عمر عبد القادر غندور*
ربما ادركت “اسرائيل” أنها بصدد فرصة ذهبية لسرقة ثروة لبنان النفطية في مياهنا الإقليمية فاستقدمت سفينة الحفر العملاقة التي أمضت ٢٨ ساعة لقطع قناة السويس في طريقها الى سواحل فلسطين المحتلة للتمركز في حقل كاريش المتنازع عليه مع لبنان، وما كان هذا الاستدعاء السريع للسفينة العملاقة إلا بالتفاهم بين الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل.
وتقول “اسرائيل” ان الثروة الغازية في حقل كاريش تمثل حاجة ضرورية لاقتصادها، وهي تفضل ان تمضي باستخراج الغاز بهدوء وهو ما غاب تفاصيله عن وسائل إعلامها تحسبا لما يشبه التراجع!!
وإذا كان الغاز يمثل حاجة اقتصادية لـ “إسرائيل” فكيف هو بالنسبة للبنان الغارق في ديونه وفساده وتصدعاته!!
وعلم صباح اليوم (الاثنين) أن القصر الجمهوري أمضى الليلة الماضية وهو ينتظر جواب الادارة الاميركية عن عودة الوسيط الاميركي “هوكشتاين” لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع “إسرائيل” حول حدودنا البحرية مع العدو، ولا جواب حتى صدور هذا البيان.
وفي قراءة سريعة للإسراع في استخراج الغاز من حقل كاريش المتنازع عليه، يظهر بوضوح أن الولايات المتحدة هي الأكثر حاجة لاستخراج الغاز للوفاء بالتزاماتها تعويض الغاز الروسي في شرايين الاقتصاد الأوروبي لإفشال الحرب الروسية وهو لم يتحقق حتى اليوم، بالإضافة الى الحاجة الاسرائيلية اليه.
والسؤال:
لماذا هذه التعقيدات في الموقف اللبناني الذي يمضي في اهدار الايام والاشهر والسنوات دون التوصل الى حل الخلافات الحدودية البحرية مع العدو؟ وهل اخطر لبنان الامم المتحدة بالإحداثيات الجديدة حول الحقوق اللبنانية في ٨٦٠ كلم مربع بناء للخريطة الموضوعة عام ٢٠١١ والتي اعتبرها لبنان لاحقاً استندت الى تقديرات خاطئة وطالب بمساحة اضافية تبلغ ١٤٣٠ كلم مربعا تشمل اجزاء من حقل كاريش ومساحة بحرية بطول ٣٣٠ كلم مربعا تمثل المساحة المتنازع عليها؟؟
ولتوضيح أكثر، عدنا إلى الإرشيف ليتبين أن رئيس الوفد اللبناني السابق الى المفاوضات غير المباشرة العميد الركن بسام ياسين يقول إن حدود لبنان البحرية تبدأ من الخط ٢٩ استنادا الى خرائط الجيش اللبناني، ما يعطي الغطاء الشرعي والقانوني لأي موقف لبناني، ما يجعل رسو باخرة الحفر التي استقدمتها “اسرائيل” شمال أو جنوب خط كاريش عملاً عدائياً ولا يجوز لأي طرف استخراج أي نقطة غاز من حقل متنازع عليه.
ومما يؤسف له، التناقض في موقف لبنان الرسمي حول ترسيم الحدود البحرية وبين الرسالة التي وجهتها الحكومة اللبنانية في ٢٨ كانون الثاني الماضي الى الامم المتحدة والتي تعترف فيها أن حقل كاريش يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها وأن الخط ٢٣ هو حدود لبنان. وتحديد الخط من طرف أحد الفريقين لا يعني انه الخط الفعلي للحدود، ويُخشى في هذه الحالة مقابل رفض اللبنانيين لـ “خط هوف” ان يوافق العدو الاسرائيلي على الخط ٢٣ ويحقق مكاسب في خط قانا وهي صفقة رابحة لم يكن يحلم بها العدو!!
وفي مثل هذه الحالة يبقى لكل طرف وجهة نظر معللة ما يستدعي وجود وسيط محايد ونزيه للمساعدة في إيجاد التفاهمات التي يُبنى عليها.
ولبنان اليوم أكثر استعجالاً وإلحاحاً وحاجة قد تعفيه من التسول وأي تلكؤ وتلهٍ وهدر الوقت هو مضيعة وثرثرة وخيانة موصوفة، وأي تساهل يمس مياهنا الاقليمية التي هي ملك الشعب اللبناني، هو تعريض للسيادة الوطنية.
وهو ما لم يثير حفيظة وانتباه وغيرة من يدعون السيادة الوطنية بكل اسف.
*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي. بيروت في ٢٠٢٢/٦/٦.