علي حتّر
.الموضوع طويل.. لكن فيه من المعلومات ما يستحق طوله..
يمر هذا اليوم بنا كل عام، فيتسابق الكثيرون ليعلنوا تأييدهم للمرأة ومطالبتهم بإعطائها حقوقها غير المُعرّفة.
سأعلن هنا مثلهم تأييدي للمرأة ودفاعي عن حقوقها، لكنني أطالب بتوضيح تلك الحقوق، وأولها المساواة، وهذه ليست منحة نعطيها لها بل هي حق من حقوقها.. وهي لا تعني المساواة المطْلقة، بل تعني حقوق المرأة التي تتناسب مع الحالة التي وُجدت بها.
لماذا يكون راتبها أقل من راتب زميلها الرجل.. لمجرد أنها ستغيب يوما ما بسبب الولادة. أو ستلجأ إلى بعض المغادرات لترضيع طفلها.
في بعض الدول الغربية مثلا، تُعطى المرأة إجازة طويلة إذا ولدت!! بل يُعطى زوجها إجازة طويلة ليدعمها.
أعرف امرأة في بلادنا ماتت وهي خادمة، لأنها تنازلت عن الميراث لأخيها الذي أصبح مليونيرا، تنازلت حتى لا تنتقل أراضي العائلة لعائلة أخرى إذا لم تتزوج من نفس العائلة..
ولا ننسى الغارمات اللواتي يتم استغلالهن بنية سيئة من الرجال اللصوص!!
حتى لو ورثت فهي ترث نصف ما يرث الرجل!! أية مساواة هذه؟؟
لماذا نحتفل.. ولا يحتفلون في الدول الغربية؟..
لآن للنساء حقوق ترتبط بالقانون لا بمزاج الذكور!!
لأن الأمهات عندهم لا يفقد أطفالهن في ميدان المواجهة مع جيوشهم وإرهابييهم
ولآن النساء عندهم لديها الوقت أن تكون امرأة بمفهومها النسوي بينما نساؤنا يجب أن تحملن بجانب أطفالهن حجرا أو بندقية.. وربما تجد نفسها مع رضيعها في زنزانة..
وبالإضافة لوجود عدو همجي. لأن مجتمعنا نفسه يظلم نساءنا في كل ما هو غير الكلام..
ولهذا نحتفل.. بطريقة تختلف عنهم..
لأننا نسمي أوانسنا عوانس.. ونبيعهن بمهر لم يعد يستطيع الشباب دفعه..
لأننا نسمي العنف الأسري رجولة أومحافظة الرجل على بيته..
لأننا نعطي الأخ الغبي أحيانا أولوية على أخته المبدعة في مواصلة التعليم..
لأننا نسمي من يقتل المرأة شريفا.. ونبرر فعله إذا قتلها…. ونحن أول من يسمي الجريمة العاهرة جريمة شرف..
ولا ننسى أننا ما زلنا نتألم مع فتاة مستشفى الجانعة الأردنية، وأن الأمن يبحث عن رجل قتل ابنتيه في البادية الجنوبية!!
لأننا نكرم أمهاتنا وأخواتنا.. حين يمُتْن فقط على صفحات نعي الموتى..
وباختصار لأن مجتمعنا الذكوري لا يستحق أن يكنَّ فيه..
هناك الكثير لنقوله في مسألة الحقوق!!
وتصحيح القوانين هي البداية.
أنا هنا سأقدم الأسماء.. لأبرهن أنهن قادرات على العمل.. بشرط ألا نقف في طريقهن..
نحتفل اليوم بفتياتنا ونسائنا اللواتي لم يقلن وامعتصماه.. بل هرعن للاستجابة لنداء الذين قالوا ذلك من المهزومين….
.
لن أتكلم عن المرأة في العالم لبرهنة أي من حقوقها.. حتى لا أرتكب خطأ وتقصيرا في ذكر حقوقهن.. فهن يملأن العالم والتاريخ..
لكنني سأتكلم عنهن في منطقتنا من العالم..
ورغم ذلك ففي كل يوم أكتشف أنني مُقصِّر.
.
عندما أتكلم عنهن وأسرد الكثير من أسمائهن.. فالسبب يعود إلى تقدير جهدهن.. وتوضيح كثرتهن وقيمة ما يفعلن.. للوقوف في وجه من يستخف بهن بحكم العشائرية والعادات الاجتماعية البالية.. والطعن في المفهوم الذكوري المتخلف في النظرة إليهن..
وتوضيح أسماء الكثرة منهن يضع أهمية لهن في وعينا..
وسبب آخر هام للحديث عن المرأة: توضيح أنهن قادرات أن يكن رائدات.. وقائدات.. ويمكنهن التصرف في اللحظات الحرجة..
وهن لا يحتجن لشهادتي.. بل ربما أكون أنا وكثيرا من الرجال، في حاجة لشهادتهن..
ولألبي دعوتهن بعملهن، لمحاربة الإحباط واليأس والعمل رغم كل السوداوية التي تحيط بنا..
.
1. كيف بدأ يوم المرأة العالمي:
الفقرة التالية منقولة من الويكيبيديا
.
في 1856 خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسؤولين عن السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية. وفي 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار “خبز وورود”. طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع. شكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصاً بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخاب، وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909 وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة.
.
في عام 1977 تبنت الأمم المتحدة يوم 8 آذار عيدا عالميا للمرأة.
.
2. مجالات نضالهن وريادتهن.. ومن هن؟
إذا كانت المرأة (العاملة الفقيرة) فرضت في أمريكا ثم في العالم الاحتفال بيوم المرأة العالمي.. حصيلة لنضال شاق قامت به في مواجهة الرأسمالية الغربية، منذ عام 1856.. فالمرأة عندنا خاضت وتخوض صراعا أقسى من صراع نساء العالم، سواء كان صراع تحرر وطني أو صراعا اجتماعيا أو طبقيا أو ضد الفساد، أو خليطا من صراعات متعددة..
قياسا على ظروفها الاجتماعية والمادية والسياسية، وتغوُّل الرجال عليها، وهي ظروف تفوق أقسى الظروف في العالم.. عندما تجتمع..
مقاومة مقاتلة.. جندية مقاتلة.. إعلامية.. رسامة (فن).. مربية أجيال.. مكافِحة للفساد.. عالمة.. معمارية.. كاتبة.. مفكرة.. فيلسوفة.. شاعرة.. وزيرة وسفيرة ونائبة.. مغنية ملتزمة.. محامية.. رياضية.. نقابية.. مقاومة للتطبيع.. وأســــــــــــــــــــيرة.. ومعتقلة.. وأمّ شهيد وأمّ أسير.. وأمّ مطلوب متشرد..
إنها موجودة في كل المجالات..
حتى نحن الذين نقول إننا تقدميون.. ولن أخجل أن أقول: نتعلم من شجاعتهن… لأننا نشأنا منذ طفولتنا على “أنهن مجرد بنات”.. ونشأنا ونحن نقول: بنت.. أشجع مني..؟
ليلى خالد بنت تخطف طيارة وأنا قاعد في البيت.. يا عيبي..!!! ثقافة التمييز وهشاشة الوعي.. والتناقضات!!!
وقد كتبت عدة قصائد لهن.. في التقدير والاحترام..
قد أقصر في تذكر الكثير من أسمائهن..
سأتكلم عن فتياتنا في بلاد الشام ومصر، وهذا لا يعني أنهن فقط هنا.. ولكنهن في منطقتنا كاملة وفي البحرين والجزائر واليمن والسودان.. وغيرها.. لكنني لا أملك المعلومات الكافية عنهن في كل هذه البلاد..
ولو بدأت فقط من بداية القرن التاسع عشر، لذكرت منهن الكثيرات الكثيرات…
مع ملاحظة ضرورة الإقرار بعدم إمكانية الفصل بين العمل الملتزم المسؤول في أي من المجالات التي ذكرتها، وعمل الوطني السياسي والمقاوم، لأن كل الأعمال المذكورة إذا أُديَّت بإخلاص وانتماء والتزام، تُنتج مجتمعا صلبا غير قابل للزعزعة والاختراق..
يتبع….