أطلقت مجموعة من الشخصيات السنية المستقلة والنائب السابق مصباح الأحدب “مبادرة وطنية جامعة لإنقاذ الهوية اللبنانية”، في حضور هيئات ومنتديات من المجتمع المدني وعدد من الناشطين من مختلف المناطق والطوائف، في مطعم الشاطىء الفضي في طرابلس.
بعد النشيد الوطني قال الأحدب: “ما نعيشه اليوم من انهيار مالي وتراجع اقتصادي، وخلل سيادي، وتهجير منظم، وتفكك اجتماعي، هو نتيجة استهداف خبيث لوطننا لبنان من قوى محور حلف الأقليات بقيادة إيرانية، من خلال منهجية أمنية وسياسية وثقافية، الهدف منها التلاعب بالهوية التعددية اللبنانية، للوصول الى تغيير ديموغرافي كما جرى بمناطق أخرى يسيطر عليها هذا المحور، من خلال انقلاب كامل على الدساتير والهويات الوطنية. والسنة في لبنان مستهدفون كما كل الشعب من كل الطوائف، وذلك بحكم علاقاتهم الإيجابية مع محيطهم العربي الذي يريد البعض عزل لبنان عنه. رفضنا لهذا الواقع يحتم علينا تقديم مقاربة وخريطة طريق ومسار سياسي له عناوين واضحة ونقاط محددة تجمع عليها كل المكونات الوطنية”.
أضاف: “قررنا أن نطلق هذه المبادرة من طرابلس لأنها مدينة، على الرغم من كل المؤامرات التي حيكت وتحاك ضدها، لا تزال مؤمنة بالتعددية وهي تشكل نقطة قوة للبنانيين الأحرار، لذلك هي مستهدفة وعلينا جميعا أن نحافظ عليها ونحميها. والهدف من هذه المبادرة هو كشف ما يحاك ضد طرابلس والسنة في لبنان، وإبراز حقيقة هذه المدينة المستهدفة، فكلنا نشاهد المحاولات المستمرة لاستهداف السنة في لبنان وطرابلس وضربهم بهدف ضرب التعددية والكيان اللبناني. ونحن نرى ان ثمة مؤسسات أمنية في الدولة تقوم بشكل علني بحماية المتطرفين وتستخدمهم لضرب المجتمع السني بأكمله بذريعة محاربة التطرف. هذه الأمور باتت مكشوفة للجميع ويجب مواجهتها، وهنا نسأل عن دور رئيس الحكومة ووزير الداخلية وهما أبناء طرابلس، ألا يشاهدون ما يحاك لهذه المدينة؟ لماذا هذا السكوت عن استدراج الشاب في طرابلس وتوريطهم بأجندات إرهابية لضرب مدينتهم ومجتمعهم ووطنهم، ونسأل: أين دار الفتوى والعلماء الصادقين؟ لماذا يسكتون على التغرير بشبابنا واستدراجهم لمشاريع إرهابية بعيدة من مبادىء ديننا الحنيف؟ أين دورهم في التوعية والارشاد والنصح والتوجيه؟ لماذا أخلوا الساحة للمشبوهين واصحاب الاجندات الخارجية؟”.
وتابع: “أمام هذا السكوت المريب من رجال السياسة والدين وامام هذه الهجمة الخطيرة المريبة على مجتمعنا ومدينتنا، كان لا بد من اطلاق مبادرة وطنية انقاذية لوضع الامور في نصابها الصحيح وتسليط الضوء على حقيقة السنة في لبنان وطرابلس المؤمنين بالكيان اللبناني وبالتعددية، ومواجهة كل ما يحاك ضد اهلنا ومدينتنا، والتشديد على ان طرابلس ان سقطت سقط لبنان وفقد مبرر وجوده. وأبناء هذه المدينة وكما كل اللبنانيين الأحرار، يرفضون ان يتم وضعهم بنفق طائفي لأن هدفهم إلغاء دولة الطوائف وبناء دولة تحمي كل مواطنيها لأي طائفة انتموا، من هنا كان حرمان المواطن من حقوقه عبر دولته، ليأخذها عبر زعامات طائفية فاسدة مافيوية تفرض عليه. ولا يتحقق ذلك الا من خلال تصحيح الخلل الوطني الذي نتج من تنازلات غير متكافئة على حساب الدولة والوطن ووجود السنة في هذا البلد. فالسنة هم مواطنون لبنانيون معنيون بالدفاع عن هوية لبنان وسيادته، ولم ينطلقوا يوما في تعاطيهم مع شركائهم في الوطن من كونهم طائفة، حتى بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، رفض السنة التموضع خلف العصبية الطائفية إيمانا منهم بمشروع الدولة ورفعوا شعار لبنان أولا. ورغم كل الظلم والاضطهاد والحرمان وفبركة الملفات ومحاولات دعشنة طرابلس المستمرة، إلا انهم عند كل منعطف في تاريخ هذا الوطن يؤكدون تمسكهم بمنطق الدولة، وما مشهدية ساحات طرابلس خلال ثورة 17 تشرين الا أوضح مثال على ذلك. السنة متمسكون بلبنان الذي أسسه البطريرك حويك، اليوم وفي ظل الظلم اللامتناهي بحقهم، مع الأسف ثمة من لا يزال يسعى بجهد الى السطو على حقوقهم الدستورية وتهميشهم وإلصاق تهم الارهاب بهم”.
وقال: “أمام كل ما تقدم، نقول، لا يمكن للبنان أن يبقى ويستمر، اذا استمر الظلم والاضطهاد بحق أي مكون في الوطن ولا سيما السنة وشركائهم في المواطنة. يقولون اليوم إن انقاذ الوطن يبدأ بخوض الانتخابات لإيصال أكثرية نيابية سيادية الى المجلس النيابي. وهنا لا بد من توضيح أمر مهم جدا، عندما فاز السياديون بانتخابات 2009 وكلفت اكثر من مليار دولار، أول أمر قاموا به هو تسليم السلطة لحزب الله عبر هرطقة دستورية وهي الثلث المعطل، وتحالفوا معه وسلموه تدريجيا مؤسسات الدولة لقاء تغطيته فسادهم، هذه الشراكة انتجت منظومة فاسدة افلست البلد ونهبت أموال اللبنانيين. ولكن ثمة من يقول إن نتيجة الانتخابات معروفة مسبقا، ونحن نقول هذا صحيح بحال أجريت الانتخابات وفق الطريقة التي أجريت فيها انتخابات 2018. فالقاضي أنطوان مسرة أصر على نشر مخالفة في الجريدة الرسمية أوضح فيها كل المخالفات والتجاوزات التي جرت في الانتخابات الأخيرة واستنتج أنه يشك في شرعية نتائج انتخابات 2018 برمتها. ما الذي تغير؟ لا شيء، لا بل زادت سيطرتهم أكثر على مفاصل الدولة وحكما ستكون نتيجة الانتخابات كما يريدون. نحن نريد انتخابات شفافة تأخذ في الإعتبار الإصلاحات المطلوبة لمنع تكرار التجاوزات التي أشار اليها القاضي انطوان مسرة والا سيمددوا لأنفسهم بطريقة “ديموقراطية مزورة”، فالشعب اللبناني المذبوح لن يسمح بتزوير ارادته ولن يقبل ان ينتزعوا منه شرعية ديموقراطية مزورة تمدد لفسادهم وسرقاتهم وتسلم البلد نهائيا لحزب الله”.
أضاف: “الحل اليوم هو بتوحيد الصف السيادي على مبادئ واضحة تنطلق من الدستور اللبناني وليس من الأعراف التي نتجت من التسويات التي وضعها تحالف السلاح والفساد، ورفض أي انتخابات مزورة، وبهذه الطريقة يمكننا أن نقوم بربط نزاع حقيقي مع حزب الله. لذلك عندما نتحدث اليوم عن انتخاب اكثرية سيادية تعمل على إنقاذ البلد أو تقوم بربط نزاع فعلي مع حزب الله، أول شرط لتحقيق ذلك أن يكونوا من نظيفي الكف الذين لم يتورطوا بأي من التسويات الهدامة التي أوصلتنا الى الانهيار. وعندما نتحدث عن أخذ المبادرة من سياديين غير فاسدين، فنحن نتحدث عن بناء منظومة جديدة إنقاذية بديلة عن المنظومة المجرمة الحاكمة اليوم، وبذلك نحن لا نشق الصف السيادي بل نوحد الصف على مشروع وطني يقوده رجال شرفاء غير فاسدين ينقذون الهوية اللبنانية التعددية، ويتصدون لكل محاولات عزل لبنان عن محيطه العربي والمجتمع الدولي، فما يقوم به حزب الله وشركاؤه سيقضي على الصيغة اللبنانية الفريدة وعلى هوية لبنان التعددية، لذلك نقول له: سنواجه كل محاولات وضع لبنان في مواجهة مع امتداده العربي وان أصر على عزل لبنان وتغيير هويته، فحينها نقول: اما امساك بمعروف أو تسريح بإحسان”.
وختم: “نقول لمن يدعو اللبنانيين المعترضين على مصادرة قرار بلدهم الى الهجرة: لا انكفاء ولا عزوف، ولا تنحي بل مواجهة حتى النهاية فلبنان لنا”.
اللقيس
بدوره، ألقى إمام مدينة جبيل الشيخ أحمد اللقيس كلمة قال فيها: “في ظل هذه المرحلة الصعبة والحرجة، ندعو دار الفتوى الى أخذ المبادرة في مرحلتين دينية و سياسية: من الناحية السياسة يجب على جميع الأفرقاء السياسيين الإلتفاف حول دار الفتوى وعلى رأسها سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان حفظه الله، لتكوين جبهة صلبة تقف بوجه من يريد تغيير صورة لبنان العربية المتعددة. من الناحية الدينية إعطاء التوجيهات الى الدعاة والمشايخ والخطباء والجمعيات الأهلية الإسلامية الى ملء الفراغ في مجتمعاتنا الشبابية عبر توعيتهم على شرعنا الحنيف بطريقة سليمة وعدم السماح لأي جهة كانت باستغلال طاقات شبابنا والتغرير بهم لأخذهم إلى جهات مجهولة لا تليق بنا أبدا”.
وختم: “ثمة دور كبير ومحوري وأساسي ملقى على عاتقنا من أجل إعادة بناء ما تدمر من مجتمعنا السني والتوجه نحو الهدف الصحيح والسليم وهو ما قلناه وسنبقى نردده دائما: طائفة سنية قوية متينة ومنفتحة على كل المكونات اللبنانية”.
المبادىء
وفي الختام، تلا منسق المنتديات في بيروت باسم حمد “مبادىء المبادرة الوطنية الجامعة لإنقاذ الهوية اللبنانية التعددية”، وقال فيها: “لكي ينهض الوطن من كبوته لا بد من التعاون بين كل مكوناته المتمسكة بصيغته الفريدة، لتحقيق ما يلي:
1- رفض كل مشاريع تفتيت بنية ومقومات الدولة اللبنانية.
2- رفض تحويل مؤسسات الدولة القضائية والأمنية الى اداة مسخرة لظلم الشباب وفبركة الملفات الأمنية لهم.
3- مواجهة كل محاولات السطو على حقوق أي مكون في الوطن والحفاظ على حقوقه وواجباته الدستورية.
4- تحقيق العدالة والمساواة بالحقوق والواجبات بين كل مكونات المجتمع اللبناني إلى أي طائفة انتموا.
5- رفض أخذ البلد رهينة مشاريع وطموحات “تحالف أقليات” خدمة لأجندات خارجية.
6- التمسك بالتنوع الطائفي والمذهبي والاجتماعي والفكري تحت سقف الدولة، ورفض كل مشاريع التطييف والدعشنة وأحلاف الأقليات.
7- رفض تحويل لبنان الى منصة للاعتداء على العرب خدمة لمشاريع إقليمية، ورفض عزل لبنان عن امتداده العربي وعن المجتمع الدولي.
8- رفع الحصانات الطائفية والمذهبية عن الفاسدين وملاحقتهم قضائيا لأي طائفة انتموا.
9- لبنان نموذج حضاري وعلينا الحفاظ على صيغته الفريدة في العيش الواحد”.