حذّر رئيس لجنة حماية حقوق المودعين في نقابة المحامين المحامي كريم ضاهر من الطريقة التي يتم فيها التعاطي مع مشروع قانون «الكابيتال كونترول»، أو ما يعرف بضبط التحويلات والسحوبات، فيما المطلوب من السلطة السياسية مصارحة المودعين عن مصير أموالهم والتدابير التي سوف تتخذها في هذا الشأن، لا أن تقول إنها على عجلة من أمرها لتمرير مشروع كهذا واعتبار أن المسألة ضرورية لضمان عدم خروج الرساميل من لبنان. فهذه كذبة لأن الرساميل أصبحت في الخارج، أما المسألة الثانية المعيبة، فقولها إنه في حال عدم إقرار هذا القانون فإن صندوق النقد الدولي لن يقرض لبنان مبلغ ال 3 مليارات دولار التي يحتاجها.
وكشف ضاهر الذي شارك في الاجتماع الأخير للجان النيابية في حديث ل«الأنباء» أن صندوق النقد الدولي يتبرأ من الصيغة الحكومية لمشروع قانون «الكابيتال كونترول» الذي يناقشه مجلس النواب، والذي أشار بعض نوابه في هذه الجلسة الى أن هذا القانون هو قانون صندوق النقد، وعندما واجهناهم بالحقيقة وقلنا ان هذا الكلام غير صحيح لم يتجرأوا على الرد، موضحاً ان صندوق النقد الدولي لن يقبل السير به دون رزمة من الإجراءات والتدابير الضرورية، وبالتالي هو لن يقدم دولاراً واحداً وليس 3 مليارات، اذا لم يتأكد أن هذه الأموال لن تخرج من لبنان بطريقة غير مباشرة مما يتعذّر عليه ‘عادة تسديدها في ما بعد.
ورأى ضاهر أن السلطة السياسية تريد تمرير الـ «الكابيتال كونترول» كيفما كان من أجل إرضاء صندوق النقد الدولي الذي ليست لديه الثقة بالحكومة الحالية ولا يعرف ما إذا كانت الحكومة التي ستأتي بعد الانتخابات النيابية ستتشكّل بسرعة، أما في حال بقاء الحكومة الحالية فهي حكماً حكومة تصريف أعمال، لذلك فإن الصندوق الذي يطالب برزمة إصلاحات يشدد على قانونين هما السرية المصرفية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي. والسؤال لماذا لا يتم طرحهما بالعجلة ذاتها المطروح فيها قانون «الكابيتال كونترول» والسير بها جميعها بالتوازي.
وأكد ضاهر أن المودعين الذين تظاهروا بقوة أمام البرلمان واستطاعوا تعطيل جلسة اللجان النيابية، لن يقبلوا تمرير قانون «الكابيتال كونترول» من دون أن تكون هناك خطة تضمن لهم حقوقهم وتطمئنهم على أموالهم، وألا يشعروا بأنهم سيتحمّلون خسائر فوق الخسائر التي تكبدوها نتيجة تذويب جزء كبير من أموالهم أولاً بفعل أسعار صرف مختلفة، وثانيا بفعل التضخم وتهاوي سعر صرف العملة الوطنية، الى جانب القيود التي تفرضها المصارف على السحوبات، كما أن هناك فئة من المودعين بالليرة اللبنانية لا يفكر بهم أحد.
وأكد ضاهر ضرورة إعادة هيكلة الديون وكيفية تسديدها وتحديد المسؤوليّات. ولفت الى أن هذا ما أعلنته نقابات المهن الحرة وتصرّ عليه ولا تقبل بأي شكل من الأشكال بتوزيع للخسائر ولا بكابيتال كونترول قبل تحديد المسؤوليات والبدء بالمحاسبة، وهذه فرصة نادرة في تاريخ لبنان وهي عدم الإفلات من العقاب، فمن ارتكب عليه أن يدفع الثمن ويرجع الأموال المهرّبة والمنهوبة.
ورأى ضاهر أن موضوع استرداد الأموال يكون أولاً عن طريق تطبيق القوانين النافذة منها قانون الإثراء غير المشروع، لكن السلطة الخبيثة تقول في خطة التعافي التي أرسلتها الى مجلس النواب انها ستعدل القانون 189 (التصريح عن الذمة المالية والإثراء غير المشروع) ليس لأنه غير جيد ويحتاج الى تعديل، بل لأنهم يخشونه ويخافون منه، لأنه في حال تطبيقه وفق ما هو منصوص عليه يأتي بالعديد منهم الى السجن، بدءا من أعلى الهرم ونزولاً، لذلك يهرولون باتجاه تعديله.
وأشار ضاهر الى أن الخلاف الظاهر بين المصارف والحكومة ما هو إلا تبادل أدوار الهدف منه حماية المصارف وإبراء ذمتها عن الارتكابات السابقة والحاضرة والمستقبلية في ظل غياب الخطة لإعادة هيكلتها التي هي السبيل الوحيد لاستعادة الودائع ولو على المدى القريب أو المتوسط، وهذه غير مطروحة الآن. وخطة التعافي التي أرسلتها الحكومة الى مجلس النواب تقول إن إعادة هيكلة المصارف لن تحصل قبل شهر سبتمبر أو أكتوبر وهو أقرب تقدير، وبالتالي من يضمن في حال جرت الانتخابات أن تعود الحكومة ذاتها، ومن يضمن تشكيل حكومة جديدة؟ ما يعني أن ليس هناك قانون لإعادة هيكلة المصارف، أي أن الودائع ستبقى محتجزة في «مصارف الزومبي»، ثم هناك اللجنة التي تضمنها مشروع قانون الكابيتال كونترول والمؤلفة من المرتكبين من السلطة السياسيّة وحاكم مصرف لبنان، فبقدر ما يحبونه لا يتخلون عنه.
وقال ضاهر إن أصحاب المصارف وجمعيتها يعلمون تمام العلم أن لا ثقة للبنانيين بعد اليوم بالمصارف وهي لن تعود لأنهم يرون أن لبنان انتهى وأن ليس بإمكانهم إرجاع الودائع ولا فرق عندهم، والمهم عند الطبقة السياسية والمصرفية ألا تتجرع كأس المحاسبة وأن لا أحد يحقق معها ويحاسبها ويفتح لها الملفات.
وأكد ضاهر أن أموال المودعين غير موجودة في المصارف، وما هو موجود ما يقوله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إن لديه احتياط 11 مليار دولار هي أموال المودعين من أصل 103 مليارات، ويقال إن المصارف المراسلة لديها 3 أو 4 مليارات، وحقيقة الأمر أن سلامة يرسلهم ورقياً ويكتب لرئيس الجمهورية على ورقة ما لديه من احتياط إلزامي.
(الثلاثاء 2022/4/26 المصدر : الأنباء – اتحاد درويش – بيروت)