هاني سليمان الحلبي*
بعد 15 يوماً على غياب موقع حرمون عن شبكة الإنترنت العالميّة إثر توقفه نهار الجمعة في 25 آذار الحالي، ظهر بصيص في النفق المظلم.
والغياب سببه وحيد هو انعدام القدرة المالية الذاتية على تجديد حجزه في الظروف الراهنة. وانعدام القدرة المالية الذاتية مرده لأني مواطن مبتلٍ بلبنانه الذي يبتلعه الحيتان السياسيون والطائفيون، الديوك على بعضهم، المستقوون على شعبه المنقسم على جنس الملائكة والآلهة والأبالسة.
هؤلاء الفاسدون دمّروا البلاد بالفساد والتحاصص بين دويكا حيناً وترويكا حيناً ثانياً وكادرويكا حيناً ثالثاً، ومكوّناتها طائفية على اختلاف تصنيفاتها.
هؤلاء الفاسدون أفقروا العباد، بتهريب أموالهم الفلكيّة إلى أوروبا، التي بدأت محاكمها تفتح ملفاتهم ومغاراتهم المالية السوداء، من أموال وضرائب الشعب اللبناني الضعيف في معظمه، المفكك في بعضه، الضال في أكثريته، المتواطئ في طوائفه وأحزابه. وطيّروا سعر الصرف بعدما دولروا الاقتصاد.
في هذا الواقع كان لي راتب يساوي في عام 2015 مبلغ 1500 دولار أميركي، لكنه انخفض ليساوي 55 دولاراً في 2022. ما يترك عجزاً عن توفير الخدمات الضرورية للحياة. بعد أن تحملت مسؤولية تشغيل الموقع وكلفته وحيداً طيلة 13 عاماً. هكذا نشأت مشكلة العجز عن تجديد حجز موقع حرمون والاستمرار بتشغيله بالصيانة وتأمين رواتب فريق من 5 زملاء وزميلات يعملون بأقصى طاقاتهم وبأقل ريع ممكن لهم يشبه التطوّع.
لذلك الأسبوع الأخير من أذار أطلقنا صرخة ونداء للغيارى علّهم يتحركوا ويساعدوا، مقيمين ومهاجرين. فلبّى صديقان بتبرّع غير مشروط، هما السيدة زكية النزق لبنانية مهاجرة إلى مدينة ملبورن أستراليا، والأمين جورج رياشي لبناني مهاجر إلى بلغاريا.
إدارة موقع حرمون وفريق العمل إذ تنوّه بتبرّع الصديقين النزق ورياشي، تشكر نبلهما وتطوّعهما لحل مشكلة الحجز وتلتزم بأنها على وعد الوفاء لكل من دعم وساعد موقع حرمون ليبقى صوت حق ومنبر حرية وخط التزام وطنيّ قوميّ.
لكنها لا تنسى ولن تغضّ النظر عن تقصير الجميع، دولاً، وزارة إعلام غائبة عن السمع، نقابات ومؤسسات وجمعيّات مدنيّة تهدر وتتحاصص أموالاً سياسية فلكية لتسهم في التخريب والفوضى، أحزاباً لبنانية وسورية وفلسطينية، نشر حرمون أخبارها وتحليلاتها على مدار 13 عاماً من الكفاح المرّ، فلم تصله كلمة شكراً، شخصيات فكرية وثقافية وقامات عامة، مقيمين ومغتربين، لم يرصدوا من إنتاجهم زكاة شهرية أو سنوية ضئيلة لا تتعدّى 50 دولاراً ليسهموا في تشغيل الموقع وليبقى منصة لآرائهم كما كان وموقعاً إعلانياً لمؤسساتهم، بل يكتفون جميعاً بتصنيفنا في زاوية ضيقة، ونحن عصيّون عن التصنيف.
في التصنيف الطائفي يحشروننا في طائفة. في التصنيف الحزبي يحشروننا في حزب. في التصنيف الكياني يحبسوننا في لبنان لنكون غرباء في سورية وفلسطين والعراق ومصر والأردن، ونحن قبل الكيانات كنا ثواراً منذ 300 عام في حلب وتمّت إبادة أسرتنا فيها ومن ثم في الجولان، ومن تبقى منها وصل إلى وادي التيم في لبنان قبل قلم غورو المشؤوم بالتقسيم… لكننا في عملنا طليقون من حبوس كل تصنيف.
وبعد غياب موقع حرمون أياماً نجدّد النداء للجميع بلا استثناء، بالدعم والتبرّع لموقع حرمون، بحوالات ماليّة عبر شركات التحويل العالمية، ويسترن يونيون مثلاً، التي لها مكاتب في لبنان، وباسم ناشر موقع حرمون الثلاثي hani Suleiman al halabi – لبنان.
الذين يدعمون ويتبرّعون يقدّمون بعض الوفاء اللاحق لسلفة سابقة من موقع حرمون، وليكون حرمون منبرهم الوفيّ. وإلا مَن يقصّرون معنا فليعذرونا عن تلبية طلباتهم بالنشر، لأية مادة خبريّة ترد منهم.
*ناشر موقع حرمون وكاتب وإعلامي ومدرب من لبنان.
#موقع_حرمون، #هاني_سليمان_الحلبي، #جورج_رياشي، #زكية_النزق، #ويسترن_يونيون