حسن المياح*
الجلاد هو الجلاد وإن اختلفت تمظهراته وتكيّفاته وتلوّناته وتبرقعاته، والضحية هو الضحية مهما امتدت وجوداته وتوسعت امتداداته وتضاربت قناعاته وتجمهرت مآسيه وتكالبت إحتياجاته.. وتلك هي مكيافيلية الأحزاب الحاكمة مهما تنوعت آيدلوجياتها الوضعية البشرية الأرضية… وهذا هو الشعب العراقي الضحية النائم الذي لا يستيقظ مهما كانت الزوابع والزلازل والبراكين…، والذي لا يحس ولا يشعر، لا أمل فيه، ولا بارقة أمل منه أن يعي حواليه، وما يحيط به؟؟
المكيافيلي هو حية لما يكون سياسياً حاكماً مسؤولاً طاغية متفرداً…..، وهو أفعى لما يكون حزباً متسلطاً مستبداً يدعي العقيدة الرسالية توهاً وإيهااً، وهي (العقيدة) الصبغ؛ وليست الصبغة التي يهتدي على أساسها…، وهو أفعى لما يكون حزباً ونشاطاً حرباء متقولباً بما تمليه عليه الأيدلوجيات الغريبة الأجنبية المستوردة المعلبة المستحدثة المستعمرة فارضة ذاتها سلوك نهج حياة ترهات علمانية، ولبوسات ليبرالية غاشة، وأسلاباً مدنية رثة، وأنها التحولية المثلية جنساً وتفكيراً وسلوكاً وتصرفات، ادعاء تشابه جنس لذة تزاوج هجين مبتسر، بلذة شبق جنسي مثلي زائف هابط سخيف مجنون سافل، ينم عن هجنة وجود كائن غريب الخلقة والأطوار، اصطناع حيلة، وتقولب تصرفات مثل، لجذب الشبيه سحاقاً ولواطاً، وتلك هي الشرقية والغربية التي يتحدثون عنها إسهابآ وتلويحاً، واختصاراً وتخرصات، وجود أيدلوجيات حاكمة، بأطر مكيافيلية متعددة متنوعة.
الحية والأفعى – مهما تجوهرت وتماهت – هي كائن خبيث مجرم غادر زاحف، ناعم الملمس، رفيع السمت متعدد اللون ومتنوع الشكل، طويل الجسد متبدّله نزعاً للجلد الذي هو عليه، وتغييراً له، كل عام بعد فترة سبات شتوي، وأنه يمتاز مرونة انتصاب وانحناء، ودوران والتواء، وقوة عصر وشدة نفث سموم، من أي مكان لامسك سمّمك وقتلتك، وأنت الذي لا تحس دبيبه لما يزحف اليك مفترسآ قاتلاً، وهو الزاحف الدائم التلمظ والمستمر دوران حدقة العين، شديد التحسس والانتباه لما يداهمه الخطر، فتراه يتداور على نفسه ويلتف حولها، ويتكور عليها ويتجمع، استعداداً لقفزة مفاجئة لينال منك (يا شعب العراق) وطره الذي يؤمنه استمرار حياة تسلط، ووجود دكتاتورية واستبداد، الذي يقيه مداهمة خطرك لما تصول وعياً، وتجول شجاعة وبسالة وإقداماً، فيميتك بعضة لادغة سريعة، نافثاً سمومه فيك بعد أن يغرس ضرسه المعكوف الملتوي الذي ينتظرك الغنيمة الفريسة التي على ما فيها من وجودات وامتلاكات حقوق ممنوحة ومشروعة، لكي يعيش بهناء، وينمو بتفاقم تورم، وازدياد انتفاخ، وتوسع انتفاش…، ويستأسد؟؟
غير أنه لو أحسك أنك الصياد اللاقف الماهر، لولى منك ذلك الزاحف الذي هو حية وأفعى هارباً إذا تمكن من الهروب والفرار والالتجاء الى الأسياد الأوغاد…..؛ وإلا فهو الجبان الهش الضعيف المنافق الذي يستسلم إستسلام إبن آوى، للأسود الغاضبة المزمجرة زئيراً، الكاسرة المهاجمة شجاعة واستبسالاً.
لا يصعب على الحية والأفعى أن تتلون وتتعدد، وتتنوع وتتوسل، المواقف المتناقضة والمتضاربة، والمتقابلة والمتحولة، والمتغيرة وفقآ لكل حال طارئة، لأن كل تصرفاتها هي صبغ مكيافيلي رذيل بائس وضيع متبدل متغير ؛ ولم تكن حقيقة تلك التصرفات طبيعة صناعة وجود، ولا هي ثبات يقين سلوك، ولا هي رسوخ ارتكاز مسيرة نهج حياة على أسس مبادئ قوامة، وحسن صنع معالجة ما هو ميل، أو انحراف، أو سقوط، أو تدهور… لذلك هي (الحية والأفعى) العدو الذي لا يمكن الاطمئنان اليها مهما تمسكنت وهدأت؛ لكنها ستعيد سيرتها الزاحفة السامة القاتلة الأولى، لكثرة تقمّصات وجودها، وتنوع حالات تصرفاتها، وتغييرات ملامح نبرات فحيحها، ونقاعة سمومها القاتلة المميتة الذي لا تتنازل عنها، ولا تتخلى، لأنها هي أساس تسلط طغيانها، وتفرعن دكتاتوريتها، وإطالة أمد إستبدادها…. وأنها – مع الأسف الشديد للصنمية البشرية الشعبية الفاقدة الوعي والمشلولة الإرادة التي تقبل الخضوع والخنوع، والجمود والخمود، والحجر والتكلس، التي تجعلها تستفحل وتتحكم، ووثنية الأيدلوجيات التي تستورد، وتفرض وجودها احتلالاً واستعماراً، منهج حياة بالبلطجة والترغيب، والتهديد والتمييع، والوعيد والتجويع، ما الى ذلك من هبوط تصرفات خيانة، ووقوع سقوطات أجندات عمالة، لما هو محتل صليبي أميركي وبريطاني، وما هو مستعمر ماسوني صهيوني مجرم يهودي – الشر الذي لا بد منه، لما ينتكس الوعي الرسالي عند الشعب العراقي، وتهش الإرادة خوراً ورجوعاً، ويشل الضمير الإنساني، الذي هو النفس اللوامة، كما يقول، ويصف، ويعبر عنه القرآن الكريم الحكيم…..
فلا تغشّنكم المبادرات الصنمية للحيات، والتأسيسات والتلويحات الوثنية للأفاعي – لما تطلقها الحيات والأفاعي نفث سموم زعاف قاتلة – كخريطة فتح طريق مغلق مسدود.. وسبب إنسدادها هو شرنقتها وتقوقعها على مصالح ذواتها وأحزابها…؛ لأنها ستسوقكم الى مصيركم المحتوم《أيها الشعب العراقي》الذي هو مقصلة الجلاد القديم (الذي هو: الظلم، والجوع، والحرمان، والتيه، وضياع الحاضر، واليأس مما هو المستقبل)، وهو الذي يحدث وجوده بثوب مزركش غاش…، على أنه《متغيّر》جديد…..
*كاتب عراقي من البصرة.