د.يوسف رزقة*
مرت على مؤتمر مدريد الذي مهد لاتفاقية أوسلو ثلاثون عاما. كان مؤتمر مدريد قد انعقد تحت رعاية دولية بقيادة أميركا ومشاركة دول عربية ومنها مصر والأردن. ثلاثون عاما مرت على المؤتمر وما زال رئيس سلطة فلسطين يبحث عن الرعاية الدولية التي انتهت منذ فترة بعد إجراء السلطة لمفاوضات مباشرة مع دولة الاحتلال؟!.
الرعاية الدولية وضعت منظمة التحرير على عتبة المفاوضات المباشرة، إذ أن المباشرة كانت هدفا طالبت به دولة الاحتلال، وساعدتها أميركا للوصول إليه، وعملت على إنهاء الرعاية الدولية، لاسيما بعد قبول السلطة بالرعاية الأميركية بشكل منفرد.
ومن المعلوم أن إميركا في عهد ترامب تخلت بشكل صريح عن رعاية المفاوضات المباشرة، وانحازت (لإسرائيل) حيث حملت السلطة مسئولية تعطل المفاوضات، لأنها لا تقدم تنازلات كافية ترضي (إسرائيل) والبيت الأبيض. وكلنا يذكر عملية محاصرة عرفات بموافقة أميركا، حيث وصفة الإعلام الإسرائيلي بأنه لم يعد ذا صلة ؟!.
حين حوصر عرفات في المقاطة لفترة طويلة لم يتصل به أي من الزعماء العرب مواسيا أو مخففا،أو مقدما مساعدة ما. ؟! ومات عرفات اغتيالا ولم يهتم رعاة مؤتمر مدريد للسلام بموته، ولا بالاتهامات التي تقول إنه مات اغتيالا بالسم، بيد إسرائيلية وأخرى ربما فلسطينية؟!
مع كل ما تقدم يواصل رئيس السلطة محمود عباس السير بالمنهج القديم وعلى الموقف القديم والنمط القديم ويطالب في رسالته للأمم المتحدة في اجتماعها أمس بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطين بتوفير رعاية دولية لاستئناف المفاوضات مع الاحتلال؟! يقول عباس في كلمته التي ألقاها مندوب فلسطين في الأمم المتحدة نيابة عنه” بعدمرور (٣٠) عاما على مؤتمر مدريد للسلام نحن على قناعة أكثر من أي وقت مضى إلى الرعاية الدولية. الرعاية الدولية ضرورية لتحقيق السلام؟!”
مطلب الرعاية الدولية لم يعد مطلبا مقنعا، فكم مرة دعى محمود عباس لمؤتمر دولي ولم ينعقد، لأن (إسرائيل) ترفض فكرة المؤتمر الدولي من جذورها، وترفض تدخل الآخرين في شأن المفاوصات. وكم مرة طالب عباس بمؤتمر تحت رعاية الرباعية الدولية لاستئناف المفاوضات، ولم يستجب لطلبه أحد، لأن (إسرائيل ) ترفض تدخل الرباعية في شأن المفاوضات، لأنها لا تريد أن تستقبل ضغوطا من الغير لتقديم تنازلات للفلسطينيين.
عباس يعلم هذه الحقائق الدامغة، ويعلم ما هو أصعب وأعقد، ومع ذلك يستمر بمطلبه العبثي ، لأنه لا يريد مراجعة موقفه من المفاوضات ومن الرعاية، ولا يستمع للنصائح التي يقدمها له المشفقون على القضية الفلسطينية، والقائلين بضرور الاستدارة الكاملة أو شبه الكامله عن كل القديم الذي لم يحقق للفلسطينيين مصالحهم الأساسية رغم مرور (٣٠) عاما على مؤتمر مدريد للسلام.
الرعاية الدولية غير مجدية حين تكون الذات الفلسطينية عاجزة، والمفاوضات المباشر غير مفيدة في ظل ضعف السلطة، وعجزها عن مقاربة البدائل، وإعطاء عباس مهلة سنة (لإسرائيل) والعالم هو تهديد تسخر منه (إسرائيل) وأميركا أيضا؟! من يريد مراجعة موقفة، وتحقيق الاستدارة المناسبة لا يقوم بالتهديد، بل يفعل ما يريد بدون تهديد؟!
*كاتب وباحث فلسطيني
موقع حرمون