إبراهيم فواز نشابة
حوار الطرشان في لبنان ينتهي في “السفارة الأميركية” او في “قصر الصنوبر”، هناك حيث يعود السمع بالقوة، وتلبية الأوامر والدفع باتجاه التسويات التي لا تكون الا على حساب لبنان الدولة والمؤسسات والشعب.. هناك حيث يتم ترسيخ مبدأ التبعية مقابل السلطة.. وبيع البلد مقابل حكم المصرف والالتزام الشرعيّ بحاكمه.. هو لبنان الفاقد للشرعية المؤسسية والفارغ من مضمونه البرلماني الديمقراطي والمقفلة أبواب مؤسساته التشريعية والتنفيذية.. يلفظ أنفاسه الأخيرة على أبواب السفارات والمنظمات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي المتهم دائماً وأبداً بإفقار البلدان التي يستهدفها وتجويع شعوبها..
عشرات اللقاءات والحوارات حولت لبنان طاولة مستديرة يجتمع حولها قادة الانهيار والدمار… من أمراء حرب وفساد وسرقات وصفقات وسمسرات.. تبدأ ولا تنتهي الا بأوراق محروقة لا تشبه الا رماد الحرب..
الدعوة الى الحوار لا تكون الا في مجلس الوزراء وتحت قبة البرلمان .. في مؤسسات الدولة ووزاراتها المختصة.. هناك تلتقي الأقوال مع الأفعال وتنفذ الخطط والاستراتيجيات لتحقيق الأهداف.. هناك ندعو كل مواطن الى المشاركة في البناء والنهضة.. ندعوه الى الثقة بأن الدولة للشعب وليس على الشعب، وأن الشعب عليه أن يأتي بقادة وليس بتجار أرواح.. هناك يكون الحوار الحقيقيّ حين تشارك السلطة مع الناس همومها وحاجاتها ومشاكلها وطموحاتها..
فقط في لبنان يكون الحوار لمناقشة أطماع الدول الكبرى.. وشروطها التعجيزيّة لفك الحصار المالي والاقتصادي.. فقط في لبنان يكون الحوار لتقسيم المغانم والمنافع الزبائنية والطائفية.. واستعادة دور الأحزاب التي تعرّضت للهجوم والانتقاد والاتهامات الشعبية.. أو تحجيم دور أحزاب معارضة أخرى..
كيف يمكن وصف الحوار في لبنان، وهو مجرد بدعة سياسية سلطوية فاقدة للأخلاق والصدق.. وهنا لا بد من القول، إن الحوار هو لغة التوافق والسلام والإنتاج والنهضة.. وهو لا يكون الا لمصلحة البلاد التي لا تكون الا في مصلحة المواطن.. الا أن الحوار في لبنان هو عكس كل ما قاله العلماء والباحثون بأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع مفاهيم مثل الصدق، والاهتمام بالجمهور، والانفتاح، والتعاطف، وعدم التظاهر، والمقاصد النبيلة، وتشجيع حرية التعبير.
وهنا يمكننا الاستشهاد بكينت وتايلور (2002)، لوصفهما الحوار بكونه “توجهاً يضم العديد من المبادئ الشاملة “للحوار”. وتعد هذه المبادئ هي الخطوة الأولى نحو فهم مفاهيم النظرية الحوارية: التبادلية، أو إدراك العلاقات بين المنظمة وجمهورها؛ سواء كانت علاقات منسجمة، أو مؤقتة أو عفوية التفاعل مع الجمهور بـ التعاطف أو الدعم وتأكيد رغبات الجمهور ومصالحه، أو الاستعداد للتفاعل مع الجمهور بحسب متطلباتهم. وأخيراً، الالتزام إلى الحدّ الذي تكون فيه المؤسسة تعطي نفسها أكثر مما تعطي الجمهور”.
أما في لبنان فلا علاقة صادقة بين الدولة وجمهورها ولا انسجام او تعاطف.. بل هي مجرد علاقة مصلحية.. حيث تجتمع الأحزاب الطائفية لمصلحة طائفتها وأزلامها وأتباعها.. وتلبية لأوامر ومصالح الدول التابعة لها.. وهنا قد تختلف التبعية بين مذهبية وسياسية..
في النتيجة يبقى الحوار اللبناني اللبناني في الغرف السوداء هو الأقوى.. وتبقى الدولة سجينة القرارات الإلغائية لمفهوم المؤسسات.. ويبقى الشعب سجين الفوضى الفكرية العقائدية الطائفية..
#موقع_حرمون، #طاولة_مستديرة، #الغرف_السوداء، #الحوار_اللبناني، #الطائفية.