خلال منع تصعيد الصراع أو حله في المواقف المتعلقة بالعمل. قد تتضمن المستويات الأعلى لكل من العمل الجماعي والتعاون وقيادة الفريق إظهار قدرات حل النزاعات للتعامل مع الخلافات داخل الفريق. وقد تتضمّن المستويات الأعلى من حل النزاعات بعض المبادرات للتعامل بشكل استباقي مع حالات الصراع وتطوير الآخرين وتوجيههم لحل النزاعات الخاصة بهم قبل أن تتفاقم.
5- التعامل مع المواقف الصعبة (Dealing with Difficult Situations)
التعريف: التعامل مع المواقف الصعبة هو إبقاء عواطف المرء تحت السيطرة وتقييد الردود السلبية عند الاستفزاز، أو عند مواجهة معارضة أو عداء من الآخرين.
الدافع الأساسي: مقاومة الاستفزاز والتصرّف بشكل احترافي.
تتعلق هذه الكفاءة بفاعلية الفرد في التعامل مع المواقف المشحونة عاطفياً في بيئة العمل. من المهم أن يتمتع الموظفون بضبط النفس ليظلوا هادئين من أجل الوفاء بواجباتهم وتحقيق أهداف المؤسسة.
ينظر التعامل مع المواقف الصعبة إلى كيفية تصرفك عندما تتعرّض للاستفزاز أو التحدي. من المهم أن تكون قادرًا على التحكم بعواطفك والتفاعل مع الآخرين في هذه المواقف.
في حين أن التعامل مع المواقف الصعبة قد يبدو متشابهًا مع حل النزاعات، إلا أن تركيزهما مختلف. التعامل مع المواقف الصعبة يتعلق بكيفية التحكم في عواطفك والتفاعل مع الآخرين في المواقف التي تمثل تحديًا أو تؤدي إلى الاستفزاز. فيما يركز حلّ النزاعات على الحفاظ على علاقات العمل الجيدة مع محاولة حلّ النزاع. وقد يتطلّب التعامل مع الزملاء أو الأشخاص الصعبين، كفاءات التعامل مع المواقف الصعبة من أجل حلّ النزاعات معهم. ولا بد من استخدام التواصل التفاعلي الفعال للتعامل مع المواقف الصعبة.
6- تطوير الآخرين (Developing Others)
التعريف: تطوير الآخرين هو تعزيز تعلّم أو تطوير الآخرين بمستوى مناسب بعد تحديد الاحتياجات التعلّمية لهم، من أجل تلبية أهداف التطوير الفردي والمؤسسي، في بيئة من التعلّم المستمر.
الدافع الأساسي: مساعدة الآخرين على تحقيق إمكاناتهم.
يتضمّن تطوير الآخرين تحفيز الآخرين وتشجيعهم على التعلّم والتطوير من أجل تلبية الأهداف المهنية الفردية التي تساهم في قوة عمل المؤسسة.
يركّز تطوير الآخرين على تعزيز التعلم والتطوير ونمو الآخرين. وهذا يعني تشجيع الآخرين ودعمهم للتعلم والتطوّر وأن يكونوا مسؤولين بشكل شخصيّ عن تطوّرهم من أجل الأداء الناجح في الأدوار الحالية أو المستقبلية.
تطوير الآخرين هو مجموعة من السلوكيات التي يمكن أن يظهرها الزملاء أو مسؤولو التدريب أو المديرين، بما في ذلك الرغبة في توجيه ومساعدة الآخرين ليكونوا في أفضل حالاتهم.
وهذا بحاجة لاستخدام عدد من الكفاءات الأخرى مثل التواصل التفاعلي الفعال من أجل ضمان فهم المواد التدريبية وتكييفها عند الضرورة؛ والتفكير التحليلي لتحليل احتياجات التعلّم وتحديد الأنشطة التنمويّة المناسبة؛ والقدرة على التكيّف مع المواقف المتغيّرة لدعم احتياجات الأفراد. ويمكن أيضًا استخدام حل النزاعات في حالات الخلاف أو عدم الرضا في ما يتعلق باحتياجات وأهداف التدريب والتنمية البشرية.
7- التواصل التفاعلي الفعال (Effective Interactive Communication)
التعريف: التواصل التفاعلي الفعال هو إرسال واستقبال المعلومات بوضوح والتواصل بنشاط مع الآخرين من أجل الاستجابة بشكل مناسب.
الدافع الأساسيّ: لضمان تلقي الرسالة وفهمها على النحو المنشود.
التواصل التفاعليّ الفعال هو المفتاح لضمان التبادلات التفاعلية الفعالة مع الآخرين وهو ضروري لتحقيق أهداف المؤسسة. وهو يتطلّب الاستماع الفعال وفهم وجهات نظر الآخرين والقدرة على الاستجابة بطريقة مناسبة. إنّه عملية تواصل ثنائية الاتجاه تركز على الرسائل التي يتمّ إرسالها وتسلمها بين شخصين أو أكثر. يمكن النظر في استخدام الوسائل المرئية مثل الرسوم البيانية أو الصور من أجل تسهيل الاتصال التفاعلي على مستويات عدة.
يدعم التواصل التفاعلي الفعال العديد من الكفاءات الأخرى التي تتطلب قدرًا معينًا من التواصل، مثل: حل النزاعات؛ توجيه خدمة العملاء؛ التعامل مع المواقف الصعبة؛ تطوير الآخرين؛ العمل الجماعي والتعاون؛ وقيادة الفريق. وقد تكون هناك حاجة إلى درجة معينة من القدرة على التكيّف في مستويات أعلى من التواصل التفاعلي الفعال لتكييف نهج التواصل ليناسب احتياجات المجموعات المختلفة.
8- المبادرة (Initiative)
التعريف: المبادرة هي القيام بتحديد الفرص أو القضايا، واتخاذ الإجراءات لتعزيز النتائج المؤسسية، دون أن يطلبها الآخرون.
الدافع الأساسي: تحديد الفرص أو القضايا، والعمل على معالجتها وتطويرها.
يستخدم أعضاء المؤسسة أو الموظفون المبادرة لتعزيز القيمة المضافة من خلال السعي لتعزيز النتائج وتحديد المشكلات وحلها أو إيجاد فرص جديدة للمؤسسة.
صاحب المبادرة يكون قادراً على التوليد الذاتي للأفكار والإجراءات، ويمتلك مقاربة عملية تطبيقية، ويتحمل المسؤولية ويتخذ إجراءات مستقلة للتعامل مع المواقف، دون أن يُطلب منه ذلك، ودون أن ينتظر ظهور المشاكل.
يمكن إظهار المبادرة في العديد من الكفاءات الأخرى، مثل حل النزاعات، حيث يتعرّف المرء على المشكلات أو النزاعات المحتملة ويتخذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها. يمكن أيضًا أن تستخدم المبادرة في قيادة الفريق والعمل الجماعي والتعاون، حيث يستخدم قادة الفريق غالبًا مبادرتهم لمساعدة فريقهم على تحقيق أهدافه. قد يدعم استخدام المبادرة أيضًا، بناء شبكة علاقات مع الآخرين، حيث هناك حاجة إلى درجة معينة من المبادرة لبناء علاقات العمل والحفاظ عليها. والمبادرة بحاجة أيضاً لقدر معين من التفكير الإبداعي للتوصل إلى حلول مبتكرة.
9- بناء شبكة علاقات (Relationship Network Building)
التعريف: بناء شبكة علاقات هو تأسيس وتعزيز علاقات عمل فعّالة وبنّاءة، أو شراكات ومجموعات تواصل، مع الأشخاص الذين يكونون، أو قد يكونون في يوم من الأيام، فعالين في تحقيق الأهداف المتعلقة بالعمل.
الدافع الأساسي: تطوير علاقات العمل للمساعدة في تحقيق الأهداف المؤسسية.
يساعد بناء علاقات العمل والحفاظ عليها أعضاء المؤسسة في الحصول بسهولة على المعلومات أو المساعدة التي تعتبر بالغة الأهمية للنهوض بأهداف أعمال المؤسسة.
يحدث بناء شبكة علاقات بشكل عام مع الأفراد الخارجيين الذين ليسوا جزءًا من فريق عملك. إن تركيز هذه الكفاءة هو على بناء علاقات العمل مع جهات خارجية، والحفاظ عليها والاستفادة منها من أجل الحصول على المعلومات أو المساعدة التي يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف المؤسسيّة الحالية أو المستقبلية.
يتعلق بناء شبكة العلاقات بإنشاء اتصال هادف مع أطراف من خارج المؤسسة ممن هم أو قد يكونون مفيدين لتحقيق أهداف عملك. يتعلّق الأمر ببناء هذه العلاقات والجهد المطلوب للحفاظ عليها وتشمل العلاقات التي تقيمها وتستخدمها اليوم أو العلاقات التي تبنيها للأغراض المستقبلية المحتملة. ويتضمن ذلك إظهار الاحترام والثقة والتفاهم عند التفاعل مع الآخرين من أجل رعاية العلاقة وتحقيق أهداف العمل. قد تؤدي رعاية هذا التواصل الهادف إلى تذكيرك الأشخاص والاستعداد لتبادل المعلومات أو تقديم المساعدة عند الحاجة. وقد تكون بحاجة لكفاءة المبادرة لبناء علاقات عمل والحفاظ عليها.
10- النظرة الاستراتيجية والمواءمة (Strategic Outlook and Alignment)
التعريف: تعمل النظرة الاستراتيجية والمواءمة وفقًا للرؤية المؤسسية، بما في ذلك استيعاب معنى الاتجاهات والعلاقات المتبادلة بين المنظمة وبيئتها، وربط الاستراتيجيات بأنشطة محددة.
الدافع الأساسي: المساهمة في التوجّه الاستراتيجي للمنظمة
تُعدّ النظرة الاستراتيجية والمواءمة ضرورية لضمان توافق الأنشطة مع مجال عمل المؤسسة ورؤيتها وغايتها.
لذلك من المهم أن يكون لديك فهم للرؤية والغاية، لأنها تصف التوجه المستقبلي للمؤسسة. وبالتالي فإن معرفة المهمة والقيم والأهداف والغايات المؤسسيّة ضرورية، لتستطيع تشكيل النظرة الاستراتيجية ومواءمتها مع الرؤية ومع الواقع الذي تعمل المؤسسة من خلاله في زمن معين.
تتطلّب كفاءة النظرة الاستراتيجية والمواءمة درجة معينة من التفكير التحليلي لتقييم الأنشطة والاستراتيجيات المعقدة وتحديد تأثيراتها على المؤسسة ومدى مواءمتها مع الرؤية والغاية. قد تكون كفاءات قيادة الفريق مطلوبة أيضًا لتوجيه الفريق بشكل فعّال من أجل تحقيق الاستراتيجيات والرؤية المؤسسيّة. ويمكن لكفاءة التفكير الإبداعي أن تساعد على الربط بمستويات أعلى من النظرة الاستراتيجية من أجل المواءمة مع الرؤية وتطويرها عند الحاجة.
11- قيادة الفريق (Team Leadership)
التعريف: قيادة الفريق هي إشراك الآخرين وتوجيههم أثناء كونهم مسؤولين عن تحقيق الأهداف والغايات المؤسسية.
الدافع الأساسي: تحفيز وتمكين الفريق.
تركّز قيادة الفريق على جهود الفريق لضمان توافق الأهداف والأنشطة في تحقيق غاية المؤسسة ورؤيتها.
تشير قيادة الفريق إلى السلوكيات التي يُتوقع أن يشارك فيها الأفراد وتقودهم بفعالية نحو تحقيق أهداف البرنامج أو المشروع الذي يعملون عليه. وتعتبر مراقبة الأداء وتقديم التغذية الراجعة بشكل منتظم أمرًا مهمًا على جميع مستويات قيادة الفريق.
تُظهر قيادة الفريق السلوكيات التي تحفّز وتدعم أعضاء الفريق لتحقيق الأهداف المؤسسية. وهي مطلوبة عند أولئك الذين يتولون دوراً قيادياً في الفريق أو المؤسسة، والذين يتحمّلون مسؤولية نتائج عمل الفريق، بدلاً من كونهم أعضاءً متساوين في الفريق. وهل ترتبط عادة بالسلطة والمساءلة المرتبطة بأدوار قائد الفريق أو المدير.
وعلى الرغم من وجود بعض أوجه التشابه بين تطوير الآخرين وقيادة الفريق، إلا أن الهدف الأساسي لكل منهما يختلف. الهدف من قيادة الفريق هو توجيه الفريق نحو هدف، بينما يهدف “تطوير الآخرين” إلى مساعدة الآخرين في التعلم والتطور.
قد تكون قيادة الفريق مدعومة من قبل العديد من الكفاءات الأخرى. وقد تؤدي المستويات الأعلى من العمل الجماعي والتعاون إلى قيادة الفريق لأنه غالبًا ما يتولى شخص ما دورًا قياديًا غير رسميّ. قد تكون هناك حاجة للتواصل التفاعلي الفعال مع الفريق والتأكد من أن أعضاء الفريق يفهمون أدوارهم في تحقيق أهداف الفريق. ويمكن أن يدعم حل النزاعات أيضًا قيادة الفريق، حيث يحتاج قائد الفريق إلى أن يكون على دراية بالنزاع داخل فريقه ويتعامل معه. ويمكن الاعتماد على سلوكيات التكيّف لتعديل أنماط القيادة مع الاحتياجات المختلفة لأعضاء الفريق. وفي المستويات العليا من قيادة الفريق، هناك حاجة إلى كفاءة النظرة الاستراتيجية والمواءمة، حيث يحتاج المرء إلى أن يكون موجّهًا نحو تحقيق استراتيجيات ورؤية المؤسسة وعدم الحياد عنها لأي سبب. ويمكن أيضًا إظهار المبادرة في مستويات أعلى من قيادة الفريق من أجل إدارة الفريق بشكل استباقي لتلبية الأهداف الحالية والمستقبلية.
12- العمل الجماعيّ والتعاون (Teamwork and Cooperation)
التعريف: العمل الجماعيّ والتعاون هو أن يكون الفرد جزءاً من فريق ويعمل بشكل تعاوني مع أعضاء الفريق نحو هدف مشترك.
الدافع الأساسي: العمل بشكل تعاوني مع الآخرين؛ أن تكون لاعباً فاعلاً في الفريق.
يشجع العمل الجماعي والتعاون الموظفين على اكتشاف مساهمات بعضهم البعض وتقييمها ودعمها من أجل تحقيق أهداف المؤسسة.
العمل الجماعيّ والتعاون يعني أن تكون جزءًا من فريق وأن تعمل مع أعضاء الفريق الآخرين، بدلاً من العمل بشكل تنافسي أو بجدول أعمال منفصل. إنه ينطوي على نية صادقة لوضع الفريق في الاعتبار، والتصوّر بأن الفريق هو جزء لا يتجزأ من بيئة عمل الفرد التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف والغايات المؤسسية. إنه يشير إلى اعتقاد أساسي بأن الفريق سيكون أقوى وأفضل تجهيزًا لتحقيق أهدافه وغاياته إذا ساهم كل فرد في الفريق بفعالية وإيجابية.
يجب أن تبحث عن السلوكيات التي تظهرها عندما تكون عضوًا متساويًا في الفريق وليس قائدًا، ولا تعمل على إفشال قائد الفريق حتى تتقدّم أنت وتصبح قائداً للفريق. وبالتالي، يجب أن ينتقل تركيز سلوكك بعيدًا عن اهتماماتك الشخصية (القيام بدورك) إلى اهتمامات الفريق (القيام بما هو جيد لفريقك). من المهم التفكير في ما قمت به لمساعدة الآخرين، وكيف ساهمت في تحقيق هدف الفريق.
يمكن ربط العمل الجماعي والتعاون بقيادة الفريق لأنه في المستويات العليا يتولى المرء دورًا قياديًا دون امتلاك سلطة قائد الفريق الرسمي. هناك بعض أوجه التشابه بين العمل الجماعي والتعاون وتطوير الآخرين. ومع ذلك، يختلف تركيز كل منهما. ينصب تركيز العمل الجماعي والتعاون على القيام بأشياء لإفادة الفريق لتحقيق هدف مشترك، بينما يركز تطوير الآخرين على مساعدة الآخرين في التعلم والتطور. يتمّ دعم العمل الجماعي والتعاون من خلال التواصل التفاعلي الفعال لأن التواصل جزء كبير من العمل الجماعي. كما تدعم المبادرة أيضًا العمل الجماعي والتعاون لأن الموظفين غالبًا ما يكونون على استعداد لمشاركة خبراتهم وأخذ زمام المبادرة لمساعدة الآخرين في الفريق. قد تكون القدرة على التكيّف ضرورية في بعض الحالات للتكيّف مع أنماط أعضاء الفريق الآخرين من أجل العمل بشكل تعاوني. وقد تتضمن المستويات الأعلى من العمل الجماعيّ والتعاون قدرًا من حلّ النزاعات للتعامل مع الخلافات داخل الفريق.