محمود موالدي*
إن زيارة الرئيس الإيراني السيد رئيسي حملت رسائل ودلالات سياسية عميقة آخذة طابع التوضيح والتلميح في عرف السياسة والدبلوماسية غير مسبوقة، وهنا لا نتكلم عن النتائج الهامة في ما خص التلاقي السياسي وردف التجارب المشتركة في مكافحة الإرهاب من جهة والسياسات الأمريكية من جهة ثانية فحسب، بل حملت معالم التنسيق المشترك لتبلور صياغة تكوين جبهة شرقية نموذجية صادة لمحاولات الغرب المستمرة بالتفرد في الشرق وثرواته فاتحة طريق عريض للاستثمار والتعاون لعشرية قادمة في مختلف المجالات، مستكملة معالم التغيير القادم في الإقليم على وجه الخصوص والعالم بشكل عام. لعل منطق القوة الإيرانية وصلابة مواقفها وجمعها لأوراق سياسية رابحة تستثمر في تكامل الجبهة الشرقية كانت نقطة التقاء الرئيسين بوتن ورئيسي، فموسكو في مواجهتها المستمرة مع الولايات المتحدة الأمريكية وخطواتها التصعيدية الأحادية وتحريك موجات الثورات الملونة مضافا لخطوط حلف الناتو المتقدمة نحو السياج الروسي البارد بحكم التجارب السابقة جعل من القيادة الروسية متمسكة أكثر بتمكين العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تشكل تاج قوس في المواجهة مع الخصوم الغربيين والشركاء المنحرفين لموسكو، ناهيك عن التجربة العميقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الميدان السوري وما تحقق وأنجز من مكتسبات، ولم يكن الحليف الروسي غافل عن الحسابات الدقيقة في البحر الأسود وأفغانستان وما يكرس في الخليج، فيما تحتفظ إيران بصكوك ضامنة تحكم ديمومة العلاقة الإستراتيجية والمصلحية طويلة المدى بمصدر قوة واقتدار منقطع النظير، لكن الرسائل المهمة التي أراد الجانب الروسي إيصالها كانت دقيقة في المعيار والزخم، فمجلس (الدوما) الروسي الاتحادي شهد إطلالة مميزة واستقبال أميز، واللقاءات العابرة لحواجز الإفك الغربي كانت الأمان في التصويب، لقد قرأ الحليف والخصم والعدو هذه الزيارة من جوانب مختلفة وبحذر بالغ خاصة في ما يعانيه العدو الصهيوني من خوف وجودي وما تعانيه الولايات المتحدة الأمريكية من ضمور لتمددها في الشرق الأوسط، لكن الملفت في الزيارة هو نشر صورة للرئيس رئيسي في الكرملين وهو يؤدي الصلاة وما تبعها من تعليقات إيجابية وثناء منقطع النظير فما معنى ذلك….؟؟، يحتاج حليفنا الروسي إرسال رسائل متعددة من خلال هذه المشهدية كما تراها الجمهورية الإسلامية الإيرانية رسائل تعبر عن مدى الراحة وعمق العلاقة فيما ينظر لها العدو والخصم بمنظار الجزع، أما الحلفاء فيعرفون قبلة الشرق ومداها، فيما تترنح مشاريع الغرب بالضغوط الظرفية المعاكسة لأجنداتها، تبقى جبهة الشرق في طرق تكوينها على جهوزيتها وتكاملها.
*ناشط سياسي
موقع حرمون