حوار وتنسيق أمل محمد أمين
البشر هم أساس التنمية ولا فائدة من الإنفاق على البنية التحتية إذا لم يكن العنصر البشري على إدارتها على النحو الصحيح، ولبّ التنمية البشرية هو التدريب على مختلف المهارات التطبيقية والنظرية ومنها إدارة الذات ومعرفة نقاط القوة والضعف والخروج من الأفكار التقليدية إلى الابتكار والإبداع، لأن الحديث يتّسع اتجهنا بالعديد من الأسئلة إلى خبير التنمية البشرية والتدريب الدكتور أيمن الدهشان لنجد عنده النصيحة والرأي العلمي الصحيح.
والدكتور أيمن لديه خبرة أكثر من عشرين عاما في التدريب والإدارة وحاصل على الدكتوراه في إدارة الأعمال المهنية – تخصّص تخطيط استراتيجي من الجامعة الأميركية للعلوم بولاية اوريغون، وشهادة امتياز من كلية كامبردج ببريطانيا عن الأعمال التدريبية والتثقيفية على مدار 15 عاماً، كما تقلد العديد من المناصب أهمها مستشار سابق بمجلس النواب المصري ومستشار التدريب والتطوير والتميز المؤسسي للمعهد القومي، والرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة لأكاديمية الحياة للتدريب والاستشارات بالقاهرة..
أجرينا معه هذا الحوار المليء بالمعلومات والنصائح المفيدة ننصح بقراءته..
*في البداية نسأل الدكتور أيمن هل يمكن صناعة القائد أم أن القيادة موهبة لا يمكن تعلمها؟
– قبل أن نتكلم عن صناعة القائد علينا أن نعرف ما هو القائد: “هو شخص لديه القدرة على التأثير في الآخرين وتحريكهم نحو هدف واحد في وقت محدّد ودون توجيه اللوم للآخرين، والقائد غير المدير طبعاً فهناك جزء من القيادة فطري يكون متوارثاً من الأم والأب، والجزء المكتسب يستطيع الجميع أن يتعلمه من خلال البرامج القيادية التي تقوم بها الجهات التدريبية المختلفة لانهم هم من سيحملون المستقبل على عاتقهم. واتمنى ان تكون هناك مراكز حقيقية لإعداد القادة بدلا من وجود مراكز تحت مسميات مراكز إعداد القادة وليس بها قادة، وأن تكون صور القادة منتشرة في كل مكان من أنحاء الجمهورية بالكامل حتى تكون لنا ولكل الطلاب قدوة. الآن أصبح المجتمع يتخذ له قادة من على السوشيال ميديا من الغناء الشعبي الهابط؛ وهذا مؤشر يدل على أن شبابنا مستهدفون من قبل مجموعات معينة لتدمير قيم المجتمع الأصيلة التي تربينا عليها خلال العصور الماضية. بمصر الحضارة والتاريخ يجب أن يكون لها قادة مثل الشاب والنموذج محمد صلاح لأنه قائد وملهم للشباب لأنه استطاع التأثير في الآخرين في وقت قليل وعندما رأيناه في مباراة أنجولا والجمهور الأنجولي نزل إلى أرض الملعب واستقبلهم محمد صلاح بالأحضان، وكان هذا الأمر مقلقاً لكنه دور القائد الذي يريد التأثير في الآخرين.
من هذا المنطلق علينا أن تكون مناهجنا موجهة للقيادة وأن تكون مواد التعليم العالي موجهة لصناعة القادة، بل يجب أن تكون هناك برامج مجانية لصناعة القادة وتساعد الدولة المصرية في بناء الشخصية المصرية التي يحلم بها السيد رئيس الجمهورية.
*ما هو البرنامج الذي تتمنى أن يكون ضمن خطة التدريب في كل الوزارات والمؤسسات؟
– من خلال تجربتي في التدريب مع العديد من الجهات سواء داخل مصر أو خارجها أستطيع ان اقول اننا ينقصنا العديد من المهارات الادارية. وسأتكلم هنا عن الكيان الاداري في مصر. فالموظف المصري ينقصه العديد من المهارات الادارية ومنها القدرة على التخطيط وتنظيم العمل وتعامله في بيئة العمل ومع زملائه وطريقته في إدارة وقته. هناك أيضاً مهاراته الشخصية وكيفية تعامله مع الازمات ومع الاوقات الصعبة وعدم قدرته على التخطيط الاستراتيجي. وهناك العديد من الموظفين لا يعرف ما هي رؤيه الدولة. ويؤسفني أن أقول إن بعض الموظفين الذين يشغلون مناصب رفيعة في الدولة لا يعرفون رؤية مصر 2030، وبالتالي علينا جميعاً تنمية المهارات الإدارية للجهاز الإداري للدولة، وانا قدمت مقترحاً في 2016 للدكتور علي عبد العال وكان رئيس مجلس النواب آنذاك بإنشاء وزارة للتنمية الإدارية لا تكون خاضعة لجهة محددة وتكون مهمتها تنمية مهارات 6 ملايين موظف يعملون في الجهاز الإداري للدولة، وتنمية المهارات الشخصية للموظف والتي تشمل مهارات التعامل مع المدير، ومهارات حياتية مثل مهارات الاتصال والتفاوض والعديد من المهارات الشخصية التي ستساعده مثل مهارة ادارة الوقت وادارة الذات التي من شأنها تكوين موظف كفء يستطيع مواجهة كل التحديات ويستطيع تحقيق رؤية مصر 2030 وتحقيق أهداف مصر في التنمية المستدامة التي تسعى الدولة الى تحقيقها ولا يمكن تنفيذها على ارض الواقع دون الاستثمار الامثل في الموارد البشرية بشكل منظم ومخطط واضح.
بالنسبة لملف الذكاء العاطفي، وهذا من الموضوعات التي اتمنى ان تكون ضمن الكتاب الدراسي للتلميذ. فنحن الآن لدينا بيئة الاختلاف في الرأي وبيئة التعصب والتميّز وأصبحنا لندرك ما هي هويتنا وهناك كتاب قويّ في مجال الذكاء العاطفي انصح به القراء وهو كتاب دانيال جار وهو المؤسس او الاب الروحي لمفهوم الذكاء العاطفي، وهو يوضح ان الذكاء العاطفي يسير على خمس مراحل أولها الوعي الذاتي اي ان يعرف الانسان ماذا يحب وماذا يكره وماذا لا يستطيع ولا يستطيع إدارة رغباته في العمل وفي اي مجال بمعنى من الضروري ان يعرف الانسان حادثه واحدة الصومعة التي بنتها عبر السنين قد اهتزت بسبب موظف لم يستطع ان ينظم ذاته او يدير انفعالاته فأصبح يتسبب في ضياع سنوات من العمل في لحظه واحدة. وتحليلي للموقف ان هذا الموظف ليس لديه ذكاء عاطفي وعندما طلب منه العميل أداء خدمة كان بطيئاً في التعامل معها فصار العميل وبدلاً من ان يمتصها غضبه تحول الموقف الى صراع وصل الى قناة الـ بي بي سي وكتبت عنه معظم القنوات المصرية. وهذا يوصلنا الى النقطه الرابعة أنه يتحكم في عواطفه فهو عندما يحب شيئاً اقصد ان عقلنا عندما يكون لديه رغبة في شيء مثل الاكل والشرب والخروج والسفر لكن الشخص الذي يمتلك ذكاء عاطفياً يستطيع ان يدير تلك الرغبات بشكل يجعله انجح ويحتفظ بمشاعره حتى يأتي الوقت المناسب لإظهار عاطفته. النقطة الأخيرة هي المهارات الاجتماعية بمعنى اكتساب احترام الآخرين ومساعدتهم والقدرة على التأثير فيهم والأهم اساليب التعامل مع المواقف الصعبة او المختلفة في التصرف مثلاً في صناديق العصر إيجاب في حياة الانسان.
*بماذا تنصح الشباب الذي يرغب في إنشاء مشروع؟
– نصيحتي للشباب أن يبعدوا عن المثل الذي يقول إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه. اليوم مصر من الدول التي تشجع رواد الأعمال بشكل كبير جداً وأنشأت رواد مصر 2030 وحصلت لها على جوائز في مصر وأصبحت من الدول التي تشجع ريادة الأعمال ولدينا أقرب مثال شركة سويفل أنشأها مجموعة شباب مصريين وهي شركة متخصصة في النقل واليوم هذه الشركة من أكبر الشركات في العالم.
لذلك لكي تفتح مشروعاً عليك ان تعرف امكانياتك جيداً من البداية. على الشاب أن يقيم نفسه وامكانياته وان يعرف نقاط قوته وضعفه ويجب أن يراجع الشخص مهاراته لأن المهارات التي يحتاجها السوق بالأمس ليست المهارات نفسها التي يحتاجها اليوم، فكل يوم الاحتياجات تختلف لذلك اول نصيحة أوكد عليها حدّد قدراتك واعرف ما هي المهارات المطلوبة لسوق العمل. النصيحة الثانية اختار فكرة تناسب العصر مثلا ممكن اختيار فكرة بيع لحوم ودواجن وخضار أونلاين ووعمل منصة إلكترونية ثم اختيار وسيلة نقل مناسبة لها. هذه البضائع بمعنى ان تكون انت وسيطاً لنقل وتوصيل تلك البضاعة ولكن ليس بالضرورة أن تكون البضاعة بضاعتك، النصيحة الثالثة خطه العمل يجب ان تعمل وفق action plane محكمة اي ان تقوي مهاراتك الفنية في أي مجال سوف تعمل فيه وهو امر ضروري قبل ان تعمل في هذا المجال عليك أن تبحث فيه او تعمل فيه لمدة ساعة لمدة سنة حتى تمتلك المهارة الكافية، النصيحة الخامسة أن تمتلك المهارات الادارية، والقدرة على التخطيط والتنظيم والمراقبة والقيادة، يجب أن تكون لديك تلك المهارات الادارية لأن الفشل دائماً يأتي من عدم امتلاك هذه المهارات او لعدم قدرتك على التسويق او بسبب عدم تدريب الطاقم الفني او سوء اختيار المنتج، النصيحة السادسة ممكن تقوم بإنشاء مكان لرواد الاعمال تناقشون فيه الأفكار ويكون هذا مقابل رسوم بسيطة، تسجيل كل الأفكار التي من خلالها يمكن البدء في مشروعك، ومن المفيد أن تعرف ماذا يريد المجتمع وإياك الاستهتار في الأفكار وعدم تسجيلها والبحث عن النقد البناء، البحث عن أفضل مكان لبدء المشروع، البحث عن افضل العناصر البشرية، البحث عن افضل تمويل ممكن، وإذا كنت بحاجة للتمويل فهناك جهاز تمويل المشروعات والبنوك، والقراءة عن تحديات رواد الأعمال، قيّم مشروعك باستمرار. اعمل ميزة تنافسية باستمرار، و اختار استشارياً في ادارة الاعمال، وتذكر انه ليس بالضرورة أن تبدأ بالشكل الذي تتمناه ولكن أستمر في الحلم حتى تتحقق ما تتمناه، وابحث عن فرصة التعلم في كل محنة تواجهك، واعمل على تنمية إيمانك وشجاعتك ومرونتك واصل طريقك ولا تتوقف أبداً مهما حصل.
*هل تعتقد أنه سيأتي يوم ويصبح المواطن الذي يتلقى الخدمة الحكومية مثل الزبون أو العميل في القطاع الخاص؟
– يحزنني ويحزن المواطن المصري أن يسمع كلمة الموظف المصري أنه لا يمكن فصلي من العمل على الرغم من أن المادة 61 من قانون العمل لسنة 2016 تقول إنه لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيماً ويندرج تحت الخطأ الجسيم الذي يدركه المواطن المصري أي أنه عندما يقوم المواطن المصري بالشكوى من أحد الموظفين يجب على الدولة ان تقوم بالتحقيق في مثل هذه الأمور حيث قام جهاز حماية المستهلك مؤخراً بطلب موظفي إحدى الشركات لتعديهم على عميل أثناء تأدية الخدمة.
وفي الجهاز الحكومي نجد بعض الموظفين يقومون بتعطيل سير العمل فكيف يستطيع المواطن أن يأخذ حقه من هؤلاء الموظفين وأيضاً من المفترض فصل الموظف إذا ضبط في حالة سكر أو تعاطي المخدرات.
إن مصر تمر بنهضة شاملة. وهذا عصر مرونة ويجب أن يكون لدينا مرونة في تطبيق القانون وأن تتم معاملة المواطن على أنه عميل لدى الموظف يجب ان يكون لدينا هذا الشعار أنت عميل لدينا وشريك نجاح معانا. أتمنى أن تكون هذه المعطيات لدينا في داخل الجهاز الحكومي، لأننا في بعض الجهات الحكومية نجد أن الموظف هو العميل داخل المصلحة الحكومية وليس المواطن.
فالقاعدة تقول إن المواطن يجب أن يتعامل أفضل من هذا، وبالتالي أتمنى أن يتم تفعيل هذا القانون بمعاقبة الموظف الذي يقوم بتعطيل أعمال المواطنين وأيضاً لا يقوم بتيسير أموره لأن المواطن هو البطل الحقيقي لما تقوم به الدولة من إنجازات ودائماً يكرر الرئيس السيسي “المواطن المواطن على الحق”.
#موقع_حرمون، #ذكاء_عاطفي، #د.أيمن_الدهشان، #مصر، #عبدالفتاح_السيسي، #رواد_اعمال، #سويفل. #أمل_امين.